مجتمع مازال يرفض فكرة المصارحة بوجود تحرشات داخل الشارع المصري ضاربا عرض الحائط ما يحدث يوميا لبناتنا وشبابنا من مضايقات سواء باللمس أو باللفظ أو بالإيحاء ليفرض عليهم ضغوطا مجتمعية تفوق احتمالهم إذا ما فكر فقط لمجرد التفكير أن يخرج أحد منهم ليتحدث عما واجهه مما يجعلهم يهدرون حقهم بأيديهم.
ولأن من حقك تتكلمي ومن حقك تقول إللي حصلك وماتخافيش من حد وماتتنازليش عن حقك أبدا وتخلي مجتمعك يعترف بمشكلتك جاءت فكرة إطلاق حملة لخريطة التحرش علي الإنترنت, ولمعرفة تفاصيل أكثر عن أهداف الحملة ومدي التفاعل معها كان لنا حديث مع هبة حبيب – منسقة حملة خريطة التحرش.
قالت هبة بدأت التفكير في إطلاق الحملة بعدما وجدت أن المجتمع يرفض الاعتراف بوجود ظاهرة تحرش من الأساس مع غياب ثقافة الإبلاغ من قبل الفتيات بأقسام الشرطة وتحرير محاضر بالتحرش حيث لاتزال النسبة لا تتعدي 2% لما تواجهه أمام أمين الشرطة من الاستهانة بها والاستخفاف بما حدث لها إلي جانب كم الضغوط التي ستتعرض لها من قبل المجتمع بنظرته المريضة التي تقلل من شأن من تذهب لتحرير محضر تحرش لها ولا ننسي النموذج الصارخ لذلك مها رشدي.. تلك الفتاة التي فجرت قضية التحرش بمصر منذ ما يقرب من عامين التي أخذت علي عاتقها بمساندة أهلها ألا تتنازل عن حقها وقامت برفع قضية لمعاقبة من ألحق الضرر بها ولكن للأسف تري ماذا حدث لها؟ نجد أن المجتمع لفظها ونتيجة للضغوط المجتمعية التي تعرضت لها من سخرية ونقض جعلها تغادر البلاد في نهاية المطاف لتترك الساحة فارغة مرة أخري إلي أن تخرج علينا فتاة تدافع عن حق المرأة المصرية في هذه القضية علي وجه.
ومن هنا شعرت بالغيرة علي وضع المرأة المصرية فقمت بإطلاق حملة خريطة التحرش علي الإنترنت لإثبات في المقام الأول وجود تحرش بمصر ورصد أي من الأماكن أكثر تعرضا لظاهرة التحرش علي مستوي الجمهورية محددة بالشوارع فقط علي الفتاة التي تم التحرش بها الدخول علي موقع www.harassmap.org والدخول علي الخريطة للضغط علي المكان التي تعرضت فيه للتحرش مع تحديد أي من أنواع التحرش التي تعرضت له لمس, لفظ, نظرة,….. وستجد أن كافة الشوارع المظللة باللون الأحمر هي أكثر الأماكن تحرشا والتي جاءت في مقدمتها شارع عباس العقاد والدقي والمهندسين و….. جاءت أعلي نسبة المتعرضات للتحرش علي الخريطة لمحافظتي القاهرة والجيزة, فضلا عن إمكانية إرسال رسالة علي الخط الساخن رقم 0169870900 وهي فرصة لتتحدث عن مشكلتها دون خوف, فالمسألة في طي السرية تماما دون ذكر اسم فقط لمساندتها نفسيا وقانونيا, وهي فرصة لإعطائها الجرأة, فمشكلتنا الخوف والصمت ومن خلال الخط الساخن يتيح لها الفرصة بأن تتحدث وتتكلم لحين ما ثقافة المجتمع تتغير لتذهب الفتاة بنفسها للشرطة للإبلاغ عما حدث لها في ظل مطالباتنا بإقرار قانون جديد بمجرد انعقاد مجلس تشريعي جديد ينص صراحة علي عقوبة التحرش للحد من المشكلة بشكل رادع لكوننا لا يوجد لدينا قانون يجرم فمازال يحكمنا قانون العقوبات عام 1937 ومواده للأسف غير ملائمة لأوضاعنا الحالية كما أنه لا ينص علي عقوبة للتحرش بعينها.
كما تشير هبة حبيب إلي وجد صفحة مخصصة علي الفيس بوك باسم إيه إللي ينفع خصصت كمساحة لإعطاء نصائح للدفاع عن النفس في حالة التعرض للتحرش. مضيفة أن هدفنا بأكمله هو تحسين وضع الشارع المصري وصورة مصر أيضا بالخارج, فالسفارات الأجنبية بمصر تعطي مؤشرات مؤسفة للغاية بإعطاء تحذيرات للاحتراس من مصر لما يحدث لدينا من انفلاتات, فالإحصائيات تشير إلي أن نسبة 84% من السيدات تتعرض للتحرش في مصر و98% من السيدات الأجانب يواجهون التحرش وهو ما يهدد السياحة لدينا ليعد كارثة بكل المقاييس.
وتستطرد هبة أن الخط الساخن لم يكن معنيا فقط ببلاغات تحرشات فتيات من قبل شباب وإنما يستقبل أيضا شكاوي العديد من الشباب من تحرشات فتيات بهم ومعاكساتهم بالشارع ومضايقاتهم فلا تفريق في هذه الظاهرة بين شاب وفتاة.