في منتصف ولايته التي تمتد لتسعة أعوام كمدع عام للمحكمة الجنائية الدولية، يشعر لويس مورينو أوكامبو بالحماس الزائد إزاء إمكانيات وتقدم المحكمة الدولية. ويقول إنه إذا ما أخذنا في الاعتبار الطريقة التي تتصرف بها البيروقراطيات في العالم، فإن المحكمة سارت بسرعة أكبر من المتوقع ضد أولئك المتهمين بجرائم الحرب. ولدى زيارته إلى نيويورك الأسبوع الماضي للشهادة أمام مجلس الأمن الدولي بشأن الوضع في السودان، تحدث مورينو أوكامبو، البالغ من العمر 55 عاما، إلى مراسلي نيوزويك آرلين جيتز وجوناثان تيبرمان حول عمل المحكمة وعلاقاتها المتحولة مع الولايات المتحدة.
نيوزويك: مفهوم المحكمة الدولية كان دائما مثيرا للجدل. ما هو أكبر إنجاز للمحكمة الجنائية الدولية حتى الآن؟
مورينو أوكامبو: حين تم تعييني كانت لدي ستة طوابق من المكاتب الخاوية، وقال لي البعض إنه سيكون بمقدوري أن آتي ببعض القضايا الثانوية السخيفة لا غير. ولكن وبعد أربعة أعوام على هذا فإنني الآن أقوم بالتحقيق في أخطر القضايا في العالم في دارفور، وشمال أوغندا، والكونجو الديموقراطية وأفريقيا الوسطى.
تقريرك إلى مجلس الأمن الدولي يقول إن الحكومة السودانية لا تتعاون مع جهودك لاعتقال رجلين،الوزير السابق أحمد هارون وزعيم المليشيا علي قشيب، المتهمين بارتكاب جرائم في دارفور. ما الأسلحة التي لديك لتنفيذ أوامر الاعتقال التي أصدرتها؟
الأسلحة ذاتها التي تحظى بها المحاكم في هذه البلاد: المشروعية. يتعلم الناس أن يحترموا ذلك. يعرف الناس أن عليهم أن يحترموا القانون. قبل قضيتنا في دارفور، كان الناس يتحدثون عن مليشيا الجنجويد، ولكن لا أحد قام بوصف كيف يعمل النظام. أظهرنا كيف أن أحمد هارون كان يدير كل هذه النشاطات. وحيث إن دوري يتمثل في فهم كيف يتم ارتكاب كل هذه الجرائم، فإن هذه المعلومات في غاية الأهمية. وهنا يكمن بعض التأثير… وكذلك، انظرا إلى شمال أوغندا حيث كان لتدخل محكمة الجنايات الدولية تأثير ملموس [بعد أن أصدرت المحكمة أوامر اعتقال ضد قادة جيش الرب للمقاومة في عام 2005]. حين وقع السودان اتفاقا معنا لتنفيذ أمر الاعتقال، فقد [قائد جيش الرب للمقاومة جوزيف] كوني ملاذه الآمن في السودان، وانتقل إلى شمال أوغندا. وقد أدى هذا إلى تغيير مهم، لأن ذلك عنى أنه لن تكون هناك أي هجمات إضافية لهذه الجماعة في أوغندا. قبل ذلك كان على آلاف الأطفال السير في الأدغال كل ليلة للمبيت في مكان آمن. أما الآن فهم ينامون في منازلهم.
هل تأمل في أن تتمكن القوات الدولية التي من المقرر أن تنشر في دارفور العام القادم من العثور على هارون وقشيب واعتقالهما؟
لم نطلب أبدا من الأمم المتحدة أن تقوم بأي اعتقال. بل أوضحنا دائما أن الحكومة السودانية هي المسؤولة عن الاعتقال. وهم لا يقومون بالتحقيق في القضايا… ولم يعترفوا أبدا بأن عضوا في الحكومة كان ضالعا. جزء من مهمتي هو أن أقول الحقيقة. وهكذا فحين [تقول الخرطوم] إن هذه هجمات فردية، أقول إن ذلك غير صحيح، إن هذه محاولة للتغطية على ما يحدث. إن أهالي دارفور تتم مهاجمتهم في حملة من قبل الناس الذين يفترض أن يوفروا الحماية لهم، وهارون كان في خضم هذا.
كيف تشعر تجاه قرار الولايات المتحدة عدم الانضمام إلى عضوية المحكمة؟
أعتقد أن للولايات المتحدة حق تقرير ما إذا كان عليها أن تنضم أو لا تنضم للمحكمة.
هل تحسنت علاقات المحكمة بالولايات المتحدة منذ ذلك التاريخ؟
إنها علاقات أقوى الآن، لأنه ومع أن الولايات المتحدة ليست عضوا في المحكمة، فإنها ليست طرفا معاديا لها. جميع حلفاء الولايات المتحدة هم أعضاء فيها: اليابان، أستراليا، أوروبا إنها ليست محكمة العدو، إنها محكمة يؤيدها جميع حلفاء الولايات المتحدة.
كيف تستطيع أن تعمل جيدا من دون المشاركة النشطة لأقوى دولة في العالم؟
لقد أثبتنا أننا قادرون على ذلك. من المهم أن تكون هناك شمولية. ومن المهم أن تكون الدول الأكبر ضمن المحكمة. ولكن مع هذا، فإن المحكمة شكلت وهي تعمل. سنقوم بأول محاكمة خلال بضعة أشهر (لزعيم المليشيا الكونجولي توماس لوبانجا دييلو، المتهم بإرغام الأطفال دون سن الـ15 على المشاركة في القتال). إن هذا بالنسبة إليّ هو بداية لعهد جديد في العلاقات الدولية تكون فيها المشروعية واحترام القانون أساسا مهما.
هل تأمل في أن تأتي إدارة جديدة إلى واشنطن وتغير رأيها حيال الانضمام إلى المحكمة؟
لا أستطيع قول ذلك. ولكن ما أستطيع قوله هو أنني أعمل مع مصر ومع قطر» وأقوم بتقديم التقارير للصين ولروسيا. لا تحتاج إلى أن تنضم إلى المحكمة لتعمل معها… إذا نفذنا تفويضنا، فمن سيكون ضد التحقيق في مجزرة أو جرائم ضد الإنسانية؟
لقد كنت مستعدا للعب دور شخصي بارز، خصوصا بموافقتك على أن تكون واحدا من الشخصيات الرئيسية وراء الكواليس في الفيلم الوثائقي Darfur Now. هل ساعدت هذه الدعاية عملك؟
الجزء الأهم من عمل المحكمة هو أن يفهم الناس القوانين. الدعاية ستساعد ذلك، ولكن ذلك لم يستعمل بشكل حصيف.
أين تذهب المحكمة من هنا؟
المحكمة الجنائية الدولية ليست مجرد محكمة وحسب» إنها مؤسسة. لدى القانون أكثر من توافق، بل حتى أكثر من المحكمة. من الصعب التأسيس لنظام عالمي حين لا تكون هناك حكومة عالمية، وهكذا فإن ما هو حاصل هو اتفاق على القوانين. إنها هيكلية جديدة، وهي هيكلية ثورية، إنه نموذج لبناء مجتمع عالمي.
نيوزييك