أيام ونستقبل عاما جديدا, نهتم بالاستعداد له… فنفكر في تغيير بعض الأشياء داخل منزلنا ووضع بعض اللمسات البسيطة لتغيير الروتين الذي اعتدنا عليه… ويأمل كل شخص في الأسرة بأن تكون هذه السنة الجديدة أفضل حالا من السابقة وأن تحمل له المزيد من النجاح والتقدم في حياته. ولكن هل يمكننا التخطيط للعام الجديد منذ بدايته حتي نطور حياتنا حقا في السنة الجديدة؟ وهل من الممكن أن يكون ذلك بمثابة نقد ذاتي يقوم به جميع أفراد الأسرة معا؟
حول هذا الموضوع تحدثنا إلي الدكتورة مني رمزي المتخصصة في مجال المشورة الأسرية فقالت: بالتأكيد كل عام جديد نتمني فيه حياة أفضل علي كافة المستويات وبخاصة فيما يتعلق بالأسرة والعلاقة بين الزوجين, وفيما بينهم وبين الأبناء. لذلك يجب أن يكون لدينا وقت لنجلس فيه معا ونتكلم عما حققناه في أسرتنا العام الماضي وما الذي نطمح في تحقيقه في السنة الجديدة. ومن الجميل أن يبدأ الزوجان بالجلوس معا في البداية ويجددوا مع بعض عهودهم, ومهم أن يسأل كل شريك نفسه كيف يمكنني التكيف مع طباع الطرف الآخر المختلفة عني. كذلك يجب أن يكون كل من الزوج والزوجة أمناء في الاعتراف لبعضهما البعض بالأشياء الإيجابية التي اكتسبها كل طرف من الآخر, وكان محتاجا إليها بالفعل في شخصيته وحياته.
من الممكن أيضا أن يجلس في البداية كل من الزوج والزوجة كل علي حدة أولا ثم يجلسون معا في جلسة مشتركة ويجب أن تكون هناك مساحة من المودة والمشاعر الطيبة بين الزوجين قبل الإقدام علي الجلسة المشتركة وإلا ستأتي جلستهم المشتركة بنتائج عكسية.
وحينما يجلس الزوجان معا فعليهما أن يبدءا الحديث عن الجوانب الإيجابية والمضيئة التي تحققت في حياتها في العام الماضي. وذلك حتي لا تكون الجلسة محبطة ويكون هناك مجال للحوار وأمل في غد أفضل. ثم نفكر سويا كيف نتخطي الأشياء التي نريد تغييرها في حياتنا اليومية, مثلا أننا لا نجلس مع بعض للتحدث إلا فيما ندر أو أننا لا نجلس مع الأبناء كثيرا ولا نشعر بمشاكلهم… إلخ. ثم نضع اقتراحات للخروج من هذه الحالة وبعد شهر أو اثنين يقوم الزوجان مرة أخري بتقييم الأمر معا هل استطاعا فعل تغيير ولو جزئي أم لا, وأن كانا لا يضعان حلولا بديلةأخري وهكذا…
وتضيف د.مني أن الأبناء يجب أن يعتادوا علي تقييم أنفسهم وأننا كان بشكل مبسط. فأنا غير متفقة مع البعض الذين يتعاملون مع الأطفال علي أنهم صغار, وأن تقييم الأمور ووضع الخطط والحسابات يحملهم الهم ولكن هذا غير حقيقي بالمرة. فالطفل حينما يعتاد منذ الصغر علي التفكير معنا ووضع حلول ومقترحات لتحقيق أهداف الأسرة أو أهدافه هو, وتتشكل لديه روح المبادرة ويكون أكثر مسئولية واعتمادا علي النفس بالإضافة إلي سعادته الشخصية بأنه يشارك الكبار ويشعره بالانتماء إلي الأسرة الأمر الذي نفتقده كثيرا في وقتنا الحالي.
تشير الدكتورة إيمان جلال أستاذة علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة حلوان إلي وجود جانب آخر يجب أن تضعه الأسرة في تقييمها للعام الماضي وهو: هل كانت هناك مساحة لزيارة الأقارب في ذلك العام؟ وهل هي كافية أم نحتاج المزيد من التواصل مع الأقرباء؟ فالعلاقات الأسرية والتواصل يساعدان علي النضج الاجتماعي لأبنائنا ويزيد شعورهم بالانتماء للأسرة والعائلة ككل. وإذا لم نضع هذا الأمر في العام الماضي في الحسبان علينا هذا العام أن نخطط ولو لعدة زيارات قليلة خلال العام.
كذلك يمكن أن يجلس الوالدان في جلسة مشتركة مع أبنائها الصغار يتحدثان معهم عما حققوه في هذا العام علي كافة المستويات سواء داخل الأسرة أو في مجال العمل أو علي مستوي العلاقات الإنسانية… وبهذه الطريقة نشجع أبناءنا علي التعبير عن أنفسهم وبالتالي يقومون بنوع من النقد الذاتي لأنفسهم بشكل مبسط ويجعل لديهم مساحة للتفكير في التغيير للأفضل في العام الجديد علي كافة المستويات سواء بالنسبة للدراسة أو علاقاتهم بأصدقائهم أو بالأسرة. وقد يساعدهم في ذلك استخدام الورقة والقلم لتدوين بعض الأشياء التي تحققت وإنما الذي نريد تحقيقه في العام الجديد. وفي أثناء العام الجديد ينظر في هذه الأوراق ليتابع نفسه هل يعمل بالفعل علي تطوير نفسه وتحقيق ما حدده من أهداف أم لا؟.
أخيرا ليتنا نجعل شعارنا في السنة الجديدة بث روح الرضا في أبنائنا وقبل ذلك في أنفسنا فنكون دائما ناظرين للأفضل, ولكن دون أن نبحث دائما عما ينقصنا فالشخص الذي لديه شعور بالرضا تجده غير محبط وبالتالي يستطيع أن يعمل بشكل إيجابي أكثر ويحقق أهدافه وما يطمح في تحقيقه.