اكتسبت الانتخابات البرلمانية الحالية أهمية كبري كونها أول انتخابات برلمانية بعد الثورة لبناء مصر الحديثة وخرج المصريون لأول مرة في عرس ديموقراطي في المرحلة الأولي من الانتخابات إلي صناديق الانتخاب ليدلوا بأصواتهم حالمين ببرلمان يمثل جميع أطياف المجتمع قادرا علي التواصل والتغيير والتقدم بالمجتمع نحو الأفضل وهو حلم مشروع ولكن جاءت نتائج المرحلة الأولي وسط إقصاء شديد للمرأة والشباب سواء علي نظام القائمة أو الفردي.. الشباب الذين قاموا بإسقاط النظام السابق, والمرأة التي كانت جنبا إلي جنب مع الرجل في ميدان التحرير.. تري ما السبب في إقصاء الشباب والمرأة من وجهة نظر الخبراء والمتخصصين والحقوقيين هذا ما يوضحه هذا التقرير.
المناخ المحافظ
ذكرت أمينة النقاش نائبة رئيس حزب التجمع الانتخابات البرلمانية من ضحاياها الأحزاب الجديدة والشباب والمرأة والأقباط والمسئول عن ذلك المناخ المحافظ الذي أذاعه التيار الإسلامي ضد المرأة في أعقاب الثورة متناسيا أنها قدمت شهيدات وخرجت لميدان التحرير منددة بظلم نظام بائد, أيضا المناخ المحافظ الذي أشاعه التيار السلفي وقدمه نجوم من الشيوخ السلفيين ضد المرأة ولأن القانون الانتخابي يؤكد علي عدم خلو القائمة من المرأة فقد قدموا امرأة في القائمة الخاصة بهم طبقا للقانون, فالمناخ الذي أشاعوه كان ضد المرأة وضد حريتها وحقوقها.
أوضحت أمينة: الشباب لم يكن لهم فرصة في المرحلة الأولي وربما لا يكون في المراحل القادمة, حيث إنهم انضموا للأحزاب الجديدة والتي لم تأخذ فرصة لتشكيلها ولا تملك الخبرة ولم يكن أمام هؤلاء الشباب وقت لكي ينظموا أنفسهم داخل الأحزاب مما أضاع الفرصة أمامهم في هذا البرلمان, وإذا أردنا أن نمارس السياسة في المجتمع المصري وندعم الأحزاب فلابد أن يتم من البداية الأخذ بالنظام الانتخابي بالقائمة النسبية فما يحدث الآن هو بروفة للديموقراطية وللانتخابات.
ليس برلمان الثورة
تري الكاتبة د. سكينة فؤاد عضوة الهيئة العليا لحزب الجبهة: أننا نخطئ عندما نقول إن البرلمان القادم هو المعبر عن الثورة, ولكن برلمان الثورة هو البرلمان بعد القادم وذلك عندما نعرف كيف نوقف سارقي الثورة وكيف يفوز بثمارها من قاموا بها وفي مقدمتهم الشباب والمرأة فلا يقلقنا برلمانا يحمل بصمات الماضي لأن أعداء الثورة نجحوا في محاولات إبعاد الشباب والمرأة ولكن نحن الآن نمهد جيدا لكي نحقق أهداف الثورة بكل فئات المجتمع فلا داع للخوف من إقصاء شرائح من المجتمع في برلمان لم يستمر كثيرا.
تنسيق وتحالفات
من جانبه قال د. محمد حبيب القيادي السابق بجماعة الإخوان المسلمين: إقصاء المرأة والشباب والأعداد المحدودة والمتواضعة للغاية التي رشحت في قوائم الأحزاب تدل علي قصر النظر وعدم وضوح الرؤية وقلة الوعي وعدم الثقة في الشباب والمرأة في خوض تجربة الانتخابات من قبل الأحزاب فالأمر بالدرجة الأولي يرجع إلي الأحزاب والتي كان من الممكن أن تعطي لهم الفرصة ولكن هذا لم يحدث مما دفعهم للترشح بالنظام الفردي وهم لا يستطيعون أن يقدموا لأنفسهم الدعاية والتكلفة المالية في ظل الدوائر الكبيرة ومن الصعب جدا نجاحهم بمفردهم وما أخشاه أن تكون المرحلة الثانية والثالثة مثل المرحلة الأولي التي شهدت إقصاء للشباب والمرأة.
أضاف حبيب: علي القوي اليسارية والليبرالية ألا تستلم ولا تتخبط وأن يكون لديها روح التحدي, أيضا لابد أن يوجد تنسيق وتحالفات بين هذه القوي مع بعضها البعض.
البيئة السياسية
قال د. جمال زهران أستاذ العلوم السياسية: السبب في إقصاء المرأة والشباب إن النظام الانتخابي هو أسوأ نظام في العالم وله مخاطر كثيرة وهذا النظام في ظاهره رحمة وباطنه عداء, فكيف تنجح المرأة والشباب والأقباط وهم ليسوا علي نظام القائمة, فنظام القائمة كان سيحميهم ويأتوا إلي البرلمان بإرادة الشعب وذلك طبقا لقوانين وتشريعات, أيضا نحن لم نملك دستورا نادينا به وأكدنا علي ضرورة وضعه قبل الانتخابات, فهو الوحيد الذي كان سيحمي هؤلاء ويجعلهم في مقدمة القائمة بدلا من آخرها وبالتالي كان من الطبيعي سهولة حصولهم علي مقاعد في البرلمان, فالبيئة السياسية الموجودة هي السبب, بالإضافة أنه علي كل من يريد أن يعمل بالسياسة أن يقدم نفسه في البداية للعمل العام ويكون مرتبطا بالمواطنين وهو أهم شئ في العملية الانتخابية.
ليسوا أصحاب جماهيرية
أما محمد منيب المحامي ورئيس المنظمة الأفروديموقراطية لحقوق الإنسان فأوضح: هناك تجاهل للمرأة نتيجة أوضاع غير طبيعية تجعل فكرة المرأة تساوي الرجل يشوبها قصور بسبب الثقافة الحديثة المحرومة من التنفس في المجتمع المصري الآن, أما عن الشباب فتم وضعهم في قوائم الأحزاب التقليدية بالفعل ولكنهم لم يأتوا بهم في مقدمة القائمة مما قلل فرص نجاحهم.
استطرد منيب: الفرصة كانت للشباب أكثر في الأحزاب الحديثة التي تؤمن بهم ولكن الوقت والمال والإمكانات كانت العائق للدفع بهم للناخب لأنهم ليسوا أصحاب جماهيرية, أيضا المرشحين منهم علي النظام الفردي لم يكن لديهم الأداوت للوصول إلي الشارع فالإندفاع نحو الدعاية الدينية من قبل التيارات الأخري أثر علي المواطن, خاصة أن 40% من المصريين لا يجيدون القراءة والكتابة مما جعلهم يندفعون بمرشحن بعينهم في الصندوق الانتخابي ويبتعدوا عن المرشحين المستقلين من الشباب وأتوقع أن المرحلة الثانية والثالثة ستحدث نوعا من تغيير المواقع في المرشحين لمواجهة ما حدث في المرحلة الأولي مما يجعل هناك أملا لتمثيل أكثر للشباب والمرأة في المقاعد البرلمانية.