صدرت دراسة حديثة عن المركز المصري للدراسات الاقتصادية تحت عنوان قضايا اقتصادية تناولت أربع موضوعات حظيت باهتمام كبير لدي الخبراء والمسئولين ومنها التجارة في الخدمات وأجندة الدوحة للتنمية وذلك بتمويل من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وفي إطار برنامج التعاون مع مجلس الشعب المصري.
أوضحت الدراسة أن المفاوضات الجارية في تحرير الخدمات في وضع أكثر تراجعا مقارنة بالزراعة والنفاذ إلي الأسواق للسلع غير الزراعية, وأن العروض المقدمة وصلت إلي 47 عرضا من مجموع 149 دولة أعضاء في المنظمة العالمية للتجارة. وسعي الاتحاد الأوربي منذ البداية بالتحالف مع الولايات المتحدة إلي تغيير النمط الساري في تحرير الخدمات من النهج المتبع للتحرير وفقا للعرض والطلب إلي اتباع مناهج مستحدثة وتحديد أهداف طموحة تستهدف التحرير لعدد أكبر من القطاعات الخدمية وبمعدلات أسرع.
غير أن هناك عددا لا بأس به من الدول النامية لا تمانع من التعجيل في تحرير الخدمات, وأمثلة الدول الزراعية كالبرازيل والأرجنتين وغيرها, التي لا تمانع الدخول في مساومات للمزيد من التحرير في الخدمات مقابل التحرير وإزالة الدعم الزراعي. كما أن هناك اقتناعا متزايدا من جانب عدد آخر من الدول النامية, ومن بينها مصر, بأهمية تحرير الخدمات للارتقاء بمستواها, وأيضا لأن الخدمات في العديد من قطاعاتها تمثل مدخلات حيوية في تطوير الإنتاج وزيادة الصادرات السلعية. ويسعي كثير من الدول النامية إلي محاكاة ما حققته الهند كأحد أسرع اقتصادات دول العالم في تحقيق معدلات النمو الذي يرجع في الأساس إلي النمو السريع الذي شهدته في قطاع الخدمات بها. فقد نما القطاع الخدمي بالهند خلال التسعينيات بنسبة 9% سنويا مساهما بما يقرب من 60% من معدلات النمو الكلية للاقتصاد الهندي, وظهرت أعلي معدلات النمو في تكنولوجيا المعلومات وخدمات التعاقد الخارجي. وفي ظل هذه الظروف استطاعت الهند اتخاذ مواقف واضحة وقوية في إطار مفاوضات تحرير الخدمات مقارنة بالدول النامية الأخري, بل لم تتردد في تقديم تنازلات عديدة في مجالات مختلفة مقابل الحصول علي تنازلات مجزية من الدول المتقدمة في مجال تحرير الخدمات.
أكدت الدراسة أن الخدمات احتلت أهمية كبيرة في اقتصاديات الدول المتقدمة والنامية خلال الخمسين سنة الأخيرة, حيث زادت نسبة مساهمة قطاع الخدمات في الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بقطاعي الزراعة والصناعة, وتمثل الخدمات الآن في المتوسط 50% من الناتج المحلي الإجمالي في الدول النامية وترتفع هذه النسبة إلي 70% في الدول المتقدمة. وبصفة عامة, مع ازدياد درجة التقدم الاقتصادي تستهلك خدمات أكثر وسلعا أقل. وتزداد فرص العمل في قطاع الخدمات مقارنة بقطاعي الزراعة والصناعة نتيجة للتقدم التكنولوجي الذي يؤدي إلي إحلال رأس المال محل العمل.