لا يوجد بلد يخلو من المشاكل…كلمات قالها سعادة السفير عبد المنعم مبروك سفير السودان بالقاهرة ومندوبه الدائم بجامعة الدول العربية موضحا أن الصراعات التي تحدث في السودان غير مؤثرة علي مناخ الاستثمارات خاصة وأن الاقتصاد حقق معدل نمو مبلغ حوالي7%العام الماضي.وأشار مبروك إلي أن السودان يرحب بالاستثمارات الأجنبية عامة والمصرية خاصة في مختلف المجالات وتحديد الأمن الغذائي لأن السودان قادر علي توفير المنتجات الغذائية التي تحتاجها مصر.وأكد أن الوحدة مع الجنوب تتم عن طريق التنمية وليس القوة.
عن السودان ومشكلان والاستثمارات الأجنبية وقضية التعداد السكاني والتقدم في تنفيذ اتفاقية الحريات الأربع مع مصر…أجرتوطنيمعه هذا الحوار.
*ما أولويات مهام منصبك, وما أجندة عمل السفارة السودانية في القاهرة؟
**هناك الكثير من المهام التي تشغلني منذ أن توليت منصبي. وأجندة عمل السفارة متشعبة وواسعة, يأتي علي رأسها تطوير ودعم العلاقات الثنائية بين السودان ومصر. ومعروف أن هذه العلاقات تقوم علي ثوابت وتهدف إلي إقامة شراكة استراتيجية في كافة مجالات التعاون.
فضلا عن ذلك توجد علاقات قوية تربط الرئيسين المصري والسوداني بالاضافة إلي تعاون بعض المؤسسات والوزارات التي تعمل وفقا للجنة العليا المشتركة التي يرأسها من الجانب السوداني علي عثمان طه نائب الرئيس السوداني والدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء من الجانب المصري, والتي تعقد سنويا بين البلدين بالتناوب, وكان آخرها في مايو العام الماضي. وسيعقد اجتماع اللجنة في 21 إلي 26 مايو الحالي.
وهناك الكثير من الأولوليات لإقامة علاقة شراكة بين البلدين, والتي تتلخص في ثلاثة محاور, الأول في مجال البنيات الأساسية, خاصة في مجالات بناء الطرق والنقل وتطوير المجري الملاحي والربط الكهربائي. هناك طريقان بريان أوشكا علي الاكتمال سيربطان السودان بمصر, والطريق الساحلي والطريق عبر حلفا والذي سيكتمل قريبا. وهناك جهودا لتطوير النقل النهري.
والمحور الثاني يتعلق بالتعاون في مجال الأمن الغذائي بشقيه النباتي والحيواني, خاصة وأن السودان بلد زراعي خصب, يتوفر فيه مناخ زراعي متنوع بخلاف مشروعات الإنتاج الحيواني.
أما المحور الثالث فيتعلق بتدريب وتنمية القدرات البشرية بجانب التنمية في مجال التجارة والاستثمار خاصة وأن الاستثمارات بين البلدين دون الطموح. ونسعي خلال المرحلة المقبلة إلي تطوير التبادل السلعي وفقا لارتفاع معدل النمو الذي بلغ 7% واستقرار صرف الجنيه السوداني وصدور قانون جديد للاستثمار.
كما أني أري أن البيئة مناسبة للاستثمار بين مصر والسودان في مجالي الطرق والاتصالات, بالإضافة إلي تدفق العمالة المصرية علي السودان مع تطبيق اتفاقية الحريات الأربع وتنامي التجارة الحدودية والمشروعات التنموية في السودان.
وأشير هنا تبنامي الاستثمارات المصرية في السودان في تنامي ملحوظ, حيث وصلت إلي 750 مليون دولار وذلك بعد استقرار الأوضاع والظروف السياسية. ونحن الآن نبني جسورا للتواصل بعد الارتفاع الجنوني للأسعار ومعاناة المصريين في الحصول علي غذاء غالي الثمن. والسودان يستطيع توفير احتياجات مصر من الغذاء والمواد النفطية.
*أين وصلت الجهود بالنسبة لاتفاق الحريات الأربع بين مصر والسودان؟
** تنفيذ اتفاق الحريات الأربع بين مصر والسودان والتي تشمل حرية التنقل, والإقامة, والعمل والتملك, يسير بصورة سلسلة, ولا يمكن الجزم بأنها تأخرت والجهود التي تبذل من اللجان الفنية المختصة جميعها تبشر بالخير, وهناك بعض المعوقات يتم تفاديها. وإن كنا لا نخفي أنه في علاقتنا مع مصر نطمح للأفضل. ولا يفوتنا الإشارة في هذا الصدد إلي الترتيبات الجارية الآن لعقد الدورة السادسة للجنة العليا برئاسة وزيري التعاون الدولي في البلدين, كما تبذل الجهود الآن علي كافة المستويات, بالإضافة إلي الترتيب لعقد منتدي للاستثمار في السودان لزيادة التعاون التجاري خصوصا وأن حجم الاستثمار المصري السوداني مليار دولار, وتوسيع وزيادة حجم التبادل التجاري بين الجانبين خاصة عبر الطرق البرية, وتوسيع طرق النقل النهري وكذلك تبادل الخبرات في مجال الري.
*ماذا تحمل أجندة اللقاء المرتقب بين علي عثمان طه ورئيس الوزراء د.أحمد نظيف نهاية مايو الجاري بالقاهرة؟
** أولا هذا اللقاء يأتي ضمن سلسلة لقاءات دورية بين الجانبين وتستهدف مراجعة تنفيذ الاتفاقات الموقعة من قبل, وتوقيع اتفاقات جديدة ومراجعة موقف تنفيذ القرارات التي اتخذتها اللجنة العليا المشتركة في مجال البنية الأساسية والأمن الغذائي والتدريب.
*ما هي طبيعة العقبات التي تعرقل اتفاق الحريات؟
** اعتقد أن الإدارة السياسية الجادة لدي الجانبين كفيلة بأن تذيب أي عقبات, والبرنامج الزمني يتم إنجازه بشكل صحيح من أجل تعزيز التكامل بين البلدين للوصول إلي إقامة علاقات استراتيجية نموذجية تقوم علي شراكة اقتصادية واستثمارية وتجارية.
مشكلة دارفور تضخيم إعلامي
* تحدثت كثيرا عن البيئة المستقرة للاستثمارات في السودان ألا تري أن السودان يعاني في بعض مناطقه كدارفور من عدم الاستقرار مما يعني هروب المستثمرين؟
** إن الصراع في إقليم دارفور ما هو إلا صراعا قبليا بسبب النزاع والتنافس علي الموارد الطبيعية من مياه ومراعي, كما أن هناك بعض القوي الخارجية التي تعمدت إلي تسييس هذا الصراع لتمرير أجندات خارجية, ولكن في النهاية قضية دارفور ما هي إلا قضية تنمية.
وهناك تضخيم إعلامي لقضية دارفور فالأوضاع هادئة الآن في ظل الجهود المبذولة للتوصل إلي تسوية مشاكل الفصائل المنشقة وتوحيدها للتوصل إلي السلام.
فالسودان أصبح الآن يتمتع بالاستقرار مما جعل دول كثيرة تقبل علي الاسثتمار في السودان, فمثلا الصين تصدر نحو 500 ألف برميل نفط يوميا من النفط السوداني بخلاف الاستثمار في مصافي النفط وأنانيب النفط التي تعد الأطول في المنطقة العربية بواقع 1600 كيلو متر فضلا عن الاسثتمارات القطرية والسعودية والمصرية والأمريكية.
فالسودان يتمتع بوفرة في الموارد واسثتمارات ضخمة خاصة في إنتاج الكهرباء. لذلك لا يستقيم أن نتحدث عن عدم استقرار في السودان يجعله يعاني من الفقر أو من بيئة غير صالحة للاستثمار بسبب أحداث دارفور والتي حدث فيها استقرار نسبي بعد توقيع اتفاقية أبوجا 2006 وبعد أن تدخل المجتمع الدولي وجامعة الدول العربية لحل مشكلة دارفور وتوحيد الفصائل التي انشقت إلي 36 فصيلة. موضوع عدم استقرار السودان غير صحيح ويعتبر تضخيم إعلامي, فيكفي ازدياد معدل النمو في السودان وتطور الاستثمارات بالسودان. ولا توجد بلد في العالم لا يخلو من المشاكل.
* سعادتك مندوب السودان الدائم في جامعة الدول العربية, هل تري أن الجامعة قادرة علي حل أزمات السودان؟, ولماذا لم تحل حتي الآن؟
** جامعة الدول العربية لها دور مهم في أحداث السودان, حيث كانت الجامعة لها الدور الأكبر في توقيع اتفاقية السلام بين الشمال والجنوب بخلاف دورها في القضايا الإنسانية والاقتصادية. كما أن الجامعة لها دور في دعم الاقتصاد والتجارة.
*تقييمك لأخر الأحداث في السودان حول التعداد السكاني, والمشكلة بين الشمال والجنوب؟
** كانت هناك بعض الخلافات بين الشمال والجنوب حول بعض القضايا ولذلك تم تأجيل التعداد السكاني من 16 أبريل إلي 22 أبريل الماضي.
* كيف سيتم التعداد ولا يوجد حدود معترف بها بين الشمال والجنوب وخاصة منطقة أبيي؟
**التعداد ليس له صلة بالحدود وهو سيساعد كثيرا في تنمية وإعمار السودان وتحديد موارده واحتياجاته.
مشكلة أبيي مشكلة قديمة وتحاول الحكومة حلها ضمن تنفيذ اتفاقية السلام بنيفاشا بين الشمال والجنوب, وقد تم إحالة هذه القضية إلي مؤسسة الرئاسة التي يرأسها عمر البشير ونائبيه لحل مشكلة النفط وترسيم الحدود بين الشمال والجنوب وحل مشكلة القبليتين الدينكا أنقوك والمسيرية للعيش معا.
ستعمل اللجنة الرئاسية أيضا علي حل مشكلة الحدود التي كلف بها خبراء ولكنهم فشلوا في ترسيم هذه الحدود, لذا أحيلت هذه القضية برمتها إلي مؤسسة الرئاسة التي تعد أعلي سلطة في السودان.
* هل توجد إحصائيات حول أعداد السودانيين الموجودين في مصر؟
** لست أعرف بالتحديد تعداد الجالية السودانية في مصر; لأن هناك تداخل سكاني بين مصر والسودان وخاصة علي الحدود بين منطقة النوبة المصرية والسودانية خلال فترات متباعدة.
* هل هناك تعاون بين سفارة السودان بالقاهرة ومكتب اتصال حكومة جنوب السودان في القاهرة؟
** هناك بالطبع تعاون مستمر وكامل بين السفارة السودانية ومكتب اتصال حكومة الجنوب في القاهرة. ولا يوجد تعارض مطلقا بين عمل كل منهما, فهناك تكاملا ودعما في تنفيذ بعض الاتفاقيات والتمثيل الدبلوماسي. كما أن سفارة السودان لكل السودانيين شمالا وجنوبا.
* ماذا عن مشكلة مثلث حلايب وشلاتين المتنازع عليها بين مصر والسودان؟
** قضية حلايب ليست مشكلة لكنها اتفاق مشترك بين مصر والسودان, فهناك اتصالات بين البلدين لتنظيم هذه المنطقة التي تعد منطقة تكامل وليست منطقة نزاع خاصة بعد التوصل لتنفيذ اتفاقية الحريات الأربع.
* بعد مرور نصف الفترة الانتقالية لاتفاقية السلام بين الشمال والجنوب والتي ستنتهي في عام 2011, هل تري أنها تتجه نحو الوحدة أم الانفصال؟
** متفائل نحو الوحدة حيث أن اتفاقية السلام تتحدث عن السلام وعن الوحدة الطوعية والربط الكامل بين الشمال والجنوب, والذي يسعي للتواصل لا للانفصال, وليست الوحدة التي تأتي عن طريق القوة. وأنا لا أعتقد أن هناك انفصالا سيحدث عام 2011; لأن الوحدة لها فوائد أكثر من الصراعات التي ستحدث بالانفصال, فالوحدة مصالح مشتركة قائمة علي أرض الواقع والوحدة تعزز الاستقرار فلابد أن نعمل علي تعزيز خيار الوحدة من خلال الاستثمارات وبذل جهود السلام. ولا أحد يستطيع أن ينكر أن خيار الوحدة يأتي بعد تنمية الجنوب والاهتمام به وليس عن طريق شعارات أو بالقوة.