مبكرا كنا محذرين من انعكاسات الأزمة علي بلادنا,ونشرنا في يناير الماضي تحليلا للأزمة العالمية بعنوانانتهي عصر الغذاء الرخيصوهو العنوان الذي نقلناه عن المجلة البريطانيةالإيكونوميست,يعتمد أيضا علي تقرير الفاووكانت خاتمة المقال:
عودي يا مصر خضراء
وهو ما نردده الآن بقوة…أن نهتم بالزراعة وإنتاج المحاصيل الغذائية.
تذكرني هذه الأزمة بكتيب صغير صدر عن أول رئيس لمنظمة الأغذية والزراعة,وهو من أمريكا اللاتينية…وكان عنوان الكتاب مثيراجغرافية الجوعتحدث فيه عن البلدان الفقيرة وتعرض شعوبها للجوع…كتيب لم تزد صحفاته علي20صفحة ولكن أرقامه هزت العالم في نهاية الأربعينيات من القرن الماضي.
ها هو العالم تصيبه زلازل من توقعات عجز المحاصيل ونقص الأغذية..فإلي أين؟وما اتجاه الحكومات في معالجة الأزمة؟
*منذ عام تقريبا قدم جاك ضيوف رئيس منظمة الأغذية والزراعةالفاوتقريرا ناشد فيه العالم أن يركز علي الإنتاج الزراعي والأغذية,لأن العالم مقبل عليأزمة غذائية قد تؤثر بشدة علي الدول الناشئة.
*في تزامن خرجت الإيكونوميستالبريطانية تعلن للعالمانتهي عصر الغذاء الرخيصوإذ اعتمدت المجلة علي تقرير جاك ضيوف فإنها أيضا قدمت اجتهادا إحصائيات أخري مزعجة عنمجاعةقادمة تخيم بأثارها علي الدول الفقيرة.
*في تعليقات صحفية كثيرة نشرتها الفاينلنشيال تايمز ولوموند والواشنطن بوسن تكاد كلها تتطابق في التحذير من العجز في المحاصيل الغذائية وتأثير ذلك علي العالم.
*لكن المثير للتساؤل أن دولا كثيرة تقدم دعما للزراعة سواء في فرنسا أو الولايات المتحدة الأمريكية عند التصدير وخاضت هذه الدول معارك مع منظمة التجارة العالمية بشأن هذا الدعم.
*يأتي تفاقم الأزمة مع ما يسميانهيارات السوق العقاريةوتأثير ذلك علي البنوك ومؤسسات التمويل الدولية حتي قدرت هذه الخسائر ما يقرب منتريليوندولار مما اضطر هذه البنوك لمعالجات اقتصادية ونقدية تفاديا لما قد تتعرض له منإفلاسفقامت بشطب أكثر من700مليار دولا اعتبرتها ديونا معدومة.
*لم تعد الأزمة قاصرة علي دول بذاتها كبيرة أم صغيرة,طالت الأزمة الجميع ولكن بدرجات متفاوتة,فرغم الشكوي الأمريكية من الغلاء والتضخم فلا يمكن أن يتم ذلك بالقياس مع تأثير الأزمة علي دولة أفريقية لا يكفي إنتاجها الزراعي والغذائي احتياجاتها الاستهلاكي.
*طرح صندوق النقد الدولي مؤخرا تحذيرا من انعكاسات الأزمة اقتصاديا وإنسانيا ولم يتقاعس البنك الدولي عن التحذير مؤخرا أيضا…غير أن كلا من الصندوق والبنك مطالبين بدعم الإنتاج في الدول الصغيرة قبل الكبيرة…مطلوب -وتلك رسالة ووظيفة المنظمتين-تقديم القروض الميسرة والخبرات الفاعلة لهذه الدول دون شروط سياسية أو اقتصادية تعجيزية..
في وطننا مصر
*لكي نعرف حجم الأزمة علي وطننا وشعبنا علينا أن نراجع الأرقام التي صدرت عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء,والتي يقدر فيها أرقام التصاعد السعري للسلع منذ بداية هذه العام حتي نهاية مارس الأخير نجد أنها في المتوسط وصلت لأكثر من70% ,وفي بعض السلع منفردة بلغت300% كما سعر الزيت مثلا.
زادت أعباء تكلفة إنتاج الخبز من القمح بأكثر من225% بسبب تصاعد السعر في الدول المنتجة,ولما كنا دولة تستورد 70% من احتياجتنا الغذائية فإن تأثير الأسعار العالمية انعكست علينا بقسودة الأمر الذي دفع مخطط السياسة المالية لإضافة مليارات الجنيهات زيادة في أرقام الدعم الذي بلغ قرابة128 مليار جنيه منها 28مليار جنيه للأغذية فقط.
مجاعة من التاريخ
في إحدي مجاعات مصر الكثيرة قالابن المتوج:
-أخذت امرأة من ذات البيوت عقدا من الجوهر لا يقدر بمال,وطلبت عوضا عنه حفنة من دقيق وعجنتها وخبزتها رغيفا يتيما حملته علي جريدة,وتوجهت به إلي قصرة الزمرد ونادت بأعلي صوتها:
يا أهل القاهرة ومصر ادعوا للخليفة المستنصر بالله بالنصر,الذي أكلنا الرغيف في أيامه بألف دينار…..
من أيام الشدة المستنصر بالله-عنأخبار الأدب.
حروف ساخنة
**أنا لا أفكر في المستقبل لأنه لا يأتي سريعا.
ألبرت آينشتين
**أنا غريب في هذا البلد أفكر في وطن سحري لا أعرفه.
جبران خليل جبران
**لا يا ولدي لابد أن تعلو فوق المأساة تتجاوزها لكن لا تنساها يوما سنعيد بناء مدينتنا الحلوة.
الشاعر صلاح عبد الصبور