يوم الخميس 31 ديسمبر 2009 رحل عن عالمنا أحد رجال الأمة القبطية الكبار, هو رجل الأعمال البارز والمناضل الوطني الكبير عدلي أبادير, بعد رحلة طويلة قاربت التسعين عاما تألق فيها كأحد أبرز رجال الأعمال في مصر في النصف الثاني من القرن العشرين, وكمناضل شجاع من أجل حقوق شعبه القبطي المضطهد, وبذل الكثير من ماله ووقته وجهده من أجل إيقاظ الوعي القبطي ووعي العالم تجاه قضية الأمة القبطية.
كان عدلي أبادير شخصية جادة وقوية, كان شخصا شجاعا, كريما, خيرا, طيب القلب, حاد الذكاء, مرح, لديه عزيمة صلبة لا تلين, مقاتل عنيد.
عرف العامة عدلي أبادير منذ عام 2004 حيث بدأ نشاطه في الدفاع عن حقوق الأقباط في مصر عبر المؤتمرات التي تبناها, ولكن لعدلي أبادير تاريخ طويل في دعم كل المشروعات القبطية المهمة وفي دعم الحركة القبطية.
كان من المشاركين في تأسيس جريدة وطني عام 1958, فقد شارك عدلي أبادير في الاجتماعات التحضيرية التي عقدها الأستاذ أنطون سيدهم لتأسيس وطني مع عدد من الشخصيات القبطية المهتمة بالشئون العامة ونذكر منهم المهندس إدوارد بشري, والمحاسب عزمي رزق الله, والدكتور مراد كامل,والأستاذ سعد فخري عبد النور, والأستاذ عزيز سليمان, والأستاذ جورج إلياس (أنظر أنطون سيدهم ومشوار وطني:ص 407).
وأذكر أيضا مساهمته الكريمة في مشروع الموسوعة القبطية التي رأس تحريرها العالم عزيز سوريال عطية, كما أذكر الدراسة المميزة التي كتبها جاك تاجر, حيث ساهم عدلي أبادير في ترجمتها للإنجليزية وطبعها علي نفقته الخاصة.. ولا يتسع المجال لذكر العديد من المشروعات الثقافية القبطية الأخري التي ساهم عدلي أبادير فيها.
الذين يعرفون عدلي أبادير يعلمون جيد كم أنفق علي الكثير من الأسر الفقيرة حتي دون علمها, فالذي قدمه أبادير في وجوه متعددة للخير أكثر بكثير مما حققه في العمل السياسي, فقد ساعد الكثير من الأسر المحتاجة.
الأستاذ أنطون سيدهم كتب في جريدة وطني بتاريخ 22 يوليو 1990 مشيدا بهذا الدور الخير والنبيل في حياة عدلي أبادير حيث قال: ##هذا الرجل الذي أعطي لمجتمعه الكثير والكثير جدا من جده وماله, كم ساعد وكم تحمل عبء المحتاجين والمرضي وهو فرح مسرور, ناكرا ذاته رافضا ذكر اسمه##.
في تصوري أن أهم ما حققه عدلي أبادير علي مستوي العمل السياسي هو أنه أعطي الأمل والدفعة لجيل من الشباب داخل مصر ليكافح ويناضل من أجل حقوقه بعدما شاهدوا عجوزا تجاوز الثمانين من عمره وهو يصرخ من أجل حقوقهم المهضومة,وينفق من ماله ومن وقته ومن صحته من أجل راحتهم في مصر.وأيضا أعطي دفعة إعلامية للقضية القبطية وعمل علي زيادة الوعي بها عند الأقباط والمسلمين علي السواء.
أما عن قضية الرشوة التي اتهم فيها عدلي أبادير عام 1986 والتي عرفت باسم ##قضية الصناعة الكبري##, فمن يعرف تفاصيل القضية يعلم تماما حجم الظلم والمهانة التي عومل بها الرجل بسبب صراعات الفاسدين في مصر.
رحم الله المهندس عدلي أبادير وجزاه خيرا علي الكثير والكثير جدا الذي قدمه لوطنه ولشعبه القبطي, وعلي إخلاصه الشديد لقضيته,وعلي روحه الوثابة المقاتلة التي لا تعرف اليأس,وعلي تاريخه الطويل في العطاء الذي لم ينقطع حتي آخر أيام حياته.
وداعا أيها الرجل الشجاع… وداعا والدنا العزيز عدلي أبادير… إلي سماء الخلود…إلي مواضع الراحة.
[email protected]