تعجب عدد غير قليل من رد الفعل الذي شهده الشارع من قبل الأقباط بعد حادث الإسكندرية، البعض يرى أن الشكل العفوي للتظاهر والاعتصام وتوجيه اللوم المباشر للسلطة بمثابة خروج الأقباط إلى الحياة العامة، فضلا كسرهم للخوف، والبعض الآخر يأمل في استثمار الغضب القبطي في تفعيل دورهم أكثر كمواطنين في الدولة، فضلا عن الخوف من الانزلاق في أمور قد تحول مسار الغضب إلى مزيد من الخطر على مصلحة الوطن.
وعن رد الفعل وقوته يقول د.عمار على حسن الصحفي والباحث في علم الاجتماع أن رد الفعل الشارع القبطي كان مناسبا جدا للحادث، وأنه جاء كما نقول بالعامية “على قد الوجع”، وأن خروج الشباب القبطي إلى الشوارع بالشكل العفوي الذي شهدته مصر في مناطق ومحافظات مختلفة دليل على الإحساس العام بالمسئولية التامة تجاه مشاكلهم، مبديا إعجابه برد فعل المسيحيين أثناء صلاة الجناز على أرواح الضحايا عندما تم ذكر أسماء المسئولين، ونفس الموقف تكرر – كما أكد د.”حسن”- صلاة العيد بالكنيسة الإنجيلية، وهو الأمر الذي يؤكد أن سكوت الأقباط على حقوقهم بات ماض لن يعود.
د.حسن يبدي عدم قلقه على الوطن بسبب انتفاضة الأقباط المفاجئة لأن التاريخ يذكر عددا من الانتفاضات الشبيهة، موضحا أن عددا من المؤرخيين ذكر غضب للأقباط وردود فعل عنيفة على مر السنوات السابقة اعتراضا على ظلم تعرضوا له، ولكن الأمور مرت بسلام، موضحا أن الغضب الحالي يختلف، لأن الأقباط خرجوا بعد صمت طويل فضلا عن تعبيرهم دون خوف أو مواربة أو دون أدنى اعتبار أو مرعاة لأي من التوازونات السياسية، وهو الأمر– حسبما أشار- الذي يؤكد عفوية وصدق الغضب.
ولأن الغضب القبطي نقله وطفرة للصورة الذهنية المأخوذه عن الأقباط، نور الهدى ذكى الكاتبة الصحفية تقول إن الميزة الإيجابية الوحيدة من الحادث المؤلم تتلخص في كسر الأقباط لخوفهم وحرصهم فالأول مرة يشهد التاريخ الحديث خروج الأقباط في مظاهرات بالآلاف معبرة في عدد مختلف من المدن والمحافظات معبرين عن غضبهم معلنين عن اتهاهمهم المباشر للسلطة، وأنها المتسبب الوحيد في كل آلامهم ومشاكلهم، مشيرة إلى التظاهر غير الموارب وضع السلطة في وضع لا يسمح لها باتهام مختل عقليا بارتكاب الحادث كما كان يحدث في مواقف شبيهه سابقة .
وتؤكد أن التبريرات المقدمة عن الفاعل هزيلة تافهة وغير مقبولة، وتسقط أمام أي تحليل منطقي وعقلاني، وهو الأمر الذي رفض الناس بمنتهى العفوية تصديقة أو حتى مجرد التفيكر في منطقيته، فضلا عن أن أحد أهم أسباب الغضب وردود الفعل غياب المعلومات وعدم وجود شفافية أو صدق من قبل الحكومة حول الحادث.
وأشارت أن أهم جوانب الغضب الإيجابية إداراك الغالبية العظمى من الأقباط الغاضبين أن المسألة ليست مواجهة مع شركائهم في الوطن، موضحة أن النظام يلجأ في أحيان كثيرة إلى شحن المسلمين والمسيحيين ضد بعضهم البعض وهو ما يعد مؤامرة تهدف إلى إلهاء الشعب عن قضاياه الحقيقية .
وتأمل ذكي في استثمار الغضب الإيجابي من أهله الأقباط بتفويت الفرصة على من يحاول نقل الصراع إلى صراع مسلم – مسحيي، مشددة على أن عدونا هو من يحرم اولادنا من فرص العمل والعلاج والحصول على الحريات وعلى من يضيق فرص الحياة لدرجة تجبرنا على الهروب والهجرة خارج والوطن فضلا عن إسرائيل كعدو خارج الحدود .
ويقول أحمد طه النقر الكاتب الصحفي بجريدة الجمهورية إن الغضب القبطي طبيعي وغير مسبوق متمنيا أن يكون غضبا مصريا وليس قبيطا فقط، لأن الجريمة استهدفت وقتلت مواطنين أقباط شركاء في الوطن، فضلا عن أنه ضمن المصابين عدد من المسلمين .
ويرى أن النظام فشل تماما في إنهاء الاحتقان الطائفي وساعد في خلق بيئة مواتية لمثل هذه الجرائم تنفذ داخليا أو بتحريض خارجي بأيد مصرية .
الغضب غير مسبوق لأن الجريمة أيضا غير مسبوقة وكان بنفس حجمهما وعلينا أن ننطلق من رد الفعل لتمهيد الأرض لكل مطالب الأقباط، لأنها مطالب وطنية في المقام الأول وعلينا نرتب بيتنا من الداخل قبل أن نشير بأصابع الاتهام إلى وجود تدخل خارجي في القضية القبطية.
ويقول أبو المعاطى السنيدوبى الكاتب الصحفى إن أكثر ما يقلق السلطة من الغضب غير المسبوق للأقباط هو شعورها بخروجهم من عباءة الكنيسة، فلم يعد – حسب السنيدوبى- لرجال الدين التأثير عليهم بالشكل الكافى مثل السابق، موضحاً أن السلطة كثيراً على مر التاريخ ما استخدمت المؤسسة الدينية – سواء المسيحية أو الإسلامية- للتأثير فى ذهنية المتلقى فعلاً عن اختفاء نوع من القدسية لقراراتها.
ويؤكد أن الغضب خرج من نطاق التظاهر فى الكاتدرائية إلى شوارع وميادين عدة فى مدن مصر المختلفة هو تحول إلى الاتجاه الصحيح وإلى مزيد من تفعيل دور الأقباط فى العمل المدنى والتصريح بالشكل الواضح عن معاناتهم هو بمثابة مشاركة فعلية فى الحياة العامة.
ويقول عادل الضوى:”مع كامل تفهمنا لغضبكم المشروع، كيف لا ونحن نشارككم هذا الغضب، نأمل أن نرتفع جميعاً فوق جراحنا وآلامنا… فى هذه اللحظات العصبية… وأن نعى أن موجة الإرهاب التى طالت قلب مصر فى الساعات الأولى من العام الجديد، سعت لضرب مصر… نعم مصر، فلنعمل كلنا على إعلان رفضنا للإرهاب وتنديدنا بالإجرام… ولنطالب بالردع والقصاص لشهداء الإرهاب… نسعى لذلك دون انفلات أو شطط… أو سير فى الاتجاه الخاطئ الذى يقود – لا قدر الله – لأوضاع وتطورات ستكون هى الهلاك والبلاء علينا جميعاً…الكل فيها خاسر ولنكن على يقظة ووعى بأى محاولات قد يتم بعضها بعفوية ودون إدراك لعواقبها.
ولكن الأكيد…أن بعضها يعى ويقصد إشعال فتيل الفتن والشقاق بين أبناء مصر من المسلمين والأقباط، ولنرد الاعتبار لشعارنا العبقرىوالخالد “الدين لله والوطن للجميع” … ولترتفع حناجرنا مسلمين… ومسيحيين… كلنا مصريين… ومعاً ضد الإرهاب”.
————————————–
5-1-2011
————————————–
5-1-2011