يدور صراع خفي ودقيق الآن حول ما إذا كان يتعين تولي حلف شمال الأطلسي قيادة العمليات العسكرية في ليبيا, لكن ما يناسب الولايات المتحدة وفرنسا أكثر أن يبقي الحلف بعيدا عن الأضواء.
يقول دبلوماسيون إن واشنطن التي تعمل علي الخروج من حربين أخريين في العالم الإسلامي تريد ألا تظهر في الصورة قدر الإمكان في الصراع الدائر في شمال إفريقيا علي الرغم من سيطرتها بهدوء علي نصيب الأسد من الهجمات الصاروخية والجوية حتي الآن.
وقال البيت الأبيض إنه يسعي إلي نقل قيادة تنفيذ منطقة حظر طيران فوق ليبيا لآخرين خلال أيام وليس أسابيع, وقال وزير الدفاع الأمريكي روبرت جيتس إن المهمة قد توكل لقيادة فرنسية بريطانية أو لحلف شمال الأطلسي.
وتري فرنسا أن توليها القيادة لحلف شمال الأطلسي الذي تقوده الولايات المتحدة سيبعد عن العالم العربي القلق بالفعل من موجات القصف الأولي.
وقال وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه إن الجامعة العربية لا تريد أن توضع العملية برمتها تحت إمرة حلف شمال الأطلسي,فلم يكن الحلف هو الذي أمسك بزمام المبادرة حتي الآن, وأن تحالفا من الدول هو الذي يقود العملية, لذلك فإن السيطرة السياسية… يمارسها التحالف الذي تشارك فيه دول عربية ومن أمريكا الشمالية وبلدان أوربية, والحلف قد يلعب دورا في التخطيط والتنفيذ مع تطور العملية.
وقال مسئولون فرنسيون إن قطر والإمارات العربية المتحدة اللتين تقدمان مشاركة سياسية عربية ضرورية في التحالف ضد الزعيم الليبي معمر القذافي ما كانتا لتشاركان لو أن حلف شمال الأطلسي هو الذي يقود العملية.
لكن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون قال إن الهدف هو أن تنتقل قيادة العملية إلي الحلف.
أما إيطاليا التي فتحت قواعدها الجوية أمام عملية التحالف في ليبيا والتي تستضيف مقر القيادة الجنوبية لحلف شمال الأطلسي فقد عبرت بوضوح عن رغبتها في نقل قيادة تنفيذ منطقة حظر الطيران فوق ليبيا بتفويض من الأمم المتحدة إلي حلف شمال الأطلسي.
قال وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني إن روما ستستعيد سيطرتها علي قواعدها ما لم يتم الاتفاق علي هيكل من داخل الحلف يتولي تنسيق العملية.لكن روما غيرت نبرتها من قبل فيما يتعلق بالمشاركة في العملية.
وأرسلت النرويج العضو في حلف شمال الأطلسي ست طائرات مقاتلة إلي جزيرة كريت للانضمام إلي التحالف لكن وزير دفاعها قال إنها لن تشارك في العملية إلي أن يوضع هيكل قيادي فعال يتسم بالشفافية في إشارة فيما يبدو إلي حلف شمال الأطلسي.
قال جوناثان إيال مدير الدراسات في المعهد الملكي للخدمات الموحدة في لندن,المشكلة في إشراك حلف شمال الأطلسي بسيطة للغاية,فمن المحتمل أن يكون غالبية الأعضاء الأوربيين متشككين بشدة في هذه العملية.
وأضاف: ألمانيا وتركيا وجميع الأعضاء الجدد تقريبا من دول شرق أوربا الشيوعية السابقة تساورها الشكوك بشأن فاعلية التدخل أو لاتري سببا لمشاركة حلف شمال الأطلسي في عملية في شمال إفريقيا مخاطرا بإضعاف مهمته الرئيسية وهي الدفاع عن القارة الأوربية.
وغياب حلف شمال الأطلسي وعزوف الولايات المتحدة الواضح عن الانسياق إلي حرب أهلية تتكشف في دولة عربية ربما ساعد فرنسا وبريطانيا علي حشد التأييد لقرار الأمم المتحدة.
ولم تستخدم روسيا أو الصين حق النقضالفيتولكنهما سارعتا بانتقاد أولي العمليات العسكرية ربما حرصا علي كسب نقاط لدي الرأي العام والحكومات في دول العالم النامي.
شبهت صحيفة الشعب الصينية الناطقة بلسان الحزب الشيوعي الحاكم الضربات الجوية علي ليبيا بتلك التي تعرض لها العراق علي مدي ثماني سنوات, وتتمسك موسكو وبكين بشدة بمبدأ عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول ولدي كل منهما سبب للخوف من التأييد الخارجي لمناطق أو أقليات منشقة باسم المباديء الإنسانية.
وتحركت ألمانيا بسرعة لتعويض حلفائها الغربيين عن شقها للصف وامتناعها عن التصويت علي القرار الخاص بليبيا بعرض تكثيف مراقبتها الجوية في أفغانستان لتفسح المجال أمام الاستعانة بطائرات غربية أخري مزودة بأجهزة رادار للمساعدة في تنفيذ منطقة حظر الطيران فوق ليبيا.
وقال رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إن أنقرة تريد أن تنتهي العملية العسكرية الدولية ضد قوات القذافي في أسرع وقت ممكن حتي يتمكن الليبيون من تحديد مستقبلهم بأنفسهم.
قال هيو بوب الخبير في الشئون التركية لدي المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات إنه في وقت ما يجب أن يكون هناك من يستطيع التحدث مع القذافي, وأردوغان أبقي علي خط الاتصال هذا وهو ما قد يكون مفيدا.