توج الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودي بجائزة مبارك للآداب لعام 2010, بينما فاز بها في فرع العلوم الاجتماعية الدكتور مصطفي الفقي رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب, وفي فرع الفنون نقيب التشكيليين الفنان مصطفي حسين, وتقدر قيمة جائزة مبارك بـ400 ألف جنيه.
أما الفائزون بجائزة الدولة التقديرية التي تقدر بـ200 ألف جنيه فهم في مجال الفنون: المخرجان المسرحيان الدكتور أحمد زكي وسمير العصفوري, وأستاذ التخطيط العمراني الدكتور محسن زهران. وفي مجال الآداب فاز كل من أستاذ الأدب العبري الدكتور إبراهيم البحراوي, والشاعر نصار عبدالله, وأستاذ علم اللغة الدكتور عبده الراجحي. بينما فاز بها كل من أستاذ الفلسفة الدكتور عاطف العراقي, وأستاذ التاريخ الدكتور عادل غنيم وأستاذ القانون الدكتور رمزي الشاعر, ووزير الأوقاف الأسبق الدكتور محمد محجوب في مجال العلوم الاجتماعية.
وقد ذهبت جائزة الدولة للتفوق لعام 2010 التي تقدر بـ100 ألف جنيه إلي المخرج المسرحي خالد جلال في الفنون, وفي الآداب فاز الناقدان فاروق عبدالقادر, ومصطفي الدمراني, وفي فرع العلوم الاجتماعية لأستاذ التربية الدكتور شبل بدران, وأستاذ الآثار الإسلامية الدكتور محمد عبدالستار عثمان, وأستاذ الآثار الدكتور ممدوح الدماطي.
عاطف العراقي.. وانتصار العقل
ومع أزاهير الصباح غردت العصافير لتعلن بداية يوم جديد تفتحت فيه أعين طفل رضيع وانطلقت صرخاته في الفضاء مدوية معلنة عن ميلاد الفيلسوف والمفكر عاطف العراقي في 15 نوفمبر 1935 في محافظة الدقهلية, وتدرج عاطف العراقي في مراحل التعليم إلي أن حصل علي ليسانس الفسفة من كلية الآداب جامعة القاهرة ثم عمل أستاذا بنفس الجامعة وله العديد من المؤلفات في مواضيع فلسفية معاصرة وفلسفية تراثية منها النزعة العقلية في فلسفة ابن رشد, الفلسفة الطبيعية عند ابن سينا, مذاهب فلاسفة المشرق, تجديد في المذاهب الفلسفية والكلامية, ثورة العقل في الفلسفة العربية, العقل التنويري في الفكر العربي المعاصر.
وكان من ثمار جهده ونجاحه حصوله علي جائزة أحسن البحوث الجامعية من جامعة القاهرة عام 1972, خطاب تقدير من البابا يوحنا بولس الثاني عن كتاب يوسف كرم, وسام العلوم والفنون والآداب من الدرجة الأولي عام 1981, جائزة الدولة التشجيعية في العلوم الاجتماعية من المجلس الأعلي للثقافة عام 1981, جائزة الدولة للتفوق في العلوم الاجتماعية من المجلس الأعلي للثقافة عام 2000. وأخيرا جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية من المجلس الأعلي للثقافة عام 2010.
ويقول عاطف العراقي في كتابه ابن رشد فيلسوفا عربيا بروح غربية مستغربا أننا نبحث اليوم عن حلول للكثير من مشكلاتنا في الوقت الذي قدم لنا فيه ابن رشد منذ ثمانية قرون المنهج الذي يساعدنا علي حل المشكلات, إننا نتحدث اليوم عن قضايا التنوير, والتطرف والإرهاب, وقضايا الأصالة والمعاصرة, غافلين عن تراث هذا المفكر العربي الكبير الذي يغرق في بحر من الإهمال والنسيان, وفي الوقت الذي تقدمت فيه أوربا باهتمامها بفلسفة ابن رشد, أصابنا التأخر نحن العرب لأن النموذج كان عندنا يتمثل في مجموعة من المفكرين التقليديين الذين يعبر فكرهم عن الرجوع إلي الوراء والصعود إلي الهاوية, لقد دعانا ابن رشد إلي الاتخاذ بالعلم وأسبابه, ولو كنا قد وضعنا نصب أعيننا تلك الدعوة لكانت الأمة العربية تقدمت تقدما هائلا في مجال الفكر والثقافة بوجه عام وتحقق لها التنوير الذي لن يحدث إلا إذا اعتقدنا بأن الخير كل الخير في النظرة المتفتحة التي تقوم علي تقديس العقل وجعله معيارا لحياتنا الفكرية والاجتماعية مشيرا إلي أن فلسفة ابن رشد تعد تعبيرا عن ثورة العقل وانتصاره إذ نري أن المنهج العقلي الذي اتبعه في فلسفته يقوم علي أساس النقد.
وفي كتابه ثورة العقل في الفلسفة العربية وتحت عنوان من العقل إلي التجديد يقول الدكتور عاطف العراقي: منهجي الذي أؤمن به وأدافع عنه في مجال الفلسفة العربية هو المنهج العقلي التجديدي, وأكاد أقطع بأننا لو سرنا في طريق التقليد مئات السنوات وانحرفنا عن نهر العقل, فلن نستطيع التقدم خطوة واحدة في سبيل إرساء دعائم فلسفتنا العربية وكشف ما فيها من مواطن القوة والضعف, بحيث نستطيع وصل ما انقطع, أي حتي يكون تاريخ الفلسفة العربية تاريخا ممتدا وليس تاريخا انقطع بموت الفيلسوف العربي ابن رشد.
إننا لو حاولنا إسكات صوت العقل, فمعني هذا أننا نقول للفلسفة وداعا, معني هذا التسليم بأن فلسفتنا العربية وقفت عند ابن رشد فيلسوف المغرب العربي. إذ أنني من جانبي لا أصدق بأننا واجدون حتي الآن فيلسوفا عربيا صاحب اتجاه عقلي بارز, عاش بعد ابن رشد.
ويضيف العراقي: صحيح أننا نجد مجموعة من المفكرين في هذه البلدة أو تلك من أرجاء الوطن العربي, ولكن من الإسراف في القول, بل من التعسف أن نقول إن هذا المفكر أو ذاك يرتفع إلي مستوي الفيلسوف صاحب النسق الفلسفي المذهبي, الذي يقيم آراءه داخل هذا النسق اعتمادا علي منهج محدد يلتزم التزاما تاما بخصائص الفكر الفلسفي وما ينبغي أن يكون عليه الموقف الفلسفي.
وجد إذن بعد وفاة ابن رشد نفر من المفكرين أقرب إلي الشراح أو السائرين في طريق يعد طريقا متفرعا عن فلسفة هذا الفيلسوف أو ذاك, ولا يعد طريقا رئيسيا أو اتجاها سياسيا في الفلسفة.
الأبنودي.. أيامي الحلوة
لوحت شمس الصعيد بشرة الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنوي مكسبة إياه سمرة الوجه والملامح المصرية الأصيلة عبر سنين حياته التي تقارب الاثنين والسبعين عاما حيث ولد عام 1938 في قرية أبنود بقنا, وتعد السيرة الهلالية من أشهر أعماله التي جمعها من شعراء الصعيد ولم يؤلفها, أما أشهر كتبه كتاب أيامي الحلوة الذي نشره في حلقات منفصلة في ملحق أيامنا الحلوة بجريدة الأهرام, ثم جمعها في هذا الكتاب بأجزائه الثلاثة, وفيه يحكي الأبنودي قصصا وأحداثا مختلفة من حياته في صعيد مصر, وكتب الأبنودي العديد من الدواوين كان منها: الأرض والعيال, الزحمة, عماليات, جوابات حراجي القط, الفصول, بعد التحية والسلام, وجوه علي الشط, صمت الجرس, المشروع والممنوع, المد والجزر, السيرة الهلالية دراسة مترجمة.
الموت علي الأسفلت
كتب الأبنودي في رثاء الفنان ورسام الكاريكاتير الفلسطيني ناجي العلي بعد اغتياله في لندن ديوان الموت علي الأسفلت وهو يرثي فيه حال وطن تحاصره الأشواك, حال حلم بعيد لم يتحقق بعد, حال حب مفقود وجناح مكسور فنراه يقول:
أمايه.. وانتي بترمي بالرحي..
علي مفارق ضحي..
وحدك – وبتعددي
علي كل حاجة حلوة مفقودة
ماتنسنيش يا أمه في عدودة
عدودة من أقدم خيوط سودا في توب الحزن
لا تولولي فيها ولا تهللي…
وحطي فيها اسم واحد مات:
كان صاحبي يا امه..
واسمه.. ناجي العلي
فاروق عبدالقادر.. فوز ورحيل
ومن مفارقات القدر أن الناقد الكبير فاروق عبدالقادر توفي بعد حصوله علي جائزة الدولة للتفوق في الآداب بيوم واحد, دون أن يعلم بالجائزة الوحيدة التي حصل عليها من المؤسسة الثقافية التي خاصمها طيلة عمره, وذلك بسبب الغيبوبة التي ظل يعاني منها طيلة الثلاثة شهور الماضية علي إثر جلطة حدثت له في المخ, وقد رحل عن دنيانا عن عمر يناهز 72 عاما.
واعتني الناقد الكبير فارق عبدالقادر في كتاباته النقدية بالمسرح, وعدد كبير من الفنون الأخري حيث تخرج في كلية الآداب جامعة عين شمس عام 1958, وعمل سكرتيرا لتحرير مجلة المسرح, كما عمل محررا مسئولا عن ملحقي الأدب والفنون بمجلة الطليعة, إلي أن أغلقها السادات, وبعد ذلك ظل مستقلا غير منتم لأي مؤسسة ثقافية, وصدرت له العديد من الدراسات في كتب منها أوراق من الرماد والجمر, ازدهار وسقوط المسرح المصري, في المسرح المصري.. تجريب وتخريب, نفق معتم ومصابيح قليلة, في الرواية العربية المعاصرة, ونافذة علي مسرح الغرب المعاصر, كما ترجم نصوصا مسرحية لعدد من أعلام المسرح الإنجليزي إضافة إلي عدد من أعمال الكاتب البريطاني بيتر بروك.
مصطفي حسين.. وأشهر الشخصيات الكاريكاتيرية
أما رسام الكاريكاتير مصطفي حسين فقد ولد في 7 مارس 1935 التحق بكلية الفنون الجميلة قسم تصوير في جامعة القاهرة سنة 1953 وتخرج منها سنة 1959, ابتدأ حياته الصحفية في دار الهلال سنة 1952, ومنذ عام 1974 وهو يعمل في رسم كاريكاتير اجتماعي سياسي يوميا في جريدة الأخبار, ثم شغل منصب رئيس تحرير مجلة الكاريكاتير سنة 1989, وفي عام 1993 أصبح رئيسا للجمعية المصرية للكاريكاتير, وهو صاحب أشهر الشخصيات الكاريكاتيرية التي تحولت إلي مسلسلات تليفزيونية كوميدية منها مسلسل قط وفار وناس وناس, كما أنه شكل مع الكاتب أحمد رجب ثنائيا, فكان أحمد رجب صاحب الأفكار وكان مصطفي حسين صاحب الريشة, ومن أشهر شخصياته الكاريكاتيرية: كمبورة, عبده مشتاق, فلاح كفر الهنادوة, عزيز بك الأليت, عبد الروتين, مطرب الأخبار, علي الكومندا.
نال مصطفي حسين العديد من الجوائز والأوسمة منها الجائزة الفضية في مهرجان إكشهير بتركيا, سنة 1974, نوط الامتياز من الطبقة الأولي سنة 1985, جائزة الدولة التشجيعية في الفنون من المجلس الأعلي للثقافة, سنة 1985, الجائزة الثانية في الملتقي العالمي لفن الكاريكاتير بإمارة دبي سنة 2000, تم تكريمه في المهرجان الدولي للسينما, سنة 2001, وجائزة الدولة التقديرية في الفنون من المجلس الأعلي للثقافة سنة 2003.