يبدو أن هيئة المحكمة فقدت صبرها تجاه المدعين بالحق المدنى فى قضية قتل المتظاهرين التى جرت المحاكمة فيها اليوم للوزير الأسبق حبيب العادلى و ستة من مساعديه .. حتى أن الهيئة رفعت الجلسة أربع مرات خلال ساعتين كلما ضاق الأمر بها وفقدت السيطرة على محامى المدعين بالحق المدنى الذين بدوا غير موضوعيين فى طلباتهم إذ لم يطلب أحد منهم طلبات موضوعية رغم كثرة عددهم سوى سامح عاشور وأمير سالم ..
خارج الإكاديمية يبدو المشهد مخزياً حيث تقف زوجة الشهيد أحمد محمود الزميل والصحفى الراحل فى أحداث 29 يناير .. يمنعها الأمن من الدخول لأنها ليست محامية ولا تحمل أوراقاً تثبت إنها مدعية بالحق المدنى .. أبرزت كارنيه نقابة الصحفيين .. ولكن لم ينفع الأمر، فأبرزت بطاقة هويتها المسجل فى خلفيتها إسم الشهيد أحمد محمود زوجها وهو إثبات كاف للسماح لها بالدخول .. ولكن دون جدوى .. فى ركن أخر يقف بعض المحاميين الذين سبقهم زملاؤهم إلى الداخل وليست معهم توكيلات أو تصاريح قادمون من الإسكندرية .. لكنهم ممنوعون من الدخول أيضاً .. و على جانب أخر يقف أحد لواءات الشرطة يمنع الجميع من المرور فى ممر الدخول ويقول لنا أنا عبد المأمور أحمد رفعت رئيس المحكمة لم يعطنا أمرا بدخول أى شخص بدون تصريح .
العجب كل العجب إنه لم يكمل كلامه حتى ظهر المستشار أحمد رفعت على الشاشة العملاقة الموجودة خارج الإكاديمية يستمع لسامح عاشور النقيب الأسبق وهو يطلب منه السماح لمحاميى المدعين بالحق المدنى بالدخول وإنه لا يصح تركهم بالخارج .. واسترسل عاشور مخاطباً إياه .. “لا يمكن أن يحضر محاميو الشهداء ليقفوا ويمنعوا فى الخارج وهل هذا هو ما سيتم غداً فى محاكمة مبارك عليكم الإيضاح الأن”
استجاب المستشار أحمد رفعت لطلب عاشور وقرر دخول كل المحامين بكارنيه نقابة المحامين فقط فى كل جلسات المحاكمة .. ثم استكمل الجلسة
طلب عاشور ضم القضية الخاصة بحبيب العادلى ومساعديه لقضية مبارك ونجليه قائلاً :” لا يمكن أن يفرق دم الشهداء على فريقين ويحمل فريق المسئولية منفرداً فالمسئولية تقع على كلا الفريقين وأقترح عاشور ضم القضيتين لجلسات موحدة لأن المجنى عليهم والشهود والدفاع والمدعين بالحق المدنى هم أنفسهم فى القضيتين فالأطراف هى ذات الأطراف فلماذا الفصل ؟؟ ” قال عاشور هذا فى إشارة الى أن الفصل فى إتجاه تحميل المسئولية لبعض الجناة دون غيرهم .
أما أمير سالم المحامى والناشط الحقوقى فقدم للمحكمة عشرة طلبات كاملة أصر على تلاوتها على مسامع الجميع رغم إعتراض المحكمة فى البداية .. وقال :” طلبات الدفاع هى : ضبط وضم دفاتر الحركة والمراسلات بين مبارك والعادلى وصفوت الشريف و حسن عبد الرحمن وأخرين و الموجودة بمقر الرئاسة ومقر إقامة مبارك – كذلك ضبط المكالمات والمراسلات بين مبارك ورئيس المخابرات العامة عمر سليمان ومقرها مقر المخابرات العامة ومقر جهاز الأمن القومى ..ضبط كافة المراسلات بين العادلى ومساعديه وكذلك ما تم التحفظ عليه من قبل القوات المسلحة .. ضم دفاتر أوامر وزير الداخلية الأسبق ورئيس مباحث امن الدولة للضباط وضباط الصف المدربين والمتخصصين فى أعمال القناصة .. ضبط دفاتر السركى والسلاحليك والذخيرة لبنادق القناصة .. ضم ما تقدمنا به للنيابة العامة ومن تسجيلات مرئية لستة من القناصة من ضباط الصف أعلى وزارة الداخلية يطلقون الرصاص الحى على المتظاهرين ..ضبط ومناظرة أجهزة المراقبة والتحكم الموجودة بمنبى الإذاعة والتليفزيون بماسبيرو ومقر الرئاسة ومنزل الرئيس الأسبق وكافة التسجيلات الصوتية والمرئية التى كانت تراقب شوارع القاهرة وتسجل حركة المتظاهرين من مبنى ماسبيرو وتم التوصل إلى 154 جيجا منها وستة هارد ديسك .. وكذلك دفاتر أوامر الحركة لتلك التسجيلات والقائم عليها من 25 يناير وحتى 14 فبراير .. ضم والإطلاع على كافة التسجيلات التى ورد بشأنها بلاغ 1896 لسنة 2011 عرائض وسط القاهرة يوم 2 فبراير
أما عن اليوم المعروف بموقعة الجمل يقول أمير سالم :” تم سلخ تلك الواقعة من قضية قتل المتظاهرين دون سبب واضح لكننا نطالب بضم كافة المستندات فى هذه الدعوى بسبب وحدة المتهمين و وحدة الشهود و وحدة القرائن والأدلة و وحدة المجنى عليهم .. كذلك ضم البلاغ المقدم للنائب العام برقم 8983 لسنة 2011 بشأن نشأة تنظيم سرى وإدارته من قبل أحمد عز وصفوت الشريف وفتحى سرور وحبيب العادلى وأخرين .
ويكمل أمير طلباته قائلاً :” نطالب أيضاً بضم حركة الأوامر والتكليفات الإدارية والفنية لدى مكتب وزير الإتصالات والهيئة العامة لشركة موبينيل وفودافون وإتصالات من 25 يناير وإلى 4 فبراير ..
طلب المحامون عن المدعين بالحق المدنى أيضاً تمكينهم مرة أخرى من الإطلاع على فض الإحراز والحصول على نسخ من القضية دون رسوم مغالى فيها لتمكينهم من الإطلاع .. وعرض المصاب سامح محمد عبد الباسط على الطب الشرعى واستخراج الرصاصة التى لا تزال فى فخذه حتى الأن و إثبات نوعها وما إذا كانت تنتمى لسلاح الأمن المركزى والداخلية من عدمه ..كذلك طالبت هيئة الدفاع عن المدعين بالحق المدنى الحصول على أشرطة وتسجيلات الكاميرات المثبتة أعلى المتحف المصرى وأعلى الجامعة الامريكية
بعد رفع الجلسة أربع مرات خلال ساعتين قرر المستشار أحمد رفعت رئيس المحكمة تأجيل القضية إلى يوم 5 سبتمبر وذلك لحين استكمال سماع دفاع المتهمين فى القضية، حيث كان من المفترض أن تستكمل المحكمة الاستماع إلى دفاع المتهمين بجلسة اليوم، إلا أن مشادات محامى المدعين بالحق المدنى مع هيئة المحكمة دفعت المستشار أحمد رفعت، رئيس المحكمة، إلى إصدار قراره بالتأجيل إلى جلسة 5 سبتمبر المقبل للاستماع إلى دفاع المتهمين.
فى تعقيب لبعض المحامين على ما شهدته جلسة اليوم يقول أحد أفراد هيئة الدفاع الذى رفض ذكر إسمه :” للأسف ذهبنا ومعظمنا لم يقرأ ملف القضية اللهم سوى أمير سالم المحامى .. وللأسف أيضاً بعضنا لم يذهب سوى للشو الإعلامى فقط وهو الأمر الذى بدا منفراً طيلة الوقت أن كل فرد يود الحديث كما لو كان يمارس دعاية لنفسه وهو ما أشار إليه المسشار أحمد رفعت أثناء الجلسة .. وكان لزاماً علينا أن نقرأ قبل الحضور .. ولكن الأمر الإيجابى أن أعداد و ثقل المحامين الحضور اليوم كانت بصورة مشرفة عكس المرة السابقة التى أحبطت كثيرين” .
يقول على سليمان المحامى وعضو هيئة الدفاع عن المدعين بالحق المدنى أن السبب الرئيسى فى الاجتماع الذى عقده المحامون أمس قبل المحاكمة كان توحيد الجهود وظهور جموع المحامين بالمظهر اللائق عكس الذى ظهرت به هيئة الدفاع فى الجلسة الأولى من جلسات محاكمة القرن والذى لم يكن مرضياً للشعب فبدأ التدافع من جانب المحامين لتكوين مجموعات عمل وهيئات دفاع من كل الكيانات توحدت تلك الهيئات . ورغم أن عدد المحاميين كبير مما كان ينبىء عن إحتمالية عدم استصدار تصاريح للجميع لذلك ما حدث من تأخر للتصاريح كان متوقعاً والإرتباك الذى حدث أثناء الجلسة متوقعاً إلا أن كل ما يحدث أمر إيجابى من ناحية الاستمرارية لأن المعتاد فى تلك القضايا العامة أن الشو الإعلامى ينحسر تدريجياً وتنحسر معه الأعداد
أما محمد منيب المحامى والناشط الحقوقى يرد حول سؤال وطنى عن تأخرهم فى تكوين هيئة دفاع بهذا العدد حتى الأن قائلا ً : نعم جاء تحركنا متأخراً مثل كل الأشياء الموجودة فى الواقع المصرى فنحن جزء من هذا الواقع .. لكن هذا لا ينفى أن عدداً من المحامين الموجودين الأن تقدم بطلب استصدار تصاريح فى الجلسة الأولى للمحاكمة و وقف أمام باب المحكمة أنذاك ولم يسمح له بالدخول وكنت أنا واحداً من هؤلاء وهو أمر غير قانونى فليس من سلطة المحكمة أو أى جهة منع المحامين من حضور الجلسات ما دامت هناك صفة للحضور .. و وجدنا فى الكشوف أسمائنا وأمامها علامة أكس ( x) باللون الأحمر ولا نعلم من وضعها ولماذا .فالقانون يحظر منع أى من المحامين أو حتى الجمهور ويلزم بفتح القاعة أمام المحامين أياً كان عددهم وهو عكس ما حدث .
يرى المستشار أشرف الدهبى المحامى عكس ما سبق فيقول عن منع الصحفيين وبعض أهالى الشهداء :” أن زوجة أحد الشهداء والمدعية بالحق المدنى إذا كانت قد أثبتت حضورها مسبقاً فى محضر جلسة المحاكمة هى أو بوكالة عنها فالمحكمة تكون مكنتها من إثبات دعواها المدنية بصفتها زوجة أحد الشهداء وليس بصفتها الإعلامية أما عن منع الإعلاميين من الدخول فالقانون أتاح لهم أحد أمرين أما مقاضاة المتسبب فى أمر المنع بصفته وشخصه عن طريق نقابة الصحفيين .. والثانى تقديم بلاغ إلى النائب العام بشرط أن يكون بلاغ جماعى لكل الإعلاميين الذين تم منعهم وأخيراً لتفعيل ذلك عمل محضر إثبات حالة جماعى بقسم شرطة القاهرة الجديدة حتى لا تتكرر تلك المهزلة .
من ناحية أخرى أكد محمد الدماطى المحامى وكيل نقابة المحامين السابق وعضو الأمانة العامة لهيئة الدفاع عن أسر الشهداء أن هيئة الدفاع، شكلت عدة لجان منها، لجنة لاستخراج التصاريح، ولجنة لعمل التوكيلات للمحامين الذين لم يتمكنوا من الحصول على توكيلات، ولجنة للإطلاع على أوراق القضية وتوزيعها على المحامين فى هيئة الدفاع عن أسر الشهداء، مشيراً إلى أنهم نظموا كيفية المرافعة فى القضية، حيث هناك مجموعة ستترافع فى الشق العام بالقضية ومجموعة أخرى ستترافع فى الشق الخاص والشق الفنى، وأكد الدماطى أنه تم تشكيل لجنة من 25 محامياً للإطلاع على الأحراز فى قضية قتل المتظاهرين وهى خاصة بالشق الفنى، ويشرف عليها المحامى خالد أبو بكر.
وأوضح أن عدداً من محامى المحافظات أنضموا لهيئة الدفاع عن أسر الشهداء خاصة لتسهيل عملية الإتصال بأسر الشهداء والمصابين، وأنه جار التنسيق مع كافة هيئات الدفاع عن أسر الشهداء لتكون هيئة دفاع موحدة قوية.
أما الدكتور محمد كامل المرشح لمنصب النقيب بنقابة المحامين فيقول : تأخرنا فى هذه الخطوة بسبب عدم وجود توكيلات وعن سؤال وطنى الموجه له عن كونه ليس محامياً جنائيًا قال :” لست محامى جنائى لكننى أشارك نوعاً من التضامن مع زملائى فضمن هيئة الدفاع يوجد أساتذة فى القانون الجنائى هم المنوطون بكتابة المذكرات والمرافعات و وجود أى شخص غير متخصص هو واجب للتضامن مع الزملاء فالتخصصات فى القانون مثل الطب تماماً علينا إحترامها .
فى عودة للمشهد خارج الإكاديمية ..نجد فى الخارج بعض المحامون الذين لم يواصلوا الحضور لنهاية الجلسة وقد سرقتهم نداءات كاميرات الفضائيات للتسجيل .. والعدد بالداخل أنحسر نوعاً ما .. بينما يجلس مجموعة من الصبية يهتفون بين الحين والأخر لدم الشهداء .. وعلى مقربة منهم بعض الإحتكاكات بين صبية أخرون .. ذهبنا إلى شباك توزيع التصاريح للسؤال عن مصائر من لم يحضروا اليوم المحاكمة وهل سيلاقوا نفس المصير غداً فى محاكمة مبارك ونجليه فقال لنا ظابط الشرطة المسئول .. أذهبوا إلى محكمة استئناف القاهرة هناك فقط تستطيعون أن تعلموا فأنا هنا أنفذ فقط … الملاحظ أن قوات الجيش لم تكن لها دوراً ملحوظاً مثلما حدث من قبل . وإنها لم تكن متواجدة إلا بأعداد قليلة جداً . ولم تظهر بينما كانت قوات الشرطة فى صدارة المشهد خارج وداخل الإكاديمية .
—
س.س
١٤ أغسطس ٢٠١١