احتفالية ضخمة ولكنها تحمل أفكارا وأهدافا وصورا لملائكة الأرض, أطفال المستقبل من كل دول العالم مركزها عاصمة المحروسة القاهرة ونقطة الالتقاء دار الأوبرا المصرية, فعندما تسير علي كوبري قصر النيل وتجد أعلام 52 دولة علي ضفاف النيل ترفرف داخل أرض الكنانة وعندما تجد البوسترات الملونة وفي أشكالها تحمل رموز براعم المستقبل وعندما تدخل إلي ساحة دار الأوبرا لتجد أغاني الفنانة نانسي عجرم مثل يللي بنسمع كلمة أهله, يللي بينجح في مدرسته شو بنقوله شاطر شاطر, وأغنية شخبط شخابيط تدرك أنه موعد مهرجان القاهرة الدولي لسينما الأطفال في دورته الـ20 والذي يمثل أحد أهم مهرجانات الأطفال علي المستوي العالمي, والذي اختتم يوم الخميس الماضي بعد ثمانية أيام عاش خلالها أطفال مصر وبعض أطفال دول العالم يمرحون ويلهون مع أسرهم ويتعرفون علي ثقافات أخري من خلال عروض سينمائية وكارتونية لأكثر من 350 فيلما وعملا روائيا وبرنامجا تليفزيونيا, واختتم بتكريم الأعمال الفائزة بحضور الفنان فاروق حسني وزير الثقافة.
أرقام المهرجان!
شارك في الدورة الـ20 للمهرجان 52 دولة يمثلها 359 فيلما وبرنامجا وعملا إبداعيا مختلفا بينها 18 فيلما روائيا طويلا وقصيرا يشارك عشرة منها في المسابقة الرسمية للمهرجان ليس بينها أي فيلم عربي, وفي هذه المسابقة أيضا الهند وهولندة وبريطانيا وبلغاريا والدانمرك.
وفي مسابقة أفلام الصور المتحركة شارك 42 فيلما من بينهم 16 فيلما مصريا إلي جانب كل من بريطانيا وروسيا وبولندة وبلجيكا وكرواتيا والدانمرك ولاتفيا وأيرلندة والهند والمجر وفرنسا واستونيا, ومن هذه الأفلام واحد من إنتاج أربع دول هي لبنان ومصر والإمارات والمجر, وفي مسابقة أفلام من الطفل إلي الطفل 17 فيلما بينها 6 أفلام من الهند وخمسة من بريطانيا و4 من أيرلندة وفيلمان من مصر, وتتشكل لجنة تحكيم الأطفال هذا العام من 210 أطفال من عدة دول عربية وأجنبية.
وعرض المهرجان في دورته الحالية حوالي 70 فيلما حصلت علي جوائز ذهبية من مهرجانات عالمية ومنها مهرجان القاهرة الدولي لسينما الأطفال في دورته الـ19 السابقة وتنوعت دور العرض في 9 دور سينما إلي جانب المسرح الصغير بدار الأوبرا وأكثر من 45 مدرسة وقصر ثقافة في عدة محافظات مصرية وبعض المستشفيات.
الشجرة المسحورة
شهد عرض الافتتاح تقديم الفيلم البولندي الروائي الشجرة المسحورة ومدته 83 دقيقة والفيلم حاصل علي جائزة أفضل تصميم من مهرجان السينما البولندية 2009 ومهرجان شيكاجو في نفس العام وتدور أحداثه في قالب درامي خيالي حول ثلاثة أطفال يكتشفون شجرة بلوط سحرية ويستخدمون مقعدا صنع من أخشاب هذه الشجرة التي تملك نفس الخاصية السحرية لمنع والديهم من الهجرة وتركهم مع عمتهم.
وشارك في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة والقصيرة 18 فيلما من دول ألمانيا وليتوانيا وفنلندة وإيطاليا والسويد والنرويج وكندا وروسيا وبولندة والصين وإنجلترا وهولندة وكوريا الجنوبية وشيلي والهند وسريلانكا, ولم تشارك أي دولة عربية في هذه المسابقة ولذا وجه انتقاد نحو غياب الرؤية والإنتاج لمثل هذه النوعية من الأعمال والتي أرجعها البعض لارتفاع التكلفة وأرجع الآخر لغياب التأليف لمثل هذه النوعية من الأعمال وبعيدا عن الغياب العربي وجد الأطفال استمتاعا رائعا بهذه النوعية من الأفلام وإن كان يعبها القصور في عدم وجود ترجمة عربية أو دوبلاج في معظمها وهذا ما أزعج بعض الأسر لعدم الانسجام مع معظمها وبعيدا أيضا عن هذا القصور فكان الفيلم الألماني التماسيح من الأفلام القوية في هذه الدورة وتدور أحداثه حول طفل يدعي هانز يعيش مع أمه وتعرف علي مجموعة من الأطفال علي باب المراهقة ويطلقون علي أنفسهم اسم التماسيح وشعارهم الشجاعة والتعاون والإخلاص, وتتعرض والدته للسرقة فيبدأون في تعقب اللصوص وينضم إليهم مراهق يدعي كاي يتحرك علي كرسي متحرك ويقبلونه علي مضض لإعاقته ولكنه يساعدهم كثيرا نظرا لمهارات اكتسبها تكنولوجيا إلي أن يتمكنوا من جمع أدلة اتهام اللصوص, وينجح كاي في إنقاذ هانز من خطر تعرض له وينجح في كشف اللصوص ويحصل كاي علي مكافأة لهذا فينال اهتمام أصدقائه ويظهر الفيلم كيف أن الإعاقة لا يمكن أن تكون تحديا عندما توجد الرغبة والإرادة.
وفي إطار مسابقة الرسوم المتحركة والبرامج التليفزيونية شارك فيلم أصيلة وهو إنتاج مشترك من أربع دول هي الإمارات والمجر ومصر ولبنان مدته 93 دقيقة, ويقوم فيه بالأداء الصوتي مجموعة من الفنانين المصريين هم حنان ترك وعلاء مرسي وجمال إسماعيل وغسان مطر وناصر شاهين وأحمد خيري وسمير الليثي وتدور أحداثه حول الفرسة أصيلة التي نشأت وسط حقول خضراء تلعب وتمرح وتفخر بقيادة أقرانها من الخيول الجميلة, غير مهتمة بما سيواجهها في مستقبلها عندما تكبر وتصبح الأجمل والأسرع رغم كل المعاناة من تاجر الخيول الذي يسعي للسيطرة عليها ليستغل جمالها ويتاجر بها والذي لم يستطع كبح جماح عنادها وإصرارها علي البقاء حيثما عاشت فتهرب منه وتسقط في البحر بعد قفزة مجنونة من التاجر المتعجرف الذي يهرب من عليها قبل سققوطها بالبحر فيتركها وهي علي شفا الموت ولكنها استطاعت التغلب علي كل هذه المعوقات لتعود تمرح بجمالها بالحقوق الخضراء.
وأيضا الفيلم المصري مترو من إخراج بدر الدين سباعي ومدته حوالي 12 دقيقة ويتعرض للسلوكيات الخاطئة داخل مترو الأنفاق, وما يتركه الناس من مهملات ومخلفات في إطار من الفانتازيا بتحويل المهملات إلي شخصيات كرتونية تحدث بينها وبين أدوات النظافة مواقف ومطاردات, وأيضا الفيلم الكرتوني المصري مهم جدا للمخرج أحمد فوزي مدته 7 دقائق, ويتناول ظاهرة التحرش الجنسي ومكافحتها, وذلك من خلال الطفلة سلمي التي تمارس حياتها اليومية العادية, وتتعرف من خلال مخرج الفيلم علي الأشكال المختلفة للتحرش الجنسي وكيفية مواجهتها ومقاومتها حيث توجه رسالة ضد التحرش وتوضح سبل محاربة هذه الظاهرة.
انتقادات
السيدة فاطمة حسين تعمل بمدرسة خاصة جاءت مع ابنها لمتابعة المهرجان قالت يشوب المهرجان بعض القصور منها أن هناك أفلام أجنبية كثيرة غير مترجمة وهو ما يصعب علي الأطفال الاندماج معها خاصة أن العديد من الأفلام بلغات أخري مثل الهندية والألمانية والفرنسية ولذا اضطر ابني للخروج مبكرا لعدم فهمه لغة الفيلم.
أما السيدة مني سعيد أبدت استياءها من موعد إقامة المهرجان الذي يتصادف مع توقيت الدراسة وهو ما يصعب من مساءلة متابعة الأطفال لهذه العروض, كما أن العروض تقام بالفترة الصباحية وهو ما يعني أن الآباء لن يستطيعوا اصطحاب أبنائهم لهذه العروض لأنهم يرتبطون بأعمال ووظائف ينتهي موعدها بعد انتهاء هذه العروض.
توجهنا بهذه الانتقادات إلي سهير عبد القادر مديرة المهرجات وقالت: ترجمة الأفلام أمر صعب للغاية لأن هذا أمر يتطلب تكلفة مالية عالية لا تستطيع إدارة المهرجان تحملها, وإذا تم إقامة المهرجان بالصيف لن يحضر أحد, لأن الأسر تذهب للمصايف ولا تهتم بشئون الثقافة لذا يتم إقامة المهرجان في هذا التوقيت للاعتماد علي المدارس والجمعيات التي تنظم رحلات لمتابعة هذه العروض, كما رفضت عبد القادر فكرة نقل المهرجان للمحافظات لأن حسب قولها هو مهرجان دولي إذا خرج من القاهرة لن يصبح دوليا.
إيجابيات
كان من الملفت للنظر مشاركة بعض ذوي الاحتياجات الخاصة في مشاهدة العروض عن طريق بعض الجمعيات التي نظمت لهم رحلة لدار الأوبرا وكانوا يشعرون بالسعادة والمرح وهم يلعبون علي مساحات خضراء في ساحة الأوبرا.