أخذ المجلس القومي للمرأة علي عاتقه مسئولية رصد المعالجة الإعلامية لقضايا المرأة خاصة قضية المشاركة السياسية, خاصة أن وسائل الإعلام المختلفة تشارك بشكل كبير في تشكيل الصورة الذهنية في المجتمع تجاه المرأة… حقا قد يصحح الواقع المعاش من خلال نماذج ناجحة نسائية هذه الصورة… لكن ما يبثه الإعلام ويفرق علي وتيرته بهدوء وثبات وتكرار, يرسم الملامح الإنسانية لهذه الصورة الذهنية لدي الفئات المختلفة الثقافة والأعمار والتعليم.
وأطلق مشروع الرصد الإعلامي بالمجلس القومي للمرأة التقرير النوعي الثاني الذي أعده حول معالجة الإعلام لقضايا المرأة والمشاركة السياسية, والذي أوضح أن الكاريكاتير المنشور بكافة الصحف المصرية مازال يكرس دونية المرأة, خاصة عند ظهور مشروع قانون يهدف لتطوير أوضاع المرأة مجتمعيا, وهذا ما ظهر بوضوح أثناء قانون الكوتة أو تخصيص مقاعد للمرأة أو دوائر انتخابية مغلقة علي النساء… فكثيرا ما يتناول الكاريكاتير هذه القضايا باستخفاف وسخرية كأن يرسم الرجل يجلس علي طشت الغسيل, والمرأة تطلق صراخها بما يعني أنها تصوت للانتخابات, أو أنها جالسة علي مقر عال تحت قبة البرلمان بينما الرجل يمسك الببرونة ويرضع الصغار… وكلها صور ذهبية سلبية ترسخ علي أقصي تقدير أن نجاح المرأة ينتقص من نجاح الرجل, وإن دورها السياسي يتعارض مع دورها الأسري.
لخصت د. إيناس أبو يوسف المديرة التنفيذية لمشروع الرصد الإعلامي الملامح الأساسية لنتائجه في ورشة عمل نظمها المجلس بمشاركة عدد من الإعلاميين عن وسائل الإعلام المسموعة والمقرؤة والمركية, وقالت: أوضح التقرير أن وسائل الإعلام مازالت المحرك الأساسي للسلوك الإنساني لعدم قدرة الأفراد علي التوصل إلي الحقيقة بمفردهم ولتزايد اعتمادهم علي وسائل الإعلام وزيادة التعرض لها. مشيرة إلي أنه تم تحليل عينة من القنوات التليفزيونية والمحطات الإذاعية والصحف والمجلات في معالجتها لقضية المشاركة السياسية للمرأة فيما يخص قضية التمثيل النسبي للمرأة في البرلمان أو الكوتة, وتمثلت الاتجاهات المعارضة للقانون في أنه يخل بمبادئ تكافؤ الفرص والمساواة التي يقرها الدستور المصري, واتجاهات تكرس النظرة الدونية للمرأة وعدم قدرتها علي التواجد في البرلمان وأداء دورها المجتمعي لأن طبيعتها تحول دون ذلك, وظهر هذا الاتجاه بوضوح في الصحف الخاصة والمعارضة ولم تخل الصحف القومية من مقالات تكرس هذه الدونية.
وأكدت أن الكاريكاتير المنشور في كافة الصحف المصرية لعب دورا مضادا لكل ما ينهض بدور المرأة.
أما الاتجاهات المؤيدة فارتكزت علي عدم وجود تناقض بين الدستور والقانون الخاص بالكوتة, وأن المرأة المصرية قادرة أن تؤدي دورها السياسي بكفاءة, كما أن التمثيل النسبي للمرأة معترف به دوليا وتنص عليه الاتفاقية الدولية لإلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة, وطالب الخطاب الصحف أن تحسن الأحزاب والقوي السياسية اختيار النساء المرشحات في ظل انتخابات الكوتة المنتظر إجرائها في نوفمبر المقبل ليكن خير ممثل للمرأة في البرلمان, ولتقدم صورة إيجابية عن مشاركتهن السياسية بما يتيح لهن خوض الانتخابات بعد انتهاء الفترة المسموح فيها بتطبيق الكوتة بنجاح يعتمد علي خبرة إيجابية لدي الشارع المصري.
تضمنت فعاليات الورشة تناول عدد من الموضوعات حيث عرضت أمينة شفيق تجربتها الانتخابية السابقة مؤكدة علي ضرورة العمل علي تفعيل مشاركة المرأة كمواطنة في كافة منظمات المجتمع وعدم قصورها علي مجلسي الشعب والشوري, مشيرة أنها في تجربتها الانتخابية ركزت منذ البداية علي التواجد في الشارع الانتخابي والتقرب إلي الناس والتعرف علي مشاكلهم وكسب ثقتهم ومعرفة كافة التفاصيل عن الدائرة من الناحية السكانية والجغرافية, ورغم عدم وصولها إلي كرسي في البرلمان إلا أنها اكتسبت خبرة كبيرة وأثارت مشاكل الدائرة خاصة المرأة والتوعية بالحقوق الدستورية في التناول الإعلامي.
وركزت الأستاذة أمل محمود خبيرة التنمية البشرية علي أن وضع المرأة في المجتمع يتم تقيمه من خلال عدة مؤشرات منها تقدم المرأة في مجالالي التعليم والصحة, والإسهام في قوة العمل, ونسبة تمثيلها ومشاركتها في الحياة السياسية, وأن وضع المرأة المصرية في الحياة السياسية أقل بكثير مما نطمح إليه.
من جانبه أكد د. عمرو الشوبكي الباحث بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية أن حقوق المرأة هي جزء لا يتجزأ من حقوق المواطنة, وأن المساواة التي نص عليها الدستور تلزم بتطوير المفاهيم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية والدينية, ولذلك فنظام الكوتة ليس اختراعا مصريا بل هناك العديد من الدول العربية التي أخذت به قبلنا لضمان مشاركة أكبر للمرأة في الحياة السياسية كخطوة مرحلية انتقالية حتي يعتاد المجتمع علي مشاركة المرأة ويتحقق تواجد المرأة بشكل أكبر في مواقع اتخاذ القرار.
وفي هذا الإطار لا يفوتني أن أؤكد أن الأصرار علي مشاركة المرأة سياسيا أم مجتمعيا حتي مواقع اتخاذ القرار ليس فقط إعلاء من شأن المرأة أو إعطائها الفرصة لنوال حقوقها وإنما هو حق أصيل لمجتمع يتطلع للتقدم دون أن يحرم خبرات لمجرد أن مصدرها نسائي ولا أن يظل حبيس خبرات لمجرد أن مصدرها رجالي!!.
[email protected]