حذر الخبراء في مؤتمر عقد في دارمشتادت الألمانية من تزايد حجم النفايات الفضائية, في الوقت الذي يدور فيه النقاش حول المخاطر التي يمكن أن تنجم عن النفايات الفضائية والتهديد الذي تشكله بالنسبة لكوكب الأرض وسكانه.
بلغ عدد الأقمار الصناعية التي انطلقت إلي الفضاء الخارجي منذ عام 1957 حوالي ستة آلاف قمر, ويعمل حاليا حوالي 800 منها لخدمة أغراض البحث العلمي والشئون العسكرية والاتصالات, مما يعني أن الفضاء الخارجي أصبح – في نظر الخبراء – منطقة مرورية مزدحمة وخطرة. فمثلا, رغم أن القمر الصناعي إنفي سات التابع لوكالة الفضاء الأوربية يسير بدقة متناهية, إلا أن هناك مخاوف من احتمال توقفه عن العمل لأسباب عدة منها إلي جانب نفاد الوقود, احتمال اصطدامه بالنفايات التي تحوم في الفضاء الخارجي, علي أن الاحتمال الأكبر هو وقوع اصطدام بينه وبين أقمار أخري, لاسيما بعد حادثة مشابهة قبل شهرين.
وقعت حادثة التصادم هذه في شهر فبراير من العام الجاري, حيث اصطدم قمران صناعيان تابعان لكل من أمريكا وروسيا, الدولتين الرائدتين في مجال الفضاء, واللتين أطلقتا هذين القمرين لأغراض تجارية. وبالرغم من أن هذه السابقة هي والأولي من نوعها في عالم الفضاء, إلا أن أمرا من هذا القبيل كان متوقعا منذ وقت طويل.
والآن ونتيجة هذه الحادثة فإن المخاوف تتجدد من أن يلحق الضرر بالأقمار الصناعية الأخري العاملة في الفضاء الخارجي, ومنها انفي سات بسبب الاصطدام مع النفايات الفضائية ويقصد الخبراء بمصطلح النفايات الفضائية كل ما يفقد في الفضاء, ابتداء بالمفكات, مرورا ببقايا مشغلات الصواريخ, وانتهاء بأجزاء كاملة من أقمار صناعية لم تعد صالحة للعمل. وقد يتفاوت متوسط قطر هذه النفايات من ملليمتر واحد إلي عدة أمتار.
فالأجزاء كبيرة الحجم من هذه النفايات هي التي تتسبب في حدوث مشاكل جمة, إذ تنجم عنها سلسلة من الحوادث قد تقود إلي حادثة تصادم كارثية لأقمار صناعية, إن حادثة من هذا النوع من شأنها تعريض الأقمار الصناعية الأخري للخطر, وطبقا لرأي الخبير فإن أصغر جزء من هذا الحطام, قد يشكل أيضا مصدرا كبيرا للخطر, إذ عندما يصطدم قمر صناعي بأحد هذه الأجزاء, وإن كان قطره يبلغ سنتيمترا واحدا, فإن هذا يمكن أن يتسبب في إنهاء المهمة التي يقوم بها القمر.
وهناك قائمة أعدتها محطة الرصد الفضائية الأمريكية, تحتوي علي ما يفوق عشرة آلاف جسم كبير يمكن تصنيفها في إطار النفايات التي تحوم في الفضاء, أما عدد الأجزاء الأصغر والتي يقل قطرها عن سنتيمتر واحد, فهو يفوق ست ملايين قطعة, وهي في العادة مخلفات ناتجة عن انفجارات.
والسؤال الذي يتبادر إلي الذهن هو: هل من الممكن أن تصل هذه الأكوام من النفايات يوما ما إلي الأرض؟ ورغم أن رئيس الفريق المسئول عن القمر الصناعي ينفي هذه الفرضية بشكل قاطع, إلا أنه يقول إن احتمال حدوثها ضئيل للغاية.
ويقوم مركز المراقبة في مدينة دارمشتادت بغربي ألمانيا بجهود حثيثة, لمنع وقوع حوادث اصطدام بالأقمار الصناعية الأوربية الإحدي عشرة العاملة في مجال البحث, وهناك مقارنة بين مسار الأقمار الأوربية بالقائمة الأمريكية التي تحدد مواقع النفايات الفضائية, وينشأ عبر هذه المقارنة ما يشبه التقويم الأسبوعي, وعلي أساس ذلك يتم إعداد الخطط لتفادي حوادث الاصطدام.
لكن هذا التقويم يحتوي علي ثغرات كثيرة, إذ لابد من توفر المعرفة التقنية والرادارات فائقة الدقة, لتتبع حركة النفايات في الفضاء. وهذه الإمكانات تتوفر حتي الآن لدي الدولتين الرائدتين في مجال الفضاء روسيا وأمريكا. ولهذا فإن علماء الفضاء الأوربيين يتطلعون إلي بناء نظام خاص بهم لمراقبة النفايات النووية. ويري مدير قسم النفايات أنه في غياب هذه المعرفة التقنية, لا يمكن توفير أساليب موثوق بها تساعد علي تفادي الاصطدامات في الفضاء.
المصدر: موقع ألمانيا