التاسع من نوفمبر 1933.. يوم من الأيام السوداء في تاريخ الشعب الألماني, فهو يوم انطلاقة الديكتاتورية النازية التي استمرت 12 عاما وراح ضحيتها حوالي 60 مليون إنسان لقوا حتفهم ما بين الحرب ومعسكرات الاعتقال, واقتسم الحلفاء المنتصرون ألمانيا إلي ألمانيا الديموقراطية بدعم من الاتحاد السوفييتي وألمانيا الاتحادية بدعم من دول الغرب.
وبدأت الحرب الباردة, وفي أثناء الفترة من عام 1949 حتي عام 1961 هرب حوالي 2.1 ملايين إنسان من ألمانيا الديموقراطية, فقامت حكومة الحزب الشيوعي بإغلاق الحدود في 13 أغسطس عام 1961, وأقامت جدارا يفصل تماما بين شطري ألمانيا, وتحول هذا الجدار إلي شريط للموت لكل من يحاول الهرب منه علي مدي 28 عاما. ولكن التاسع من نوفمبر يأتي مرة أخري علي صفحات التاريخ ليمحو آثار الأيام السوداء حيث انهار جدار برلين في ذلك اليوم من عام 1989.
وتحت ضغط شديد من الشعب اضطرت ألمانيا الديموقراطية إلي فتح المعابر نحو الغرب وفي تلك الليلة تدفق آلاف المواطنين من ألمانيا الديموقراطية إلي غرب برلين, حيث قام حرس الحدود الشرقيين بفتح المعابر والنقاط الحدودية, حتي دون حصولهم علي تعليمات واضحة لفتح الحدود.
من هنا بدأ الطريق لتوحيد شطري ألمانيا الذي تحقق عام 1989 وأصبح هيلموت كول أول مستشار اتحادي لألمانيا الموحدة وأصبحت برلين هي العاصمة.
والآن وبعد انقضاء 20 عاما علي سقوط سور برلين, يتقاطر آلاف الزوار علي متحف نقطة تفتيش شيك بوينت شارلي الذي يقع علي بعد أمتار قليلة من المكان الذي واجهت فيه الدبابات الأمريكية والروسية الغاضبة بعضها البعض في خضم الحرب الباردة.
المتحف يعرض لبعض أشد حالات الهروب غرابة تلك التي وقعت طوال تاريخ السور الذي امتد علي مدار 28 عاما والأساليب البغيضة التي استخدمت من قبل نظام ألمانيا الشرقية لمنع مواطنيه من الفرار من الدولة الشيوعية.
عند التقاطع الكائن بحي كروزبرج الذي يقطع شارعي كوخشتراسه وفريديشتراسه يتراءي كوخ أبيض كان نقطة تفتيش أمريكية قديمة ويقف هناك رجلان يرتديان زيا رسميا علي سبيل المحاكاة إرضاء لطلبات السياح للتصوير.
وحيث كان جنود من القوي الغربية ينظرون من أعلي نحو جنود حرس الحدود في ألمانيا الشرقية التي علت الكآبة وجوههم, توجد ثمة حافلات الآن تحتشد بالسياح الذين يصوبون عدسات التصوير الخاصة بهم علي نقطة العبور القديمة بالمدينة في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية.
غابت عن المشهد الراهن أبراج المراقبة, وكذلك المتاريس المتعرجة التي كانت تستخدم في إفشال محاولات الهروب السريعة, وبدلا منها ارتفعت الأبراج السكنية والإدارية حاجبة أجواء حرب التجسس العالمية في الستينيات.
كما يرتفع في المكان نصب بيتر فيشتر ابن الـ18 ربيعا الذي قتل بالرصاص بينما كان يحاول تسلق الجدار من مكان لا يبعد كثيرا عن دار نشر سبرنجر في 17 أغسطس عام 1962.
يقدم المتحف الذي أسسه عام 1963 لراحل راينر هيلدبرانت عرضا تاريخيا شاملا لمحاولات الهروب من ألمانيا الشرقية.
يجول السياح عبر الطوابق المختلفة للمتحف يتأملون في ذهول المصعد المطور الذي يتخذ شكل مقعد الذي تمكنت أسرة من 3 أفراد عن طريقه من تسلق السور عام 1965 والسيارة الأوبل, التي يعلوها الصدأ, ذات الأبواب المدربعة الخرسانية التي أوصلت خمسة أشخاص إلي الغرب سالمين عام 1961 أو صور فوتوغرافية لعربة خشبية استخدمت لإزالة مخلفات قذرة من نفق بطول 145 مترا فر عبره 57 لاجئا عام 1964.
ورغم أنه لا توجد أجزاء من السور في برلين إلا أن اليوم يمكنك أن تجد أجزاء من صور برلين في واشنطن وهونولولو وكوستاريكا وطوكيو لكن في برلين عليك أن تبحث بدأب ومثابرة حتي تجد آثارا للسور المناهض للفاشية كما كان يطلق عليه الشيوعيون.