ظهور العذراء في كنيستها بالوراق فاق كل المعاني السابقة للظهورات في كل المرات بوضوح ملموس ومحسوس, فهو مملوء بالبريق اللامع الذي شمل المنطقة بأسرها وتخطاها إلي مناطق أخري, وكأنه كوكب منفجر هز الأركان وحرك الوجدان ووضح البيان للأجيال والأزمان. ولم يكن ظهور العذراء مجرد حدث تتحدث عنه الناس وإنما هو شمول في المفهوم المعني وكما عبر عن هذا الظهور نبافة الحبر الأنبا ثيئودوسيوس الأسقف العام لإيبارشية الجيزة أنه ظهور وتجلي والتجلي وضوح وعلامات وإنما الظهور هو وضوح كامل الصورة.
الفرق بينهما هو أن تظهر العذراء بملامحها وجمال شكلها وسكونها الطافح بالروحانية السمائية كما تظهر أيضا ألوان ملابسها الزرقاء التي اعتادت أن تظهر بها في مرات سابقة… أما التجلي فهو نوع من الإعلان السمائي في أنوار وبخور وحمام ونجوم وجميعها تحمل في داخلها إعلانات سمائية وأهدافا تحقق فيها السلام لأبناء البيعة كما تعطي سلاما وبركة لشعب مصر الذي باركته السماء كما جاء في الوحي الإلهي قديما مبارك شعب مصر.
وبوصفي كاهنا من هذه الإيبارشية العريقة التي كانت يوما مقرا كرسيا للأنبا هوسيوس أسقف أوسيم الذي كان له دور بارز في الدفاع عن الإيمان المستقيم وكانت أيضا جزءا من رعوية القديس العظيم الأنبا إبرآم أسقف الفيوم والجيزة… فأنني أري أن ظهور وتجلي العذراء في هذه الإيبارشية إنما لتعلن عدة علامات أراها من وجهة نظري مهمة وهي أساس عميق في علم اللاهوت الرعوي الذي تقوم عليه أساسيات الأبوة والرعاية…
إنها تؤيد بالمجد والإعلان العصر المنير للراعي الساهر القدير البابا العالم والعلامة قداسة البابا شنودة الثالث الراعي الساهر الدءوب الذي لا يكل ولا يمل من خدمة شعبه والذي سبق أن تجلت في أيامه أيضا في شبرا بأرض بابا دوبلو… وظهرت أيضا في أماكن أخري -لا يسعني الفكر أن أحصيها- وهي في ذلك الوقت بالذات تريد أن تؤكد لقداسة البابا أن عين السماء علي الكنيسة ولا تغفل السماء عن مؤازرته وتشديد سواعده الرسولية الأبوية في رعاية الكنيسة.
كما أنها تكلل الجهد الخارق لنيافة حبرنا الجليل الأنبا دوماديوس المطران الطاهر والراعي المحب الذي بني في أيامه عدد من الكنائس أغلبها علي اسم العذراء حتي وإن كان معها أسماء أخري لكن العذراء تكون أولا (العذراء والأنبا إبرآم… العذراء والملاك ميخائيل… العذراء ومارمرقس… العذراء والأنبا رويس… العذراء وماربولس)…
وهذا وبعد سهره الرعوي وجهده الأبوي أتت العذراء لتضع علي عصره وأيام خدمته إكليل فخر ظهورها وإعلان مجد ظهورها لتقول لنيافة الأنبا دوماديوس إن عين السماء ترعاك وتكلل خطاك بالمجد والإعلان وروعة العمل في دائرة الإيمان للمجد الأسني.
كما أن ظهورها في هذا التوقيت بالذات هو بداية سمائية وتأييد قوي بالمجد الذي لا يوصف… إذ أن هذا الحدث يعد في الشهور الأولي منح حبرية أسقفنا الساهر المحبوب والراهب الطاهر العف الأنبا ثيئودوسيوس الذي يسكب من قلبه المحب عطاء بغير حدود في أفكار ذات مجد لا يوصف بالحروف البشرية وكأن العذراء تقول له: بداية رائعة بإعلان سمائي وبداية أسقفيتك منشودة بترنيمات العلي ومسنودة ببركات العذراء لك ولرعيتك مع سائر الكنيسة قاطبة…وتكون كرازة الكنيسة بالجيزة في أيامك مصدر إشعاع بالنور مغمورة بالفرح والسرور لتعطيك عمرا مديدا وعهدا سعيدا.
وهنيئا لشعب مصر بهذا التجلي المميز جعله الرب ظهورا مسنودا بالقوة طاردا عن بلادنا كل شر وشرير ويسندنا بالمعونة والرشد ويعين الجميع علي خلاص نفوسهم.