أدب المهجر كان-ولا يزال-رافدا مهما من روافد الثقافة العربية,وهمزة وصل بين الحضارة العربية وغيرها من الحضارات الإنسانية.ليس هذا فحسب,بل كان لأدباء المهجر-دوما-دور رائد في طليعة حركات التجديد الأدبي والتنوير الثقافي التي شهدها الوطن العربي.وفي هذا الحوار نلتقي مع الكاتب والروائي إدوارد فيلبس جرجس أحد الكتاب البارزين في المهجر,له العديد من الروايات والمسرحيات التي تم نشرها أهمهاالشرفة القاتلة ودمية خلف الواجهة الزجاجية,ونشالة من نيويورك,وامرأة مدمرةكما ألف العديد من المسرحيات منها أمريكاني في حارة الزبالين,ودكتور الأحلام وشقة للإيجار,وما يزيد علي مائة قصة قصيرة.
*طلبنا منه في بداية حوارنا أن يقدم نفسه لقارئ وطني فقال:
**تخرجت من كلية الزراعة عام1967,وبمجرد تخرجي التحقت بالخدمة بالقوات المسلحة وشاركت كضابط احتياط في انتصار أكتوبر73وما زلت أحتفظ باعتزاز بشهادة العبور التي حصلت عليها.بعدها كتبت أول مسرحية بعنوان شقة للإيجار.سافرت بعدها إلي العديد من الدول إلي أن هاجرت إلي الولايات المتحدة الأمريكية وتفرغت تماما للكتابة.
*أليس هناك تناقض بين أن تكون متخرجا من كلية الزراعة وبين انخراطك في الكتابة والأدب؟
**ليس هناك أي تناقض بين المؤهل العلمي والانخراط في سلك الكتابة والأدب..فالقلم لا توجهه دراسة بعينها,بل هناك الكثير من الكتاب والأدباء لم يحصلوا علي مؤهلات جامعية.وفي الحقيقة أنا لم ألتحق بهذه الكلية كرغبة في الدراسة بها,ولكن كان لها ظروفها الخاصة,وفي ذلك الوقت كنت قد بلغت السادسة عشرة تقريبا وبالرغم من أني كنت قارئا نهم,إلا أن فكرة الكتابة لم تكن قد تبلورت في رأسي تماما..هناك الكثير اتجهوا اتجاهات بعيدة تماما عن مجالات الدراسة التي درسوها.
*كيف يمكن أن نصنف الكتاب العرب في المهجر؟
**في الحقيقة ومما يشجع أنه لا يزال هناك قطاع لا بأس به من القراء للغة العربية وأنا تقريبا رواياتي أقوم بنشرها بالمهجر ولم أقم بمحاولة جادة لنشرها بمصر حتي الآن بالرغم من أنني أقوم بإعدادها وطبعها هنا ولكن أفضل أن أرسلها للمهجر كرسالة بأن يكون لدينا أدب للمهجر لهذه الأجيال والأجيال القادمة,وأيضا توجد كتب ولكن ليست بالصورة التي يجب أن تكون عليها كمؤلفات كتابنا الكبار نجيب محفوظ,يوسف السباعي,يوسف إدريس وغيرهم.
*هل الأدباء العرب في المهجر جزء من أوطانهم أم اندمجوا مع المجتمع الجديد؟
**أي كاتب يكتب باللغة العربية في المهجر من المؤكد أنه يمثل جزءا من وطنه ويعيش همومه ويسعي دائما لإدخال الوطن كمحور رئيسي في كتاباته,وهذا لا يعني أننا نتجاهل المجتمع الأمريكي بل لنا كتابات كثيرة باللغة العربية سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو أدبية عن المجتمع الأمريكي وهذه يقبل عليها القراء العرب الذين لا يجيدون اللغة الإنجليزية.
*ما هو الدور الذي تقومون به في الولايات المتحدة وهل استطعتم الوصول للقارئ الأمريكي؟
**في الحقيقة الدور الرئيسي هو المحافظة علي اللغة العربية والإبقاء عليها وخاصة بالنسبة للأجيال الجديدة وأشعر بالحزن الشديد عندما ألتقي بشباب عربي لا يجيد حتي الحديث باللغة العربية,أما بالنسبة للقارئ الأمريكي أعتقد إننا لم نصل إليه حتي الآن بالصورة الجيدة,ومن أجل هذه الخطوة قررت أن أبدأ بترجمة ما أكتب إلي اللغة الإنجليزية.
*هل استطعتم الوصل للجيل الجديد من الشباب؟
**بالتأكيد ولكن هذا لا يعني أننا وصلنا بنسبة كبيرة وكثيرا ما تصلني تعليقات طريفة عبر البريد الإلكتروني عن كتاباتي وخاصة القصة القصيرة أو المسرحية التي تنشرها الصحف المهجرية.هناك بعض الشباب متحمس للقراءة وفي الجانب الآخر يوجد من لا يعير القراءة أي اهتمام وانجذب إلي البرامج التليفزيونية والكمبيوتر وغيرها من الوسائل الحديثة.
*ماذا قدمت للشباب؟
**حتي هذه اللحظة تعتبر كتابات شاملة للجميع بما فيهم الشباب,ولكن نظرا لأهمية دمج الأجيال الحديثة من الشباب داخل إطار الأدب واللغة العربية كتبت أحدث رواياتيفتاة القمروهي رواية طويلة مكونة من أربعة أجزاء.انتهيت من الجزء الأول وسأقوم بإذن الله بنشره باللغة العربية والإنجليزية.هذه الرواية موجهة للشباب والأجيال الحديثة بصفة خاصة وستنشر باللغة الإنجليزية حتي لا نحرم بعض الشباب الذين أهملوا اللغة العربية عن قصد أو غير قصد وكذلك أيضا للوصول إلي القراء من الشباب الأمريكي,واعتقد أنها ستجد إقبالا من الشاب لأنها تجمع بين المجتمع المصري والمجتمع الأمريكي في إطار يجمع بين الواقع والخيال.
*هل هناك خطة للارتقاء بالأدب العربي في المهجر والوصول به إلي المكانة اللائقة؟
**هذا ما أتمناه وأسعي إليه,وإن كنت ألوم أصحاب القلم جميعا وأتهمهم بالتقصير لأنه حتي الآن لا توجد أي محاولات جديدة جديرة أن تصل بنا إلي المستوي الذي نقول فيهنعم يوجد أدب مهجري,وكنت قد وجهت من خلال الصحف العربية في الولايات المتحدة التي أقوم بالكتابة بها أكثر من مرة نداءللجميع لكي نبدأ في إنشاء رابطة للكتاب العرب وكذلك مركز ثقافي ككثير من الجاليات الأخري وهذا لن يتم إلا من خلالنا وبالمجهودات الذاتية,وأعتقد أنه إذا تم هذا لن يبخل الوطن بإمدادنا بما نحتاج إليه من كتب لجميع كتابنا حتي تكون هناك مكتبة عربية متكاملة.
*بماذا تنصح الشباب والأجيال الحديثة بالمهجر؟
**النصحية التي لا أمل من ترديدها دائما هي ألا يفرطوا في لغتهم العربية لأنها أساس الانتماء للوطن للأم,وبدونها يفقدون رابطة مهمة بالنسبة للوطن لأن اللغة في حد ذاتها وطن والتمسك باللغة يساعد علي التمسك بعاداتنا وتقاليدنا التي أري فيها وبدون مبالغة العادات والتقاليد الصحيحة علي الأقل بالنسبة لنا.
*هل هناك متطلبات من الوطن للمساعدة علي نجاح أدب المهجر؟
**بالطبع هناك متطلبات وإن كانت غير مادية ولكنها متطلبات معنوية وتشجيعية وخاصة الجهات الثقافية حتي لا نشعر بأن هناك حاجزا أو حدودا بيننا وبين الوطن الأم أو بأننا انفصلنا عن الوطن وهذا لن يتأتي إلا إذا حدث اندماج بيننا وبين أدباء الوطن وتبادل ثقافي يقوي ويثير الحماس في العناصر التي أعتقد أنها قادرة علي العطاء بالمهجر ولكن ينقصهم التشجيع.