عقد المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية مؤتمرا تحت عنوانالجرائم المستحدثة-كيفية إثباتها ومواجهتها الذي بدأ بكلمة للدكتورة نجوي خليل مديرة المركز أكدت خلالها علي أهمية موضوع المؤتمر خاصة مع تنامي استخدام التكنولوجيا الحديثة في إحداث آثار مدمرة علي المجتمع الإنساني ككل بدلا من استخدامها في الأمور الايجابية لصالح تنمية المجتمعين الدولي والمحلي.
وأشارت إلي اهتمام الدولة بمكافحة هذه الجرائم, فقد أنشأت اللجنة الوطنية برئاسة الدكتورة السفيرة نائلة جبر والتي تبنت خطة لمواجهة جريمة الإتجار بالبشر. بالإضافة إلي صدور العديد من التشريعات والقوانين سواء الخاصة بنقل الأعضاء البشرية أو تلك الخاصة بجرائم الإتجار بالبشر إلي جانب اتخاذ مجموعة من السياسات التي تواجه الدوافع والأسباب التي تساعد علي انتشار مثل هذه الجرائم.
عدم تصنيفها إجراميا
تحدث حبيب العادلي وزير الداخلية في كلمته التي ألقاها نيابة عنه اللواء مصطفي راضي مساعد أول وزير الداخلية لقطاع الأحوال المدنية علي أن الجرائم المعلوماتية والمستحدثة ذات صلة مباشرة بالمهام الأمنية بأبعادها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية,حيث تعد تهديدا حقيقيا لمسارات التنمية والاستقرار المجتمعي ووحدة وقوة نسيجه. وأنه لم يتم تصنيف هذه الجريمة ضمن الأنشطة الإجرامية عبر أكثر من عقدين أو ثلاثة مضت مؤكدا علي وجود العديد من التحديات أمام المؤسسات المعنية بالمكافحة سواء فيما يتعلق بإجراءات الضبط أو توافر أدلة الإثبات, أو بضرورات استحداث تشريعات تواكب إجرائيا وعقابيا مدي المخاطر والتغيير النوعي في أساليب ونوعية الجريمة.
وأضاف راضي أنه من المقرر في الحادي والعشرين من الشهر الجاري خلال اجتماع مشترك لمجلس وزراء الداخلية العرب توقيع خمس اتفاقيات لتعزيز التعاون العربي المشترك في المجالات القانونية والقضائية والأمنية التي تتعلق بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب, والفساد وجرائم تقنية المعلومات والجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية ونقل نزلاء المؤسسات العقابية والإصلاحية.
ولفت الانتباه بأن مصر كانت من أوليات الدول التي أنشأت جهازا شرطيا متخصصا لمكافحة جرائم المصنفات الفنية عام1981. ويكون الهدف الرئيسي لها حماية حقوق الملكية الفكرية بالتنسيق مع الجهات الأخري المعنية, كما تم إنشاء إدارة مكافحة لجرائم الحاسبات وشبكات المعلومات بالإدارة العامة للمعلومات والتوثيق بوزارة الداخلية في عام 2002 لمواجهة تلك الجرائم والتي أسهمت جهودها عن ضبط أكثر من شبكة في جرائم بطاقات الائتمان.
آثار سلبية وإيجابية
أشار الدكتور أحمد درويش وزير التنمية الإدارية إلي أن التطورات الحادثة في الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية ترتب عليها أشكال وأدوات جديدة للجريمة ترتبط بقضايا الخصوصية وحقوق الملكية الفكرية وسرقة الهوية الاجتماعية وجرائم الإتجار بالبشر مؤكدا علي أن التقدم العلمي الذي أتاح مثل هذه الأدوات والأنماط الجديدة من الجرائم لم يأت بالسلب فقط ولكنه جاء أيضا بالإيجاب حيث أتاح وسائل الملاحقة والمراقبة وقضايا المنع.
تعديل الأطر التشريعية
وفي كلمة الدكتور الوزير علي المصيلحي وزير التضامن الاجتماعي ورئيس مجلس إدارة المركز أشار إلي أن التطورات والتغيرات التي حدثت خلال العقدين الأخيرين, خاصة في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ترتب عليها تقارب الحدود التي لم تعد موجودة سوي علي الخرائط فقط. وأكد أنه علي قدر تطور الوسائل لابد من تطور كافة مجالات العمل سواء في المجال التشريعي أو المجال الذي يحكم العلاقات الاقتصادية.
تراجع السيادة الوطنية
قال الدكتور أحمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب إن موضوع الجرائم المستحدثة يقابله الواقع المستحدث فالجريمة هي وليد المجتمع وكلما تغير المجتمع نشأت جرائم جديدة…وأكد أن وجود مصالح وقيم مشتركة في هذا العالم الجديد أدي إلي تراجع السيادة الوطنية نتيجة الاتفاقيات الشارعة التي تحكم العلاقات بين الدول وخاصة في المسائل التجارية بالإضافة إلي بزوغ وتصاعد فكرة عالمية حقوق الإنسان مما ترتب عليه نشوء فكرة الاختصاص الجنائي الدولي.
اختتم الدكتور سرور كلمته مؤكدا ضرورة مواجهة تلك الجرائم من خلال شقين الأول متمثل في المواجهة الأمنية من خلال الأخذ بمختلف الوسائل العلمية والتكنولوجية, أما الشق الثاني فيتمثل في المواجهة غير الأمنية من خلال الإعلام ودعم أخلاقيات البحث العلمي والاهتمام بعملية التأليف مطالبا بتغيير المناهج التي تدرس بالفرقة الثالثة بكلية الحقوق.
شهد المؤتمر مناقشة العديد من القضايا المرتبطة بالجريمة المعلوماتية من كيفية مواجهة الجريمة المعلوماتية ودور الإدارة العامة للمعلومات والتوثيق في ذلك, الإرهاب الإلكتروني وإعادة صياغة استراتيجيات الأمن القومية دور الأدلة الجنائية في كشف الاستخدامات غير المشروعة لكاميرات الهواتف المحمولة باستخدام التقنيات الرقمية. الإتجار في الأعضاء البشرية, أطفال الشوارع والاستغلال الجنسي والإطار القانوني الدولي لحماية ضحايا الإتجار بالبشر رصد المستجدات في إجرام المخدرات واستخدام شبكة الإنترنت في تعاطي المخدرات بالإضافة إلي جرائم الاعتداء علي حقوق الملكية الفكرية والجرائم المستحدثة علي الأسرة والمجتمع والتوقيع الإلكتروني.
توصيات
انتهي المؤتمر بالعديد من التوصيات من أبرزها العمل علي إيجاد أساليب تكنولوجية متطورة لزيادة الحماية من المخاطر التي تصاحب استخدام التكنولوجيا المصرفية عبر الإنترنت وتوثيق التعاون الدولي والإقليمي بين الهيئات والمؤسسات المختلفة لنشر الوعي لدي مسئولي ومستخدمي المعلومات وكذلك تعزيز التعاون الإقليمي لتوحيد مفاهيم الجرائم الإلكترونية, علي غرار مشروع الاتفاقية الأوربية لمواجهة جرائم الحاسب الآلي.
أما بخصوص المؤسسات التعليمية والمراكز البحثية فأكدت التوصيات علي ضرورة نشر التوعية في قطاعات التعليم بمراحلها المختلفة بمساوئ وأضرار الجرائم الإلكترونية وأن تسرع المؤسسات القانونية والتشريعية عليها سرعة إدخال التعديلات اللازمة لتتلاءم مع الجرائم المستحدثة وتساعد في تقديم مرتكبيها إلي العدالة, وأن تقوم الأسرة بتوعية الأطفال والشباب مستخدمي شبكة الإنترنت من مخاطر الدخول إلي المواقع المشبوهة والإباحية.