العيد فرحة وبهجة وسعادة,يتجمع فيها شمل الأهل والأقارب للاستمتاع بدفء وحنان الأسرة يتذكرون معا مراحل الطفولة وأيام الزمن الجميل وسط أبنائهم وأحفادهم ولكن تظل تلك الفرحة رهينة الحصول عليالعيدية التي أصبحت عادة ينتظرها الجميع من العيد للعيد,الكبير قبل الصغير وكأنها أمر لا تكتمل الفرحة بدونه حتي وأن كانت قيمتها رمزية لا تتعدي فئة الخمسة جنيهات…فما أسباب استمرار تلك العادة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية؟وهل من أشكال جديدة للمعايدة بدلا من القيمة المادية؟
تقول دكتور إيمان نصري-أستاذة علم الاجتماع بجامعة الفيوم إنالعيدية عادة قديمة توارثها الآباء من الأجداد لتضفي علي العيد بهجة خاصة ولونا جماليا مختلفا عن باقي أيام السنة,ومن هنا أصبحت أجمل مظاهر العيد وبدونها لا تكتمل فرحة الأطفال الذين يضعون كل توقعاتهم وآمالهم علي ما سيحصلون عليه ليصل الأمر إلي التخطيط لانفاق العيدية قبل حلول العيد بأيام لكونها أهم شئ لديهم فهي القيمة المادية الحقيقية التي يتحصل عليها الطفل طوال العام وحتي وأن كانت مبلغا رمزيا.
ولاشك أن العيدية بمثابة مشاركة الكبار لفرحة صغارهم بحلول العيد من خلال تجسيد مادي يعبرون من خلاله عن مقدار حبهم لذويهم وهم يسترجعون معهم ذكريات الطفولة التي عايشوها في أوقات سابقة.
وتضيف د.إيمان أن الأطفال يجدون فيها متعة العيد بفرحته وسعادته,فمن واجب الأسرة تعليمهم وتشجيعهم علي الكثير من العادات الجيدة كالإدخار والاحتفاظ بجزء من العيدية لانفاقه في شئ آخر في وقت لاحق لشراء مايحتاجه ولاسيما المساهمة والمشاركة في الأعمال الخيرية.فالعيدية فرصة للأهل لتنمية قدرات الطفل علي التصرف وأخذ القرارات فيما يمتلك من أموال,وتدريبه علي مواجهة المستقبل وكيفية التصرف في أمواله والتخطيط السليم لصرف نقوده فيما هو مفيد,بشرط أن يتم تشجيعه علي التصرف في أمواله بحرية تامة دون فرض السيطرة أو الضغط عليه لإعطائه الثقة بنفسه.وعلي الآباء عدم انتقاد أطفالهم صراحه في طريقة انفاقهم للعيدية واتهامهم بالإسراف والتبذير لكون هذا الانتقاد يفسد سعادتهم بها,وإنما عليهم بالنصح والإرشاد بلطف حتي تتكون لدي الطفل شخصية قوية مستقلة ويتعلم كيف يصرف أموره بنفسه مع الوقت,ولا مانع علي الإطلاق من المشاركة مع الأبناء في عملية التخطيط لكيفية انفاق العيدية علي أن يكون القرار الأخير للطفل ذاته حتي تتحقق رغباته.
ويستنكر دكتور سمير عبد الفتاح -أستاذ علم النفس جامعة عين شمس تصرف بعض الأسر في أخذ العيدية من أطفالهم بحجة أن العيد تكبلهم أعباء وتكاليف مادية كبيرة للمعايدة علي صغار أقاربهم,وبالتالي فهي ما إلا رد للعيدية التي تحملوها وتعويض عما انفقوه في شراء ملابس أبنائهم الجديدة بمناسبة العيد,مؤكدا أن لهذا التصرف أثر بالغ الخطورة علي صحتهم النفسية فالعيدية تشعر الصغير باهتمام الكبير ورعايته له فيتزايد إحساسه بالأمان,وبالتالي فإن الاستيلاء علي ما هو ملكه (من وجهه نظره) يعد استلابا لحقه,ويؤكد معني البخل وسيكولوجية عبادة المادة وعدم التراحم أو التكافل في نظر الأبناء من قبل الآباء مما يجعلهم عرضة للتشبت بمثل هذه السلوكيات فيما بعد ولاسيما أتباعها مع ابنائها في المستقبل عاملا بالمثلمن شب علي شئ شاب عليه.
وعن مسألة انحصار العيدية في الشكل المادي فقط يذكر الدكتور ثروت إسحق-أستاذ علم الاجتماع جامعة عين شمس أن الأمر يرجع لما اعتادنا عليه منذ الصغر ليستمر بتلقائية بأن الأسر تخصص جزءا من راتبها لتقسيمه لفئات متساوية توزع علي صغار العائلة للفرحة بالعيد.وفي الواقع أن الشكل المادي أفضل واسهل في ذلك الوقت للمعايدة عن أي بدائل أخري لصعوبة معرفة ما هو محبب لدي ابنائنا خاصة الصغار وهنا تلعب القيمة المادية دورها في تلبية احتياجات ومتطلبات أطفالنا بترك مساحة الحرية لديهم لشراء ما يرغبون فيه دون فرض شئ بعينه عليهم.