كشفت أحداث سيناء الأخيرة الغطاء عن المسألة القبلية في مصر, وأكدت علي أن أقليات عرقية وثقافية ودينية في مصر المحروسة تعاني من المواطنة المنقوصة فالأمر لم يعد مقصورا علي التمييز ضد المرأة والتمييز الواقع علي الأقباط في الوظائف وبناء الكنائس وغيرها من الحقوق المشروعة للمواطنين المصريين الأقباط, فهناك حقوق أخري ثقافية للنوبيين, ودينية للشيعة والبهائيين, وأخيرا حقوق المواطنين المصريين البدو التي جروي التفاوض عليها 5 مرات في الثلاثة شهور الأخيرة وآخرها المفاوضات التي جرت بين بدو سيناء وبين رئيس الوزراء الدكتور عصام شرف ثم المحافظ الحالي لشمال سيناء اللواء عبد الوهاب جمال ووفق ما هو معلن حدد البدو مطالبهم في 16 مطلبا أهمها:
الأفراج عن المعتقلين وإسقاط القضايا التي يرونها ملفقة…إنهاء وجود الشرطة والتعامل مع أجهزة المخابرات لما بينهما من علاقات طيبة نشأت منذ مقاومة الاحتلال الإسرائيلي..إعطاء البدو حقوق المواطنة الكاملة بما في ذلك حق تملك الأراضي في سيناء والسماح لأبناء البدو بدخول الكليات العسكرية ومراعاتهم في الوظائف العامة خاصة في سيناء التي يسيطر علي أغلب وظائفها موظفون من خارجها والاهتمام بإشراك بدو سيناء في مشروعات التنمية واحترام العادات والتقاليد البدوية وإعطاء البدو حق التقاضي العرفي قبل اللجوء للقضاء المصري.
وكانت سيناء قد شهدت في السنوات الخمس الأخيرة(2006-2011) 64 حادث تفجيرات أو سطو مسلح, أو خطف رجال أمن أو قطع طرق مما أسفر عن 3 آلاف قضية صدرتها 255 حكما غيابيا, هذا بخلاف التفجيرات الخمسة لخط الغاز, وهكذا فالأرقام الرسمية المعلنة تؤكد أن السنوات الخمس الماضية كانت تشهد شهريا 5 حوادث عنف مسلح و45 حكما غيابيا و50 قضية, إضافة لاتباع سياسة الإنكار والتلفيق وعدم إعلان الحقائق من الأجهزة الأمنية.
تلك الحقائق والأرقام تكشف عن أن بدو سيناء لم يتمردوا سوي 14 مرة منذ تأسيس الدولة الحديثة علي يد محمد علي وإنشاء العريش كمحافظة وحتي 1952 أي تمرد كل 8 سنوات في حين شهدت الخمس سنوات الأخيرة 5 تمردات شهريا وهذه أرقام ملفتة ولها دلالاتها المهمة.
إمارة إسلامية
ما حدث أمام قسم ثاني العريش منذ نحو أسبوعين من هجمة شرسة لمجموعة من ملثمة ومسلحة بأسلحة ثقيلة تقاتل رجال الشرطة والقوات المسلحة 9 ساعات متواصلة في مسرح عمليات مكشوف ينم عن مقاتلين مدربين علي أعلي مستوي ولا يمكن أن يكونوا فقط مجموعة بلطجية أو حتي مجموعة من تنظيم القاعدة بل إن المشهد يبدو لأي عسكري مبتدئ أن هناك مخابرات دول أو تنظيمات كبري مجاورة لمسرح العمليات ساهمت بالتخطيط والمساندة وإلا بالله عليكم كيف لمجموعة بلطجية في مسرح عمليات مكشوف أن يفعلوا كل ذلك؟ ربما ذلك ما ذهب بالصحف الإسرائيلية خاصة ##هاآرتس## إلي اتهام مخابرات إقليمية بمساندة القاعدة والتشهير بمصر تحت زعم أنها فقدت السيطرة علي شبه جزيرة سيناء.
اللواء عبد الوهاب جمال محافظ شمال سيناء اعترف ضمنا في صحف 1 أغسطس بوجود تنظيم القاعدة في سيناء حينما صرح قائلا :##الأمر ليس خطرا والعناصر التي تشكل أذرع لتنظيم القاعدة مرصودة ومعروفة وهم عناصر قليلة العدد وتحت أعين أحهزة الأمن##, وأضاف ##الأمن مستقر في العريش لكن العناصر التي تأتي من خارج العريش هي التي تثير القلاقل##. وهكذا فإن فرضية وجود لتنظيم القاعدة مدعوما بمخابرات دولة مجاورة لم تعد سرا, وتتأرحج بين تهوين المحافظ وتهويل من ادعي أنه أحد قيادات القاعدة ويدعي الشيخ عواد حيث صرح في اتصال هاتفي مع ##المصري اليوم## بتاريخ3 أغسطس الحالي:##أن التنظيم قوي وكبير ومنتشر في ربوع سيناء وعدد أعضائه نحو 10 آلاف##, واعترف بوجود عناصر أجنبية في الهجوم وأكد علي تلقي عناصر التنظيم تدريبا عاليا داخل مصر وفي قطاع غزة, مشيرا إلي أن مطالبهم هي إقامة إمارة إسلامية في سيناء##.
التصحر الثقافي
ولمزيد من إلقاء الضوء فإن المسألة القبلية في مصر من الأمور المسكوت عنها, تخبو حينما تكون أساسات التماسك القومي سليمة, وتهتز مع اهتزاز تلك الأساسات حيث يبلغ عددالقبائل العربية في مصر 105 قبائل منتشرة في كل محافظات مصر ثلثها علي الأقل في سيناءوذلك طبقا لتقديرات الشيخ سليمان أبو حسين شيخ مشايخ قبيلة ##السماعنة## بشمال سيناء, وأكد أبو حسين أن القبائل البدوية العربية تضم نحو 17 مليون مصري. تتركز معظم هذه القبائل ما بين قنا والبحر الأحمر وسيناء ومطروح والساحل الشمالي, موزعة علي الخريطة الآتية وفقا لإحصائيات 1970:
-العريش: العرادات, الوفاقدة, الدهيمات, والمحافيظ, الخناصرة, الرميلات.
-البحيرة: أولاد علي, البهجة, بني عونه, الجوابيس, الجمعيات, الهوارة, واللزد, النجمة, الثمامة.
-الشرقية: العيايدة, العبس, العقايلة, الخارسة, أولاد علي, أولاد موسي, أولاد سليمان, البياضين, بلي, بني عدي, الضعفا, الفرجان, الفوايد, جهينة, الجليلات, الهنادي, هيتم, قيس, المساعيد النجمة, النفعيات, السعدين, سماوس, السماعنة, الصوالح, الطميلات.
-الدقهلية: العيايدة, أولاد علي, البهجة, البراعصة, الفوايد, الجوابيس, الهنادي, النجمة, النفعيات, الطميلات.
-الغربية: العيايدة, أود علي, أولاد سليمان, البهجة, البياضين, البراعصة, الدبيسات, الفرجان, الفوايد, الجوابيس, الجمعيات, الهنادي, الحرابي, الحويطات, هيتم, القطعيات, خويلد, اللزد, النجمة, النفعيات, الرماح, الطميلات.
-القليوبية: العيايدة, بلي, العليقات, جهينة, الهنادي, الحويطات, المعازة, المطارفة, النجمة, الصهب, الصوالح, الترابين.
-المنوفية: العيايدة, أولاد علي, البهجة, البراعصة, الجوابيس, الجبالية, الهنادي, الحويطات, النجمة, طرهونة.
-أسيوط: العمايم, إجلاص, أندراة, الجهمة, الجيلات, الجوازي, الهداهيد, هيتم, البايع, الطرشان, الطرفا, طرهونة.
-بني سويف: الضعفا, الفوايد, فزارة, الجوابي, الجمعيات, الهنادي, المعازة, المشارقة, الرماح, طرهونة, الطميلات, السعادنة.
-الفيوم: البراعصة, الضعفا, الفرجان, الفوايد, فزارة, الهنادي, الحرابي, هيتم, الحويطات, الحوطة, خويلد, الرماح سمالوس, الطميلات.
-المنيا: العطيات, الفرجان, الفوائد, الجليلات, اتلجوازي, خويلد, المعازة, المشارقة, الرماح.
-الجيزة: الضعفا, الجوازي, النعام, النجمة, الترابين.
-إسنا: العبابدة, العليقات, الجعافرة.
-جرجا: العايم, الأطاولة, العطيات, العوادم, بلي, بني واصل, الكلاحين, الصهب.
-قنا: العزايزة, العوادم, بلي, العليقات, جهينة, الكلاحين, الكرنك, المعاربة, صهب.
الذي لا يعرفه الكافة أن أتباع هذه القبائل يتمتعون بعادات وتقاليد وقضاء عرفي وكانوا حتي ثورة يوليو 1952 معفيين من الخدمة العسكرية. ووفقا لإحصائيات وزارةالشئون الاجتماعية عام 2005 فإن الجمعيات الأهلية التي شكلها المواطنون المصريون المنتمون إلي القبائل تشكل 8% مجموع الجمعيات المقدر بـ 25 ألف جمعية أي حوالي 2000 جمعية, ووفقا لتقديرات للباحثين يبلغ متوسط عدد نواب مجلس الشعب الممثلين لتلك القبائل في انتخابات 1990- 1995 , 2000- 2005(65 نائبا) ومن المعروف أن هذه الانتخابات تمت بالنظام الفردي, وكان 90% من هؤلاء تقريبا أعضاء في الحزب الوطني الحاكم حينئذ, في حين بلغ عددهم في انتخابات 1984(14 نائبا)- 1987 (17 نائبا) والتي جرت بالقائمة النسبية المشروطة, وتوزعوا ما بين حزبي الوفد والوطني.
العلاقة بين السلفيين والقبائل
ومن يعود بالذاكرة إلي أحداث قنا اعتراضا علي تعيين المحافظ القبطي في نهاية أبريل الماضي وقطع خط السكة الحديد من قبل بعض القبائل القنائية وسط هتافاتهم ##إسلامية إسلامية## ورفع الأعلام السعودية, وأن بعضا من هؤلاء بايعوا من بينهم أحد أئمة المساجد أميرا علي إمارة قنا واستخفت النخبة المركزية بذلك,لن يستغرب ما حدث في ميدان التحرير من الحركة السلفية في 29 يوليو الماضي, كما لن يفوته الربط بين ميدان التحرير وأحداث العريش….نفس الإعلام ونفس الشعارات, ولم يتوقف أحد بالتحليل والربط بين هذه الظاهرة من قنا إلي سيناء مرورا بالتحرير مع اختلاف الأساليب, ويطرح بعمق الفرضيات السياسية عن العلاقة بين بعض أطراف الحركة السلفية وبعض أبناء القبائل العربية كبيئة خصبة للتنظيم والتجنيد وممارساتهم لأشد وأقصي أنواع الاحتجاج الممزوجة بالشعور بالاغتراب تجاه الوطن المصري إلي حد رفع أعلام السعودية, وممارسة إرهاصات انفصالية مثل الحنين لإمارة إسلامية؟!
من الملاحظ أن تلك التجمعات السلفية القبلية تجتذب في صفوفها أبناء فقراء القبائل الضعيفة الذين يشعرون بالغبن والتهميش والبحث عن المكانة عن طريق الانتماء إلي جماعات دينية سياسية تعوضهم مكانتهم الاجتماعية المفقودة في السلم الطبقي القبلي أو عدم وجود مكانة وظيفية لهم في الحكومة المركزية ترفع من شأنهم, وهكذا تنشأ العلاقة بين الجماعات السلفية خاصة الجهادية منها والمهمشين المستبعدين من السلم القبلي الاجتماعي علي أرضية اجتماعية وثقافية ويجسد رفع علم السعودية مدلول ثقافي أكثر منه سياسي فهو علم الهوية السلفية البدائية وحلم الماضي السحيق في مواجهة علم الوطن الذي لا يظللهم من وجهة نظرهم, إنها عودة إلي البداوة الأولي في مواجهة العولمة والحداثة التي لا يستطيعون اللحاق بهما, وهذه قمة التصحر الفكري والثقافي (يلاحظ علي سبيل المثال تمركز وجود النفوذ السلفي في الساحل الشمالي أو قبلي السكة بالإسكندرية حيث يتركز العرب وفقراء البدو النازحين من الشرقية والبحيرة والصعيد).
القضاء القبلي
تنقسم درجات التقاضي عند البدو إلي 3 درجات, لكل درجة قاض, فالقاضي الأول بمثابة (محكمة ابتدائية), والثاني (استئناف), والثالث (النقض), والوصول للقاضي الثالث (النقض) يستلزم أن يكون حكم القاضي الأول مناقضا لحكم القاضي الثاني, أما إذا اتفقا الأول والثاني علي حكم واحد فلا ترفع الدعوة إلي القاضي الثالث. وبعد اتفاق أفراد الدعوة علي التقاضي أمام القضاء العرفي يعين المدعي عليه ما يسمي ##كفيل وفا##, أي كفيل ضامن يفي بالحق الذي يحكم به القاضي, وكذلك يعين المدعي شخصا يسمي ##كفيل دفا## أي كفيل يضمن دفع ما يقع علي المدعي, ويقوم بالدفاع عنه عند المدعي عليه أثناء نظر القضية ويشترط في الضامن أو الكفيل الصدق والوفاء, أما الشخص الصادق الوفي فلا يطلب منه ضامن أو كفيل, بل يؤمنه البدو علي مالهم وعرض, ولكل جريمة محكمة خاصة بها, فهذه محكمة للسرقة وأخري للقتل وثالثة … إلخ.
وتعترف الحكومة المصرية منذ بداية القرن 19 بالتقاضي العرفي القبلي كمرحلة أولي لحل النزاعات, ومنذ 1853 عرف البدو التقاضي أمام المحاكم المصرية إذا ما فشلت محاولات التقاضي العرفي.
إعلانات دستورية قبلية
لذلك لم يكن مستغربا أن يعلن عشية مظاهرة التحرير السلفية وغزوة العريش الجهادية عن تأسيس مجلس شيوخ للعشائر والقبائل بالغردقة بعد أن اتفقت علي ذلك قبائل البحر الأحمر, كما صرح لوسائل الإعلام إبراهيم الشاذلي المتحدث باسم المجلس, وقال:##إن المجلس يهدف إلي الحفاظ علي ##الهوية العربية الإسلامية## التي تتميز بها قبائل البحر الأحمر## لاحظ مسألة الهوية الإسلامية من ميدان التحرير لسيناء للبحر الأحمر ويضيف المتحدث: ##يشمل المجلس قضاء عرفيا بالإضافة إلي الحفاظ علي الثروات الطبيعية, ويضم المجلس أكثر من 15 قبيلة وعشيرة##.
هذا ثاني إعلان دستوري عرفي قبلي بعد ثورة 25 يناير, من سيناء إلي البحر الأحمر مرورا بقنا وأسوان, وما يحمله ذلك من دلالات لأعمدة الاندماج القومي لبنيان الدولة المصرية في ظل غياب مشروع اجتماعي واقتصادي وتنموي, الأمر الذي لم يحدث منذ تأسيس الدولة الحديثة علي يد محمد علي إلا في ظل ثورة يوليو, ولكي ندرك ونفهم لابد أن نعود إلي عصر محمد علي لكي نكتشف السلطة المركزية دائما لا تتعامل مع الرغبة إلا عبر سياسة الإذعان والإخضاع بحيث لم يكن أمام الاطراف سوي التمرد ومحاولات الإنفصال المسلح الفاشلة وإليكم الأمثلة من ذات الأماكن (الصعيد وسيناء).
*التمرد الكبير بقيادة شيخ العرب همام في مطلع القرن 19 وإعلان الجمهورية في سوهاج والتي امتدت من المنيا وحتي قنا, ثم التمرد الذي قاده الشيخ الطيب الهواري 1867 في عهد الخديوي إسماعيل.
ومن الصعيد إلي سيناء نجد الصراع الدموي بين المركز والأطراف:
*1810 أنشأ محمد علي محافظة العريش والتي كانت تمثل أول شكل إداري منظم لسيناء في العصر الحديث, ووضع تحت يد محافظ العريش قوة عسكرية لحماية حدود مصر الشرقية, كما أنشئت نقطة جمركية ونقطة للحجر الصحي, وفي عام 1831 أرسل محمد علي ابنه إبراهيم علي رأس حملة إلي الشام فقام بالعديد من الإصلاحات في سيناء لخدمة قواته فرمم بئر العبد وبئر قطبه وبئر الشيخ زويد ووضع حراسة علي آبار المياه علي طول طريق العريش, ولكن في طريق العودة ثار عليه عربان السواركة والترابيين فخربوا محطات البريد في الشيخ زويد وهدموا بئر المزار, مما اضطر إبراهيم إلي قتالهم ودحر قوات العربان.
*وفي عام 1834 جهز محمد علي قوة من عربان أولاد علي المقرحي شيخ القبيلة, والشيخ هنداوي شيخ قبيلة الجميعات لوضع حد العصيان عربان سيناء وغزة, فألحقت بهم هزيمة ساحقة ونهبت بيوتهم وماشيتهم, وقد منح محمد علي كل فرد من أفراد القبائل التي شاركت في الحملة 500 قرش مكافأة, وهكذا نكتشف أن سياسة الرشاوي وتقليب القبائل علي بعضها البعض سياسة مركزية قديمة قدم الدولة المركزية.
وفي كل الأحوال لم يكن سكان سيناء طرفا في تلك الصراعات ومن ثم فقد كانوا دائما معادين لمحمد علي وخلفائه الذين لم يهتموا بسيناء من أجل سكانها ولكن لأغراض استراتيجية وعسكرية بحته.
ومن ثم من يراجع سياسة الإدارة المركزية سيجد أن قنا وأسوان والبحر الأحمر منذ حكم محمد علي وحتي 1952 كانت تعتبر منفي, ويحتل كبار الموظفين الصدارة من القاهرة مما دعي كاتبا ومحللا كبيرا مثل مأمون فندي (وهو بالمناسبة صعيدي مثلنا) يسمي ذلك الاستعمار الداخلي.
ورغم أن سكان سيناء وفي مقدمتهم المواطنون المصريون البدو بذلوا دماءهم بسخاء في حروب 1955 و1956 و1967 و1973 فلم ينالوا ما وعدوا به وأقلها حق المواطنة وتملك الأراضي, ومن ثم كانت عوامل الحرمان النسبي وراء خيبة الأمل وضياع الحلم وفقدان المكانة والتنكيل بهم خاصة في عصر مبارك عبر زبانية أمن الدولة الذين استخدموا القبضة الحديدية فحدث هذا الإنفجار وتلك الاختراقات.
إننا أمام مشهد في غاية الخطورة, الحزام القبلي متحالفا مع الحركة السلفية الجهادية وغير الجهادية مدعوما بأحلام الهوية الضائعة المرتبطة بأرض الآباء والأجداد في الجزيرة العربية والبحث عن هوية من الماضي السحيق وأعلام الاغتراب السعودي وشعارات ##إسلامية .. إسلامية##.
وأخيرا وليس آخر…فإن هذا العرض لا يغلق الباب علي الرصيد المتراكم لظاهرة القبلية والعشائرية في مصر, فلا تزال أمامنا العشائر وكبار العائلات في الصعيد والشرقية والبحيرة, والشيعة والجعافرة مابين قنا وأسوان والشرقية وطنطا, والنوبيين المنتشرين من أسوان حتي الإسكندرية, كل تلك الكتل الباحثة عن حقوق المواطنة وحق التعبير بعيدة كل البعد عن برامج القوي المدنية والإخوان المسلمين علي السواء. والحكومة المركزية بقيادة الدكتور شرف مشغولة بفرض سلطتها علي ميدان التحرير والأطراف تبتعد رويدا رويدا, وهكذا فالتاريخ من محمد علي وحتي مبارك وصولا لعصام شرف يعيد نفسه, والتاريخ يعيد نفسه.