أصبحت حرية تأسيس الأحزاب أمرا طبيعيا في الفترة الانتقالية التي تمر بها مصر بعد ما كانت قبل الثورة أمرا مستعصيا, فتحت شعار المستقبل نصنعه معا لنعيد لمصر أمجادها, انطلق حزب المصريين الأحرار الذي نجح في استيفاء شروط التأسيس للعمل في الشارع من أجل التأكيد علي الدولة المدنية والحفاظ علي كرامة المواطن في الداخل والخارج وحماية حقوقه وإقرار تشريعات تعلي من قيم العدالة والمساواة وعدم التمييز سواء كان لأسباب دينية أو طائفية, هذا إضافة إلي البعد الاقتصادي وضرورة خلق مناخ جاذب للاستثمار وطارد للفساد, مما يعود بالنفع علي المواطن والمستثمر معا.
وأصبح حزب المصريين الأحرار محط أنظار الجميع ما بين مؤيد ومشجع له ولنشاطاته في طول البلاد وعرضها, وما بين انتقادات موجهة لقادة الحزب وفي مقدمتهم المهندس نجيب ساويرس الذي أجرينا معه هذا الحوار للتعرف علي برنامج الحزب والطريق الذي يتبناه للتعامل مع المرحلة الانتقالية وكذلك رؤيته حول دور الأقباط في المشاركة السياسية.
* تتفق مبادئ حزب المصريين الأحرار مع رؤي بعض الأحزاب الليبرالية الأخري مثل حزبي الجبهة والمصري الديموقراطي, فلماذا لم يتم الائتلاف بينكم بدلا من تأسيس حزب جديد؟
** المطلوب في الوقت الحالي هو أن تكون هناك أرضية أوسع لانتشار الأحزاب الليبرالية وضم عدد أكبر من الأعضاء, فالتعددية مطلوبة ولاشك أنه سيتم الاتفاق مع أحزاب مثل الجبهة والمصري الديموقراطي في الانتخابات المقبلة لنكون جبهة واحدة خاصة بعد ما حدث من تطور خطير بانضمام بعض الأحزاب التي تدعي أنها ليبرالية في تحالف مع جماعة الإخوان المسلمين مثل حزب الوفد الذي سقط للمرة الثانية تاريخيا وثبت عدم مصداقيته في الشارع, إن ما حدث من ائتلاف بين أحزاب ليبرالية وأخري دينية شكل ضغطا علي الأحزاب الليبرالية الحقيقية لاتخاذ موقف واضح لأننا لن نترك مصر تنزلق في طريق لتصبح مثل النموذج الإيراني, فالدولة ليس لها دين.
* ما الملابسات التي صاحبت اختيار تسمية الحزب بـالإخوان المصريين ثم العدول عن ذلك بعد الانتقادات التي وجهت إليكم وتم اختيار المصريين الأحرار؟
** بالفعل كنا ننوي تسميته الإخوان المصريين حتي نرد علي جماعة الإخوان المسلمين بأننا كلنا إخوان وليس هناك مجموعة إخوان واحدة, لكن كنت حريصا جدا علي عدم الدخول في صدام مع الجماعة, وحزب المصريين الأحرار الذي يضم مسيحيين ومسلمين, أثق أن كثيرا من الإخوان لديهم مشاعر وطنية وليس دينية فقط وهذا يجبرنا أن نتعايش مع بعض فاستبعدنا الاسم حتي لا يكون هناك استفزاز لجماعة ما.
أما المصري الحر فوجئنا بمجموعة من شباب الثورة يعملون تحت مظلة هذا الاسم في عمل اجتماعي وكانوا متمسكين بهذا الاسم فاستبعدنا هذا الاسم أيضا, حتي استقرينا علي اسم المصريين الأحرار حتي لا نغضب منا أحدا ونحن في بداية المشوار.
* يلقب البعض الحزب بأنه حزب الطبقة العليا في المجتمع, ما تعليقكم علي ذلك؟
** لو كان هذا الكلام صحيحا كنا لبسنا عم أحمد فؤاد نجم بدلة وخلينا خالد يوسف يبطل شغل الاشتراكية بتاعه ولدينا أعضاء من مختلف المحافظات بكل طبقاتها وطوائفها مسيحيين ومسلمين, فالحزب لكل المصريين, ولابدأن نخرج من المنظومة الفئوية والطائفية إلي المنظومة الوطنية, فالمسميات كثيرة لكن الأهم هو الواقع الذي نعمل فيه وهو ضد هذه المسميات.
ومصر بها طبقات متعددة منها الطبقة الرأسمالية التي تشجع الاقتصاد الحر وتشغل العديد من الأيدي العاملة وأيضا بها المزارع الذي يسكن في الصعيد والريف وبها رجل الطبقة المتوسطة والحزب به أعضاء من كل هذه الفئات وهو حريص علي ذلك لأنه حزب لكل المصريين.
* كيف سيستفيد الحزب من أصوات المصريين في الخارج في الفترة المقبلة؟
** نحن الحزب الوحيد الذي تحرك في مؤتمرات خارج مصر في باريس ولندن وأمريكا وكندا لأننا نري أن المصريين في الخارج قوة داعمة في مسيرة الديموقراطية خاصة أنهم يعيشون في مجتمعات مختلفة ولديهم خبرات ولابد من الاستفادة منهم ويجب أن يشتركوا في الانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة وأي محاولة للالتفاف علي هذا الحق يعتبر خرقا للدستور.
وقد وجدت قبولا وترحيبا واسعا في كل البلاد التي تجولنا فيها وهذا شيء يدعمنا نفسيا ويجعلنا نسير في خطي ثابتة.
* كم عدد المقاعد التي ينافس عليها الحزب في البرلمان المقبل؟
** ننافس علي كل المقاعد بالائتلاف مع الأحزاب الليبرالية الأخري سنغطي كل المقاعد في البرلمان وذلك بعمل اجتماعات مع كثيرين من المرشحين لمعرفة تاريخهم واستبعاد البرلمانيين السابقين الذين كانوا يعلمون أن مجلس الشعب مزور.
* بعد تقديم الأوراق رسميا للجنة شئون الأحزاب, من رئيس الحزب المنتظر؟
** لم يتم الاختيار حتي الآن لكن سنقوم بعمل انتخابات داخل الحزب لاختيار الرئيس وأنا مش هارشح نفسي لرئاسة الحزب حتي لا يظن أحد أني سأفرض آرائي عليه, لكن هدفي الأساسي من الحزب هو أن أعيش وأولادي وأهلي في دولة مدنية, ولن أستطيع العيش في ظل دولة دينية لأن هذا يتنافي مع الحرية الشخصية لكل مواطن, فأنا مع فصل الدين عن الدولة.
* هل الحزب سيدعم مرشحيه ماليا في الانتخابات؟
** لا, كل مرشح وميزانيته الخاصة, فلا نستطيع دعمهم ماليا, وحتي أنا لا أستطيع تمويل الحزب لأن ذلك يعتبر فرض نفوذ الممول علي الحزب, وأنا ضد ذلك, وأيضا هذا السلوك ضد التنافس الشريف وتكافؤ الفرص لكل المصريين.
* هناك بعض الانتقادات التي وجهت للحزب ولشخصك من بينها أن مرجعية الحزب هي الليبرالية العلمانية الغربية, فما رأيك؟
** بالنسبة لمرجعية الحزب هو بالفعل ليبرالي علماني, وهناك بعض الناس يعتبرون أن الليبرالية والعلمانية هي إهانة وشتيمة, ولكن كلنا نتفق أن الدين هو العلاقة بين الإنسان وخالقه والدولة ليس لها دين وهي كيان اعتباري, أما الأشخاص يمكن أن نقول إن فلانا يدين بالدين الإسلامي أو علانا يدين بالدين المسيحي ولا أعتبر هذا اتهاما ولكنه حقيقة ونحن نقرها.
وفي هذا السياق يوجه البعض اتهاما بأنني أنتقد المحجبات رغم أنه من منطلق فكري الحر الليبرالي فهو حرية شخصية ولأي شخص فلا يجوز أن نفرض رأيا عليه, ولكن قلت إن هناك تغييرا كبيرا في شكل ومظهر المرأة المصرية وأصبح هناك توحيد للزي لأغلبية النساء في مصر وأن هذا جاء بدعوة موسعة من بعض الجهات, وهذا أمر واقع وهذا الزي لا ينبع من ثقافتنا المصرية القديمة.
* إذن ماذا لو أصبحنا أمام أمر واقع وتحولت مصرإلي حكم ديني؟
** سنواجه الموقف بكل الطرق القانونية المتاحة لأن هذا يعد إخلالا بالدستور, وأري أن البلاد ستنزلق في منعطف خطير جدا, نحن لا نريدها دولة دينية علي الإطلاق وإذا أعلنت دولة إسلامية ستكون هناك رغبة أكيدة في تهميش الأقباط والتقليل من شأنهم, رغم أنهم لهم نفس حقوق وواجبات المصريين جميعا.
* ما ورقة الضغط التي سيستخدمها الحزب لإقناع المجلس العسكري بتأجيل الانتخابات البرلمانية؟
** أنا لست من أنصار أن يكون الحوار بالضغط, أنا من أنصار الحوار السلمي المتحضر بمعني أن حزبا له مصداقية وعدد أعضائه ليس بقليل مثل حزب المصريين الأحرار الذي وصل عدد أعضائه لحوالي 50 ألف عضو, يتقدم للمجلس العسكري ويتحاور معه ويوضح له أن المعركة الانتخابية المقبلة لابد أن تسير في جو هادئ وآمن ويسودها الشفافية والمنافسة الحقيقية, وهذا يقتضي تأجيل الانتخابات البرلمانية خاصة أن هناك أحزابا لم تقدم أوراقها للجنة شئون الأحزاب حتي الآن! بالإضافة للتحدي بين أحزاب وليدة وأحزاب عمرها 80 سنة, مما يزيد الأمر صعوبة هو أن التيارات الدينية ليس لديها أغلبية شعبية لكن كل أعضائها إيجابيون في المشاركة, أما التيارات الأخري فلديها الأغلبية الصامتة الساكنة التي لا تدرك حجم المخاطر التي يمكن أن تلحق بالبلاد من جراء سكوتها.
فأناشد كل المصريين بالتحرك والاشتراك في أحزاب ليبرالية تعبر عنها وتضمن وجود دولة مدنية حقيقية.
* ماذا تري في أداء الدور السياسي للمجلس العسكري؟
** رغم حدوث بعض الأخطاء خاصة وقت التعديلات الدستورية وترقيع الدستور واختيار بعض أعضاء لجنة تعديل الدستور من تيارات دينية لكن هذا أمر انتهينا منه, لكن في حقيقة الأمر كان أداء المجلس العسكري محافظا علي الدولة المدنية وأنه لم يوجه سلاحا ضد الشعب المصري بل وقف معه ضد السلطة, كما أن المجلس العسكري له رغبة أكيدة في ترك السلطة في أقرب وقت ممكن – وأري أن هذا سبب رفضهم تأجيل الانتخابات البرلمانية – كما أن لديه القدرة علي التنظيم السريع وحماية البلاد فأشفق عليه من كثرة التحديات التي تواجه مصر من كل مكان, فهناك اضطرابات عند حدود ليبيا والسودان وإسرائيل فالبلد في موقف لا تحسد عليه.
فأنا ممتن للمجلس العسكري وداعم لموقفه حتي لو لنا أي حق لا ينبغي أن نقف ضده بل معه لأنه العمود الفقري الباقي في حماية هذا البلد.
* ما رأيك في دور الأقباط في المشاركة السياسية؟
** أري أن السلبية الموجودة عند العديد من الأقباط هي السبب في المشاكل والأزمات التي نمر بها كأقباط, وهذا موقف الأقباط من قبل النظام السابق بسنين.
فأناشد الأقباط اتركوا مجالسكم واذهبوا لتسجيل أسمائكم في أي أحزاب ليبرالية حقيقية لا تتحالف مع تيارات دينية لأن الموقف الآن تاريخي ويعتبر نقطة فاصلة في تاريخ مصر, ولو استمرت السلبية لا تلوموا إلا أنفسكم, فلا للخوف والجبن.
يجب أن نطلب حقوقنا بهدوء وعدم تخريب وبإيجابية وتعتبر أول مشاركة للأقباط في أحداث العمرانية وماسبيرو فكانوا مثالا للشجاعة والإقدام لتحقيق مطالب عادلة ومشروعة.
* هل أنت متفائل؟
** من حوالي شهرين كنت متشائما جدا, لكن بعد النجاح الذي حققه حزب المصريين الأحرار أصبح عندي تفاؤل لكن بحذر لأن وضع البلد مازال غير مستقر حتي الآن, وهذا يسمح لأي قوة باللعب في البلاد لمحاولة تخريبها, لكنني متفائل.