قالت خمس منظمات حقوقية مصرية إن الاعتداءات الوحشية التي قامت بها قوات الأمن التابعة لوزارة الداخلية وقوات الشرطة العسكرية الخاضعة للمجلس الأعلي للقوات المسلحة علي مدي الأيام الثلاثة الماضية ضد المعتصمين في القاهرة والإسكندرية والسويس والإسماعيلية وأسيوط وبضع مدن أخري تشكل جرائم جنائية لن تسقط بالتقادم وتوجب تقديم مرتكبيها والمحرضين عليها إلي المحاكمة الجنائية.
وتعهدت المنظمات الخمس- وهي المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ومركز هشام مبارك للقانون ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ومركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان- بمواصلة العمل علي تحديد قائمة المسئولين المدنيين والعسكريين المتورطين في قتل المتظاهرين أو فقأ أعينهم أو تكسير عظامهم وجماجمهم علي النحو الذي قامت المنظمات ووسائل الإعلام بمتابعته وتوثيقه علي مدي الأيام الماضية.
وذكرت المنظمات أن قائمة المسئولين الذين تعتزم مقاضاتهم تضم حتي الآن من اللواء منصور العيسوي وزير الداخلية, لقطاع الأمن المركزي, واللواء حمدي بدين قائد الشرطة العسكرية, واللواء حسن الرويني قائد المنطقة المركزية العسكرية, فضلا عن مسئولين مدنيين وعسكريين آخريين في عدد من المدن الأخري التي شهدت جرائم جنائية مماثلة ضد المتظاهرين.
وأكدت المنظمات أن مندوبيها شاهدوا بأنفسهم قوات الشرطة العسكرية وهي تقتحم ميدان التحرير في حوالي الساعة الخامسة من مساء الأحد وتعتدي علي المتظاهرين بوحشية باستخدام الهراوات قبل أن تقوم بإشعال النيران في خيام ومتعلقات المعتصمين وعدد من الدراجات النارية. كما تبين مقاطع فيديو بثها كل من موقع المصري اليوم وقناة الجزيرة مباشر مصر هجوم أفراد الشرطة العسكرية والمدنية علي متظاهرين عزل من ثلاث نواح للميدان, مستخدمين المدرعات والقنابل المسيلة للدموع والعصي, وتظهر ضرب متظاهرين عدة مرات علي رؤوسهم بعد ما طرحوا أرضا بالعصي وأقدام العساكر, حتي بعد أن توقف المتظاهرون تماما عن الحركة.
الشهادات والأدلة
وأضافت المنظمات الحقوقية المصرية أن مندوبيها بدأوا في جمع الأدلة والشهادات, فضلا عن مشاهداتهم المباشرة منذ بدء الاعتداءات والعنف المفرط ظهر يوم السبت 19نوفمبر, وأن الأدلة والتحقيقات تشير حتي الآن إلي استهداف واضح من قبل الجهات الأمنية للمتظاهرين عبر إطلاق الذخيرة الحية ورصاص الخرطوش والضرب المبرح والسجل والقذف بالحجارة, فضلا عن الاستخدام المفرط لقنابل الغاز المسيل للدموع وحرق خيام ومتعلقات أخري تتبع المعتصمين.
وأكدت المنظمات أن تحقيقاتها المستقلة تشير حتي الآن إلي نمط متشابه من الاستخدام المفرط للعنف المتعمد الذي أوقع حتي الآن ما يقرب من 40 قتيلا من بين المتظاهرين فضلا عن أكثر من ألفي مصاب. وأشارت إلي المعلومات الواردة من مصلحة الطب الشرعي التابعة لوزارة العدل, والتي أفادت بأن المصلحة استقبلت حتي الآن22 جثة من مستشفيات قصر العيني والدمرداش وأحمد ماهر والهلال وأنها استخرجت 25 رصاصة من أجساد بعض الضحايا وأن أغلب الرصاصات القاتلة استقرت في الجزء العلوي من أجساد الضحايا, وهو ما يتوافق مع ما أكد الأطباء المتطوعون في المستشفي الميداني في التحرير وشهود العيان في المدن الأخري, فضلا عن البلاغ الذي قدمه اليوم مجلس نقابة الصحفيين إلي النائب العام والذي يؤكد تعمد الاعتداء علي الصحفيين وإصابتهم إصابات خطيرة.
وشددت المنظمات علي أن حكومة شرف لاستقالتها بعد ثلاثة أيام من العنف الوحشي, أو إعلانها عن تحمل ما اسمته ##المسئولية السياسية## للأحداث, أو إعراب المجلس الأعلي للقوات المسلحة عن ##أسفه## بشأن الاعتداءات, كلها إجراءات لا تغير من الطبيعة الجنائية للجرائم التي ارتكبتها قوات الأمن المدنية والعسكرية, وأن أي خطوات تهدف إلي حل سياسي لن تكون كافية ما لم تصحبها إجراءات فورية لمحاسبة المجرمين جنائيا وتحقيق العدالة للضحايا, وإطلاق عملية شاملة لتطهير وإعادة هيكلة وزارة الداخلية, وفتح تحقيقات قضائية مستقلة في كافة الانتهاكات والجرائم التي ارتكبتها عناصر الشرطة المدنية والعسكرية منذ فبراير الماضي, فضلا عن تغيير كافة المسئولين عن الإعلام الرسمي وضمان ألتزامه بأقصي معايير المهنية والحياد.