وسائط النعمة
وهكذا بالاستمرار في نوال وسائط النعمة تتجدد حياة الإنسان, ويتصور المسيح فينا بحسب تعبير الرسول بولس: يا أولادي الذين أتمخض بكم أيضا إلي أن يتصور المسيح فيكم (غل 4:19), وكلمة يتصور معناها يتشكل (enformed), أي يصير لنا ملامح الرب يسوع, بنعمته العاملة فينا, تماما كما تمسك ببطارية مضيئة في كفك فيضئ هذا الكف بنور البطارية. لهذا يقول الرسول: المسيح فيكم رجاء المجد (كو 1:27)… فسكني الرب يسوع في داخلنا هي التي تجددنا, ووسائط النعمة هي التي تغيرنا أي صورته المقدسة, ومنها:
1- الصلوات… بأنواعها المختلفة صلوات الليتورجيا والأجبية, والصلوات السهمية, والصلوات الحرة التلقائية, التي تعبر تلاقي حقيقي مع رب المجد.
والتسابيح المختلفة التي يحيا الإنسان فيها إحساس الكنيسة, الجسد الواحد, والسفينة العابرة من الأرض إلي السماء.
2- الإنجيل المقدس… حيث كلمات النعمة الخارجة من فمه (لو4:22), فهي روح وحياة (يو 6:63)…
يقرأها المؤمن كل يوم, فيتغذي بغذاء روحاني مشبع ومفرح وجد كلامك فأكلته فكان كلامك لي للفرح ولبهجة قلبي (إر 15:16).
3- التناول من جسد الرب ودمه… حيث وعد الرب الصادق: من يأكل جسدي ويشرب دمي, يثبت في وأنا فيه (يو 6:56). فالتناول يوحدنا في المسيح, وفي القديسين, ومع بعضنا البعض. كأس البركة التي نباركها أليست هي شركة دم المسيح؟ الخبز الذي نكسره أليس هو شركة جسد المسيح؟. فإننا نحن الكثيرين خبز واحد جسد واحد (1كو 10:16)…
4- القراءات الروحية… عملا بوصية القديس أنطونيوس: اتعب نفسك في القراءة, لتخلصك من النجاسة, وقوله أيضا: كثرة القراءة تقوم العقل الطواف.
ولا شك أيضا: أن سير القديس نور وشبع وقدوة, لهذا كان الأنبا أنطونيوس يقول: كتبي هي شكل الذين كانوا قلبي… أي أنه كان يتأمل في سير القديسين الذين سبقوه.
5- الاجتماعات الروحية… عملا بوصية الرسول: غير تاركين اجتماعنا كما لقوم عادة (عب 10:25)… متي اجتمعتم فكل واحد منكم له مزمور له تعليم له لسان له إعلان له ترجمة: فليكن كل شئ للبنيان (1كو 14:26).
فالاجتماعات الروحية استنارة وشبع وشركة محبة روحية مع كثيرين.
6- الصوم… حيث نحيا إحساس الجسد الواحد, في مناسبة معينة, وقراءات, وقداسات, ونسكيات, تضبط الجسد, لحساب الروح… أقمع جسدي واستبعده (1كو 9:27), وهكذا تنطلق الروح في آفاق السمائيات والسمائيين.
7- الخدمة… إذ يوصينا الرسول: بالمحبة اخدموا بعضكم بعضا (غل 5:13), فالمحبة هي الاستجابة الطبيعية لمحبة السيد المسيح لنا, الذي في سبيل خدمتنا لم يكتف بكلمات المحبة, ولا حتي بالمشاعر الدافئة, ولا بالتعب الجسدي, ولا باحتمال الإهانات, بل وضع نفسه حتي الموت لأجلنا.
إن ممارسة هذه الوسائط المقدسة, بأمانة, واستمرار, واتضاع, وتفاعل حقيقي, هي طريق تجددنا اليومي, سعيا إلي الإنسان الجديد, والكمال المطلوب, والقداسة التي بدونها لن يري أحد الرب (عب 12:14).
وهكذا:
1- تتجدد طبيعتنا… بالمعمودية.
2- وتتجدد سيرتنا… بالتوبة.
3- وتتجدد حياتنا… بالعشرة.
ويبقي أن تتجدد أجسادنا بالقيامة من الأموات, حيث نلبس الجسد النوراني, السمائي, الممجد في العدد المقبل إن شاء الله.