اجتاحت مظاهرات الشباب القبطى الغاضب مساء امس شوارع حى شبرا، واجبر الشباب قوات الامن– فى سابقة هى الاولى من نوعها – على السماح لهم بالسير والتظاهر السلمى فى شوارع شبرا حتى فجر اليوم .
المشهد فى موقع المظاهرة بدا لأول وهلة كما لو كانت تظاهرة تنتهى وقوات الامن تستعد للرحيل ولولا تجمع بسيط امام بنك مصرللملمت حالى وعدت أينما أتيت. لكن عندما وصلت إلى موقع المظاهرة فى دوران شبرا وجدت شاب أمام بنك مصر ممسكا بخشبتين متعانقتين صانعا منهما صليبا، صارخا “فين حق الأقباط” فجأة الامن التف حوله فى كردون يضم مئات العساكر من الامن المركزى وبعض رجال الداخلية من مرتدى الزى المدنى يحاولون تفريق الناس التى اجتمعت لترى ما يحدث بما فيهم الصحفيين. احدهم انتهرنى محاولا ابعادى دافعا اياى حتى كدت اطرح ارضا ودخلت معه فى معركة كلامية كان خلالها تم سحب الشاب المتظاهر من قبل بعض رجال الامن فى اقتياد غير معلوم الهوية. وفجأة كما لو كانت انشقت الارض وخرج من رحمها شبابا لا حصر لهم ولا عد صارخين “”سيبه ..سيبه ” وتحول الشارع الى كتلة من الهتافات النارية التى قطعت الطريق فى شارع شبرا على المارة تماما .
وتحول الشارع حتى ممر الراعى الصالح الى كر وفر بين المتظاهرين وبين عساكر الامن المركزى ،ويبدو ان اللواء المسئول عن الامن بالمظاهرة تفهم مشاعر الغضب التى تتحكم فى نفوس الشباب فدخل منضما الى المظاهرة فى صمت وسمح للجميع السير والتظاهر والهتاف حتى قرورا الدخول الى شارع مسرة متجهين إلى كنيسة السيدة العذراء بمسرة. وتنوعت هتافاتهم طيلة الطريق ما بين ” يا مبارك يا طيار قلب القبطى مولع نار”.. يا مبارك يا رئيس دم القبطى مش رخيص ” .. ” اهم اهم اهم المسحيين اهم ” .. حط الكفة ع الميزان المسيح هو الكسبان “..
وصل المتظاهرون أمام كنيسة السيدة العذراء بمسرة وكانت أبوابها مغلقة هاتفين فى صوت هز ارجاء المنطقة “بالروح بالدم نفديك يا صليب”.. وكان عددهم قد تضاعف حتى وصل إلى ما يقرب من ألف شاب وفتاة اذ ان كل من كان مارا بالمصادفة انضم الى المظاهرة كما انضمت بعض الفتيات و السيدات اللائى كن يحملن اطفالهن وهو مشهد غيرمسبوق فى مثل هذه المظاهرات ِ.. ترك المتظاهرون كنيسة العذراء قاصدين شارع رمسيس .. سار الامن معهم حتى نفق احمد بدوى وهناك تم عمل كردون امنى حول البعض منهم حتى لا يخرجوا من نفق شبرا .. والمدهش انه كلما سيطر الامن على مجموعة نبتت أخرى على الفور خارج الكردون.
احد الضباط الذى سالته لماذا لا يتم تركهم مع توفير حماية امنية لهم للتعبير عن غضبهم فالنفوس مشحونة، قال :”هناك تعليمات بالتعامل الامنى معهم اذا ما وصلوا الى شارع رمسيس ونحن هنا لحمايتهم ونخشى ان يصيبهم اذى”.
ابلغ البعض تلك الرسالة الى القادة من الشباب الغاضب فساروا فى اتجاه جزيرة بدران قاصدين كنيسة مارجرجس وهناك تغير نوع الهتاف بعد انضمام بعض الشباب من المسلمين الى المظاهرة فهتف احمد قائلا : اسمى مينا واخويا حسين شعب واحد مش شعبين ” كلنا واحد مسلم مسيحى واحد “.. “وحد صفك كفى فى كفك ” .. تحيا مصر ..” مش ها نخاف مش هانطاطى احنا كرهنا الصوت الواطى ” .. استمر الهتاف ما يقرب من ساعة كاملة امام كنيسة مار جرجس .. بعدها منع الامن الشباب من الخروج الى شارع شبرا الرئيسى فاضطروا للنفاذ من حوارى وازقة جزيرة بدران ..التى قطع الامن التيار الكهربائى عنها حتى يفرق الشباب الظلام .. ولم يفرقهم .. وهناك زاروا كل الكنائس القائمة بالمنطقة وأمام كل كنيسة كانوا يقفون هاتفين بهتافاتهم ثم يرحلون إلى أخرى حتى عادوا إلى كنيسة السيدة العذراء بمسرة وخرجوا من هناك إلى شارع شبرا مرة أخرى مطالبين هذه المرة فى هتافهم اقالة حبيب العادلى وزير الداخلية منددين بعهده الذى شهد مذابح الاقباط فى كل ربوع مصر.
الملفت للنظر فى هذا الحين انه كلما حاول البعض منهم ان يردد لحن “كيرياليسون” اسكته الاخرين قائلين “بالروح بالدم نفديك يا صليب “مؤججين نيران التظاهر.. فجأة التفت انتباهى الى انسحاب الامن من المشهد تماما ادركت ان هناك سببا غير معلوم فاما انه فخ للشباب للقبض عليهم اما ظهر جديد فى الافق ..لمحت احد خدام كنيسة السيدة العذراء يتابع المشهد وجرت دموعه فى صمت ..نظر لى قائلا :انا شفت زيهم تمام دلوقتى فى الدوران ” ..ادركت ان هناك جولة اخرى سحبت الامن اليها فى مكان اخر .. ذهبت سريعا فوجدت كردون امنى فى نهاية شارع خلوصى من شبرا امام الكنيسة الانجيلية هناك مع منع تام لللاقتراب ..وتحركت بضع خطوات للامام فى دوران شبرا امام بنك مصر والجهة المقابلة له فوجدت كردونين اخرين ويبدو ان الجولة هناك كانت اكثر سخونة فتكوا أولئك ولم ينجحوا فى السيطرة على هؤلاء أيضا واستمرت المظاهرات حتى فجر اليوم ما بين كر وفر واشتباكات مع رجال الامن لم نعلم حتى الان هل اسفرت عن اية اعتقالات من عدمه؟
==
س.س
يناير 2010