للصحافة الإلكترونية سماتها التي تواكب العصر من حيث سرعة الوصول إلي الخبر والوقوف علي مجريات الأحداث فور وقوعها, فضلا عن التجوال حول العالم للاستزادة بمزيد من المواد المعلوماتية في أي اتجاه… وفي المقابل تقف الصحافة الورقية بتقالديها الراسخة وحميميتها التي تشد قراءها… حول مستقبل الصحافة الورقية والإلكترونية من حيث أعداد القراء هنا والزائرين هناك, والتمويل والإعلانات وسرعة مواكبة الأحداث, إلي غير ذلك من أسلحة المنافسة بين الجانبين كان لـوطني هذا الحوار مع د. محمود علم الدين أستاذ ورئيس قسم الصحافة, بكلية الإعلام جامعة القاهرة:
* العالم اليوم يتجه إلي الصحافة الإلكترونية والإعلام الإلكتروني ما رأيكم في ذلك؟
** العالم الآن يتجه إلي الصحف الإلكترونية, هذه حقيقة مؤكدة بدليل أن أعداد المستخدمين للإنترنت وصل في نهاية عام 2009 إلي 2 مليار مستخدم نظرا لوجود آلاف المواقع علي الإنترنت, تتنوع ما بين صحف مطبوعة ومواقع لمؤسسات إعلامية فضلا عن أنماط الصحافة, فالصحف الشعبية أيضا علي الإنترنت وهي تجذب عامة الناس… فهذا دليل واضح علي أننا نعيش في عصر الصحف الإلكترونية فعلا.
* هل تهدد الصحافة الإلكترونية مستقبل الصحافة الورقية؟
** هي فعلا أثرت علي واقع وحاضرالصحافة المطبوعة… وهذا التأثير مباشر في صورة تناقص أعداد التوزيع في الكثير من المؤسسات الصحفية, بل إن هناك صحفا أغلقت واكتفت بالإصدار الأسبوعي علي الإنترنت, وهناك أيضا مشاكل كثيرة بالصحافة الإلكترونية, لأنه نظرا لسهولة الوسائل الإلكترونية فإنه يتاح للقارئ إنشاء المحتوي المفضل له علي المواقع, كما تتميز الكتابة علي الإنترنت بإمكانية إضافة الصوت والصورة والألوان إلي المادة المكتوبة, مما يحسن من جاذبيتها للقراء ولا يتوفر ذلك في الصحف الورقية, وأيضا عند التعبير عن الرأي بطريقة سريعة مقارنة بالصحف المطبوعة.
* شباب اليوم هو المتعامل مع الكمبيوتر والإنترنت, وعندما يكبد سيكون هو قارئ الصحف الإلكترونية… فهل هذا سيؤثر علي الصحف الورقية؟
** أطمئن الكثيرين بأن الاثنين سيسران متجاورين مع بعضهما البعض, لأن إيقاع التطور الذي نشهده أكبر من المتوقع, فهناك تطورات أخري غير متوقعة… فمن الأفضل أن نتأمل الواقع الراهن وإمكانيات التطور. أما عن المستقبل فالتطور كبير جدا لا نستطيع التنبؤ به الآن… فمثلا لا تستطيع أن تقول أن جيل الشباب المتعامل مع الصحف الإلكترونية الآن هو الذي سيتعامل مع الكمبيوتر في المستقبل, فمن الممكن عند الشيخوخة يلجأ إلي قراءة الصحف… فالمستقبل لم يتحدد بعد, لأن الصحف الورقية لها علاقتها الحميمة عند بعض الفئات.
* ما الذي يجب أن تقوم به المؤسسات الصحفية حتي تواجه المنافسة الإلكترونية؟
** لابد للمؤسسات الصحفية الورقية أن تحاول التكيف مع الواقع الراهن في العالم علي مستويين: أولهما استغلال الإنترنت في تطوير الصحف كوسيط للنشر مطبوعا كان أو ورقيا, أو أن تصدر صحيفة إلكترونية.
ثانيهما أن تستفيد من الإنترنت في تطوير الصحف. ومن جانبي أري أن هناك مشكلة صعبة تواجه الصحافة الإلكترونية, فهناك خسائر بالنسبة للعائد المادي, كما أن التمويل ضعيف!
* هل تؤثر أزمة الورق وغلاء مدخلات الطباعة وضعف التوزيع والأزمات الاقتصادية بالسلب علي الصحف الورقية؟
** فعلا هناك ارتفاع في سعر الورق وهذا التأثير يؤدي إلي ارتفاع تكلفة إصدار الصحيفة ورفع السعر وهذا يحجب شريحة معينة غير قادرة علي شراء الصحيفة المطبوعة وعن متابعتها مما يجعل الكثيرين يلجأون إلي الإنترنت لأنه أرخص ثمنا وأقل تكلفة, وهذه أزمة تواجه كل المؤسسات الصحفية.
* الإعلام الإلكتروني أقصر السبل لعبور المسافة التي تفصلنا عن الغرب وثقافته… ما مصير الصحف الورقية في ضوء ذلك؟
** الصحف الإلكترونية تمنح فرصا كبيرة للوصول عبر الإنترنت إلي مختلف أنحاء العالم بعكس الصحف الورقية التي تكون مقيدة في أغلب الأحيان بحدود جغرافية محددة, فالإلكترونية تمكنت من التنقل عبر الحدود والقارات والدول دون رقابة أو موانع أو رسوم بل وبشكل فوري ورخيص الثمن وهذا يمنح الجمهور فرصة الوصول لأي مكان في العالم والانفتاح علي الثقافات المختلفة والآراء المعارضة والمؤيدة لكثير من القضايا المهمة بعكس الصحف الورقية التي تكون لديها مشكلة في المساحة المخصصة للنشر, وهناك في مجال الإعلام مقولة مهمة تقول لا تلغي وسيلة إعلامية وسيلة إعلامية أخري لكنهما تتكاملان.
* هناك من يروج لاندثار الصحافة الورقية في ظل تنامي الصحافة الإلكترونية ما رأيكم في هذا؟
** هذا من الصعب حدوثه لأن الورق له سحر وعبق وارتبط بكتب الأديان السماوية كما ارتبط بالتعليم وأيضا لأن وقت القراءة في الصحف المطبوعة لا يرتبط بمكان فالصحف الورقية في أيدي الناس وتصفحها لا يرتبط بالجلوس أمامها كما في الإنترنت مع استخدام اللابتوب فقراءتها متاحة في أي مكان وزمان, وكما قلت فإن التطور الحادث بالصحافة الإلكترونية من الصعب متابعته والتنبؤ بتطوراته لأنه إيقاع سريع جدا.
* هل يشهد المستقبل تحول الإعلانات وهي الممول الرئيسي للصحافة من الورقية إلي الإلكترونية؟
** ربما نعم وربما لا… وحاليا مازالت الإعلانات هي نقطة ضعف الصحف الإلكترونية لكنها مركز قوة في الصحف الورقية لأن الصحف الإلكترونية تواجه كأي مشروع اقتصادي مشاكل التمويل فضلا عن متطلبات الربح فهي لا تباع كالصحف التقليدية كما أن استقطاع بدل اشتراك شهري من المستخدمين لا يعد سبب انتشار الصحافة الإلكترونية خصوصا مع اتساع دائرة المنافسة علي مواقع الإنترنت ولذلك لجأت الصحف الإلكترونية إلي التمويل من خلال الإعلانات المبوبة والتي تكون داخل كادرات إلكترونية مستلهمة من أشكال إعلانات الصحافة المطبوعة علي كل صفحة بالصحيفة الإلكترونية والمسماة باليافطة (Banner), وهي المصدر الرئيسي للتمويل لهذه الصحف, غير أن إمكانية جلب الإعلانات علي الإنترنت مازالت في بدايتها ولم تصل بعد إلي المستوي الذي يجعل منها موردا ثابتا ومغريا, وفي النهاية الإعلانات في الصحف الإلكترونية ضعيفة… وهذا من العوامل المبشرة للصحافة الورقية.
* ماذا يميز الصحف الإلكترونية عن الورقية؟
** تتميز الصحف الإلكترونية بالقدرة علي تفعيل عناصر الملتيمديا وتدعيم المادة الخبرية لملفات متعددة… الوسائط وهذا غير متوفر في الصحف الورقية, أيضا تمتاز الصحف الإلكترونية بسهولة الوصول إليها وإسترجاعها في أي وقت ويمكن للصحف الإلكترونية أن تقدم تغطية مباشرة وشاملة للأحداث بشكل آني ولحظي خلال 24 ساعة وهو الأمر الذي يصعب بالنسبة للصحف الورقية حيث يستلزم الأمر استصدار طبعة جديدة من الصحف أو الانتظار لليوم التالي, فضلا عن عملية رجع الصدي حيث يتحقق التفاعل بين طرفي العملية الاتصالية من خلال تعليقات القراء, ومن أهم ما يميز الإلكترونية توفر حفظ أرشيف إلكتروني سهل الاسترجاع غزير المادة حيث يستطيع الزائر أن ينقب عن تفاصيل حدث ما ويعود إليه بسرعة مناسبة بمجرد أن يذكر اسم الموضوع خلال ثوان معدودات.