ماذا تعني كلمة المجتمع المدني وما تقسيماته وتفريعاته والقوانين التي تحكمه وتنظم العمل به؟ ولماذا كل هذا اللغط الذي انتشر مؤخرا حول دور مؤسسات المجتمع المدني؟ أسئلة ترددت كثيرا بين أروقة برلمان وطني وعلي الرغم من وجود اجتهادات من قبل أعضاء البرلمان للإجابة علي الأسئلة السابقة إلا أنها كانت تعتمد في الأساس علي الآراء المتداولة سواء علي صفحات الجرائد المختلفة أو عبر الفضاء الإلكتروني. إلا أن برنامج المشاركة لشباب برلمان وطني استضاف المهندس إيهاب مدحت رئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار ومستشار الاتحاد العام للجمعيات والمؤسسات الأهلية.
لتوضيح هذه الأمور والإجابة علي كافة الأسئلة المطروحة حول الموضوع في البداية أشار مستشار الاتحاد العام للجمعيات والمؤسسات الأهلية إلي أن بنيان أية دولة يرتكز علي عدة مؤسسات تبدأ من القطاع الحكومي وتمتد لتشمل بعض المؤسسات الخاصة الأخري بالإضافة إلي التعاونيات والتي غالبا ما تنشأ بمبادرات فردية من مجموعة من الأفراد بهدف تقديم خدمات ما مثل تعاونيات الإسكان.
أضاف المهندس إيهاب أن أول شكل ظهرت فيه صور المجتمع المدني في مصر كان مع ميلاد الجمعية الخيرية اليونانية سنة 1821, التي صدرت بمرسوم ملكي آنذاك وشدد أ. إيهاب علي أن مفهوم المجتمع المدني يتلخص في العلاقة بين الحكومة والشعب وفي هذا الإطار تندرج المؤسسات والجمعيات والمنظمات والأندية الرياضية والنقابات تحت إطار المجتمع المدني منبها إلي أن الأحزاب السياسية وطبيعة عملها تجعل منها قضية جدلية حول هل تعتبر جزءا من المجتمع المدني أم لا؟
ينقسم تاريخ المجتمع المدني في مصر كما ذكر أ. إيهاب إلي عدة مراحل بعد إنشاء الجمعية الخيرية اليونانية. مرحلة ثورة 1919, التي اهتم النظام فيها بقضية التعليم حيث كان التعليم وقتها أجنيا وينحصر في المستويات العليا مما أوجد حاجة ماسة لبلورة مؤسسات وجمعيات أهلية تكون قضية التعليم محورها الرئيسي, ثم مرحلة الرقابة والتوجيه حيث صدر سنة 1939 أول مرسوم ملكي لإنشاء وزارة الشئون الاجتماعية بهدف الرقابة والإشراف والتوجيه علي نشاط الجمعيات الأهلية ثم مرحلة الثورة حيث صدر قانون رقم 84 لسنة 1956 لتقنين عمل الجمعيات الأهلية وتميزت بسيطرة الدولة علي أنشطة المجتمع المدني بصورة كبيرة إلا أنه مع تعديل القانون السابق وصدور قانون رقم 32 لسنة 1964 تم تخفيف تدخل الدولة في عمل تلك المؤسسات والمنظمات وتم العمل بهذا القانون حتي تسعينيات القرن الماضي.
واستطرد أ. إيهاب أن المجتمع المدني ينقسم عمله إلي محورين رئيسيين هما: محور العمل التنموي ومحور الدراسات والأبحاث وحقوق الإنسان. يندرج تحت المحور الأول كافة الجمعيات والمؤسسات العاملة في مجالات العمل التنموي المختلفة. والمحور الثاني هو ما أوجد اللغط الكبير حول شبهة التربح من العمل في المجتمع المدني حيث استغل البعض واجهة حقوق الإنسان ليقوم بتلميع نفسه وتسويقها ليس في وسائل الإعلام الغربية فحسب بل أيضا لدي الأنظمة الغربية وجهاتها المانحة.
وأوضح أن الدول الكبري رصدت ميزانيات ضخمة لدعم حقوق الإنسان في العالم, منبها أن مثل هذه الذريعة تعد إحدي الوسائل المهمة في سياسة تدخل الدول الكبري في الشئون الداخلية للدول الصغري.
وبسؤاله عن تقييمه لعمل منظمات المجتمع المدني التنموية؟ أشاد بالدور الذي تلعبه الجمعيات التنموية في تنمية بعض القري والنجوع مشيرا إلي أن تلك الجمعيات قدمت ما لا يقل علي 25% من الخدمات الصحية وردم المصارف وتحسين البيئة وتنظيفها بقري الدلتا والصعيد.
وسألت ندي عضوة البرلمان عن الدور الذي تقوم به وزارة التعاون الدولي في دعم التمويل الذي تحصل عليه منظمات المجتمع المدني؟ فأجاب أ. إيهاب أن دور الوزارة أن تبرم الاتفاقيات بين الجمعيات الأهلية المصرية والجهات الأجنبية المستعدة لتقديم تمويل لأي نشاط في مصر.
وفي رأي أحد أعضاء البرلمان أن إيهاب مدحت كان في حديثه متحاملا علي منظمات حقوق الإنسان كما دافع عن حالة الطوارئ التي تعيشها مصر منذ عام 1981 فرد إيهاب: أن تحامله علي منظمات حقوق الإنسان يرجع إلي عدة نقاط أهمها, أن حجم التمويل الخارجي الذي تحصل عليه جمعيات ومؤسسات المجتمع المدني في مصر ليس بقليل لكن تجذب منه 95% المنظمات العاملة في حقوق الإنسان أما باقي الجمعيات والتي يبلغ عددها حسب آخر إحصائية 26497 علي 5% فقط من التمويل متسائلا أليست هذه الأرقام كافية بجعلنا نلتفت إلي الفساد والتربح الذي استشري بمنظمات حقوق الإنسان؟!
أعده للنشر: محمد ماهر – شيماء الشواربي – هند فوزي
تصوير: مريم ماهر