“أنا شاعر قبل أى شئ .. قبل أن أكون كاتباً، فالشعر لغة الكشف والأخصار والتكثيف .. وأظن أن مشاعرنا الآن من الكثافة. بحيث إنها تحتاج دوما إلى الشعر..”.
هكذا يتحدث الشاعر الكبير أحمد عبد المعطى حجازى عن علاقته بالشعر خلال رحلة بحثه عن الذات .. وهو إلى جانب كونه شاعر من شعراء الزمن الجميل مفكر شهدنا له (من خلال مقالته الأسبوعية بجريدة الأهرام) معارك فكرية ومواقف من قضايا عديدة مهمة أثرت فيه مثل: قضية تمثال الإسكندر الأكبر بالإسكندرية، وكيف أثارت صراعاً فكرياً تصدى له الشاعر الكبير حينما تحدث عن الإسكندر محرر مصر من الفرس ومؤسس مدينة الإسكندرية، قضية أخرى هى الصراع الفكرى الذى أثير بشأن الحملة الفرنسية على مصر، صراع بين تيارين إحدهما يرى أنها ليست حملة من سلسلة حملات استعمارية، وتيار آخر يرى أنها فجرت شرارة التقدم العلمى مما حمل حجازى على الدفاع عنها، وقضية رواية “وليمة لأعشاب البحر” وقضية ” الفساد العلمى” فى الجامعة المصرية، وانحسار الطبقة الوسطى أساس التقدم، وقضية المثقفين وحرية التفكير والإبداع ” ثم معركة تجديد الخطاب الدينى….
ومع كل هذه القضايا تظل قضيته الأساسية فى الحياة هى ” الشعر ” حتى نجده ليعترف أنه يخون نفسه عندما لايكتب الشعر، مما دفعه لأن يقدم اقتراحه الخاص بوجود بيت للشعر أسوه بما يوجد فى عواصم الدول الاوربية والعربية على السواء .
الشاعر قبل الكاتب
*ماذا عن الشاعر أحمد عبد المعطى حجازى ورحلة بحثه عن الذات؟
**أنا شاعر قبل أى شئ، قبل أن أكون كاتبا، فالشعر لغة الكشف والاختصار والتكثيف، وأظن أن مشاعرنا الآن من الكثافة بحيث إنها تحتاج دوماً إلى الشعر، قبل سفرى إلى فرنسا لم أكن أكتب إلا قليلاً وأقضى وقتى مع الشعر، كان راتبى يكفينى. أما بعد عودتى من الخارج أصبحت مضطراً للكتابة أسبوعيا بجريدة الأهرام للحصول على دخل ثابت. فإننى لا أملك سوى راتبى وليس عندى أية مدخرات، وقد أدى استغراقى فى الكتابة إلى ابتعادى عن الشعر.
هذه هى بعض المشاكل التى يعانى منها المثقف المصرى، فهو مضطر دوماً للبحث عن لقمة العيش على حساب اهتماماته الأساسية، وبصراحة أشعر إننى ” أخون نفسى” عندما لا أكتب الشعر، أما البحث عن الذات فهو رحلة الخروج من فكرة الانقسام التى نتجت عن تقسيم التاريخ إلى مراحل منفصلة تفتقر إلى التواصل، أدى ذلك إلى تمزيق الوجدان الوطنى، وبدأ بعض المصريين ينظرون إلى الحضارة الفرعونية باحتقار، وجانب آخر يعتقد أن التاريخ يبدأ من الفتح العربى المصرى، إذن رحلة البحث عن الذات هى تماثل رحلة “إيزيس” عندما راحت تفتش وتجمع أشلاء زوجها “أوزيريس” التاريخ المصرى واحد، الحضارة المصرية واحدة، الثقافة – كالمادة فى القانون الطبيعى لا تفنى ولكن تتحول، وبالتالى يحمل المصرى بداخله ثقافات عديدة متراكمة عبر العصور، ونحن لسنا فى حاجة إلى التغنى بوحدة بسيطة ساذجة بل يجب أن نتغنى بالتعددية.
* لقد ذكرت : أنا شاعر قبل أن أكون كاتباً .. فماذا يمثل الشعر فى ثقافة العالم ؟
** إن الشعر فى ثقافة العالم يعد فناً أساسياً من أوائل الفنون التى عرفها الإنسان، ذلك أن الشعر مرتبط بالدين أيضا، فالمصريون القدماء كانت ديانتهم شعراً، فحين نقرأ لغة كتاب الموتى ” نجد أنها لغة شعرية، أيضا تراتيل وإنشاد أخناتون نجد أنها شعر، الشئ ذاته بالنسبة للديانة اليهودية، فمن المعروف أن عدداً من أبناء بنى إسرائيل كانوا شعراء، ولننظر لنشيد الإنشاد بالتوراة أو سفر الجامعة، كذلك فى الإسلام حتى إن النبى محمد ( صلعم ) عندما قرأ القرأن الكريم لأول مرة على أهل مكة اتهموه أنه شاعر وهكذا .
فهو فن أساسى فى كافة لغات وآداب العالم سيما عند العرب الذين قالوا من قبل ” الشعر ديوان العرب “، فالأمم الأخرى فى ثقافاتها لديها فنون أخرى بالإضافة إلى الشعر، فالمصريون القدماء كان لديهم – إلى جانب الشعر – القصة والتاريخ والحكمة والدين، وبالنسبة لليونانيين كان لديهم الشعر والمسرح بالإضافة إلى الفلسفة والعلم، أما العرب كان الشعر هو تاريخهم وفلسفتهم، ففيه نجد الوصف والحكمة والخبرة الحياتية، من هنا سمى الشعر” ديوان العرب “، بعد ذلك ظهرت الرواية والقصة و المسرحية والعلم والنقد.
* إذن فالشعر يعد أساس كل ثقافة ..
** نعم فإذا فقدنا الشعر فقدنا المرجع الذى تعرف منه اللغة وطريقة تفكير القدماء وأخلاقهم وتصوراتهم للعالم الآخر، فمن يريد أن يحافظ على علاقته بماضيه وتراثه لابد أن يظل محافظاً على علاقته بالشعر، والشعر لم يعد فناً محليا أو قومياً، فحيث إنه فى كل اللغات، وحيث إنه فن به جوهر إنسانى، فإذا ترجم إلى لغة أخرى فإنه يحافظ على التراث، وذلك أن كل شعر جيد يحمل قيمة إنسانية يمكن نقلها إلى اللغات الأخرى، وبسبب التراجم التى تمت بين شعر اللغات المختلفة أصبحت هناك طريقة للكتابة لها طابع عالمى، فكما أن الرسم الشرقى مختلف عن الرسم الغربى، والنحت فى مصر يختلف عن النحت فى بلاد اليونان فى فترات سابقة، أصبح الآن هناك أسلوب مشترك للرسم فى كافة أنحاء العالم، كذلك أصبح الشعر، فالقصيدة العربية تترجم إلى اللغات الأجنبية (الإنجيلزية والفرنسية وغيرهما ) ويقرأها هؤلاء أصحاب اللغات الأجنبي، أى أن الإنسان فى كل مكان يقرأ قصيدة أخرى( خارج لغته وثقافته ) من نظم شعرائنا أو شعراء البلاد الأخرى، وبذلك فإن الشعر أصبح لغة عالمية، لذلك لابد أن نحافظ على شعر أسلافنا القدماء .
* من أين جاءت الفكرة بوجود بيت للشعر ؟
** نبعت الفكرة من علاقتى بالثقافة الغربية عموما والفرنسية بوجه خاص، ووجودى فى فرنسا فترة طويلة أوحى لى بضرورة إنشاء بيت شعر لمصر، فبيت الشعر يعد مؤسسة عالمية لأنه أنشئ فى عواصم مختلفة من العالم ” معظم العواصم الأوربية ومعظم العواصم العربية ” وقد دعيت منذ سنوات فى التسعينيات لقراءة أشعارى فى بيت الشعر بباريس، ووجدت أن هناك مؤسسة مخصصة لرعاية الشعر بصورة دائمة، وهى مؤسسة مفيدة جدا نحن فى حاجة إليها، فلما عرضت الأمر على الفنان فاروق حسنى وزير الثقافة رحب على الفور، إذ يعلم أن بيت الشعر ضرورى يستطيع تقديم خدمة تحتاج إليها الثقافة المصرية عامة، فاقترح البيت الاثرى ” الست وسيلة ” الذى يعود إلى أواسط القرن السابع عشر ” 1664 ” هذا البعد التاريخى يتوافق مع فن عريق مثل فن الشعر، ومع أن بيت الشعر قديم، لكنه مزروع فى قلب القاهرة القديمة والجمهور العادى البسيط، من هنا نستطيع القول إن بيت الشعر لن يحقق صلتنا بالماضى فقط بل بالحاضر أيضا ً ..
* ما الرسالة التى يقوم بها بيت الشعر؟
** لابد أن نحافظ على شعر أسلافنا القدماء، وهذه الرسالة ينهض بها بيت الشعر الذى لن يهتم فقط بشعر الفصحى، وإنما يهتم أيضا بشعر العامية، حتى الشعراء المجهولين فى المناطق والأقاليم المختلفة سيكون لهم اهتمام خاص، فلابد أن نهتم بالشعر النوبى والشعر البدوى فى الصحراء الغربية وسيناء .
لابد أن نتبادل العلاقات مع شعراء أوربا والصين واليابان والهند وأندونيسيا وأستراليا، بالإضافة إلى الشعر الفارسى والشعرالتركى، سيتناول البيت أيضا أنشطة ثقافية متعددة مثل الأمسيات الشعرية والأمسيات النقدية التى تدور حول الشعر، بالإضافة إلى الأمسيات الموسيقية والغنائية ومعارض فن التصوير، وفن النحت لتأكيد العلاقة الوثيقة بين الشعر والموسيقى ، والشعر والفنون التشكيلية ..
سيشارك بيت الشعر فى ربيع الشعراء والمهرجانات التى ستقام بالداخل والخارج، وسوف نصدر مجلة سنوية فى نهاية العام ( لم يحدد اسمها بعد – وإن كان هناك عنوانا مبدئيا هو” حولية البيت “).
* ماموقف المثقف اليوم من النعرات التعصبية والطائفية ؟
** المثقفون ليسوا فريقا واحدا، ويفترض أن يكون المثقف باحثا عن الصواب والحقيقة، فالمثقف ليس حافظ معلومات أو أمينا على أسرار قديمة أو مستظهرا للنصوص، أو أنه يدخل امتحانا فى هذا العلم أو ذاك، لكنه باحث عن الحقيقة بمعنى أنه باحث عن طريقة تحقيق السعادة للإنسان، ذلك أن الإنسان هو غاية كل بحث وكل معرفة، وبالتالى فإن المثقف ( ويفترض أن يكون أقدر الناس على معرفة هذه البديهيات) لابد أن يؤدى واجبه نحو عصره، بالتخلص من انتماءاته الضيقة)، فإذا كانت مصلحته الشخصية فى أن يكتم الكلمة، فإن دوره الثقافى يحتم عليه أن ينحاز إلى الحقيقة، والمفترض أنه ضد النعرات الطائفية والتعصبية، لكن للأسف أن هذه النعرات أيضا لها مثقفون، وهناك من يضرم هذه الناردون أن يعترف بأن ما يروجه تعصباً، بل عين الصواب والانتماء، إن الخروج من الانحياز والتعصب جهاد روحى عظيم يتحقق على عدة مراحل ولا يأتى مرة واحدة ومن خلال التجارب الحياتية… والثقافة تشبه الحب، لابد أن نمارس الحب مجتمعين، والإنسان لا يمكن أن تتحقق له إنسانيته إلا إذا خرج من حيوانيته، لابد أن يخرج من القطيع (الذى يقوم على أساس الدين أو الجنس أو اللون) إلى المجتمع، أى يتخلص من التعصب ويكون لديه انتماء، والانتماء يختلف تماماً عن التعصب، فالانتماء للوطن لا يرتب على الإنسان أن يكون معادياً لغيره، والدفاع عن الحق لا يعنى التخلى عن التسامح، لذلك من الطبيعى أن يكون المثقف ضد التحيز
والتعصب، وأن يكون رحيما ومتفهماً الأسباب مواجها للظواهر بسعة صدر، وللعلم فإن مصر كانت بريئة من هذا العنف، وقد أتيح لى أن أراها قبل أن تصاب بهذا المرض الذى له أسبابه.
فكلنا يعرف أن مشروع النهضة والتحديث فى مصر تعرض لانتكاسات فى اعقاب يوليو 1952 وسقوط الديموقراطية، وإذا سقطت الديموقراطية انفتح الباب أمام النعرات الطائفية، ماذا حدث فى الخمسينيات؟ حل الضباط الأحرار الاحزاب جميعا فيما عدا جمعية الإخوان المسلمين وهم أنفسهم كانوا أعضاء بها، ولم تلتفت مصر إلى هذا التيار.. حدث الخراب عام 1967 وتصاعد التيار الدينى واعتمد الرئيس السادات على الإخوان المسلمين لضرب اليسار، وكان هو – للأسف – ضحية هذه السياسة.. وهنا جاء دور المثقفين للتعامل مع هذه الظواهر بسعة صدر وتسامح وصرامة عقلية لتضعها على حقيقتها وأن نواجه أنفسنا.
أمريكا وبعض الأوربيين يعطوننا دروساً، يتصرف الأمريكان كما لو كانوا ملاك البشر يحكمون وينفذون دون أن يستشيروا أحداً، وهم أنفسهم الذين ربوا هذه الذئاب، والذى حدث مع الرئيس السادات هو الذى حدث مع أمريكا … لابد أن يفهم الأمريكان الدرس جيداً.. هناك شئ خطأ … الإسلام ليس دين إرهاب وعنف … الإسلام هو ابن رشد وهو الفقهاء الذين درسوا عند الخليفة الأموى، هو الحلاج الصوفى وهو ابن عربى الذى لا يرى فى العالم إلا الله وكل يذهب إليه بطريقته… الأديان جميعا بريئة من التطرف والإرهاب.
لذلك لابد أن نسأل: ما السبب فى هذا الشر كله؟ فى الجزائر القاتل والمقتول كلاهما مسلم، وفى يوغوسلافيا تضرب الصرب الأرثوذكس والكروات الكاثوليك مع المسلمين بذات الوحشية التى تصرف بها الإرهابيون بالجزائر؟ وكما تصرف إرهابيون 11 سبتمبر، فالمثقف إذن عليه كيف يتخلص من أساطير الاستعلاء على الشعوب الأخرى، واليوم لم يعد العالم محصوراً فى الحدود السياسية، والسؤال: كيف أعايش الآخر فى العالم وليس كيف أعيش مع المصرى الذى يخالفنى فى الدين، كيف تنشئ اقتصاداً عالميا يكون به حد أدنى للعدالة وتكافؤ الفرص …
علينا كمثقفين أن ننتمى لوطن وليس لطائفة أو دين سواء فى المسجد أو فى الكنيسة، ففى الجامعة والمدرسة الوطنية والحزب والشارع أنتمى لوطن، لأن الوزارة والشارع والحزب ليس لدين ولكن لوطن. كذلك ننتمى للعرب وأيضا للبشرية جمعاء، وهذا يعنى معرفة الأسرة الكبيرة (العالم) التى انتمى إليها، أعرف ثقافتها، وكلما خرج البشر عن تحيزاتهم كلما خرجوا من أساطيرهم لأن التحيزات ليست إلا أساطير لا تستند للحقيقة، ومن هذا فإن المروجين لصدام الحضارات – وعلى رأسهم ” صموئيل هانيتجتون” – يحرضون البشر على الصراع من خلال رفع الشعارات الخاطئة الداعية للصدام بين الحضارات، وعندما يصدفها الناس ويتصارعون بالفعل يقولون للجميع: “أنظروا لقد صدقت نبوءتنا عن حتمية الصراع”.
*كيف يمكن قيام المثقف بدوره النهوضى فى المجتمع؟
**تكمن الإجابة فى استقلال المثقفين، ومن ناحية أخرى على الدولة أن تلعب دوراً فى نشر وحماية الثقافة، لأنه فى هذا العصر لم يعد سهلاً على الفرد إنشاء مؤسسات ثقافية مما جعل دور الدولة مرغوباً لتقديم الثقافة بسعر معقول، وقد اتجه عدد من الدول الأوربية المتقدمة إلى أنشاء وزارة للثقافة، ومما أود ذكره هنا إننى خلال عملى كرئيس تحرير لمجلة “إبداع” التى تصدر عن إحدى مؤسسات الدولة – اصطدمت بجها عديدة عندما تعرضت لبعض القضايا الساخنة مثل: (التراث القبطى) … ولمست تأييداً من جانب الدولة، المهم أن يتحلى المثقفون بالاخلاق ويلعبون دوراً فى خدمة الحقيقة ولا يتحولون إلى مجرد أصوات دعائية لأحد.
* وماذا عن صراع الحضارات ؟
**صراع الحضارات ليس حقيقة لكنها دعوة للتحريض، وإذا نظرنا للتاريخ سنجد أن الإسلام والمسيحية، لم يستفيدا من الحرب، لأن الدين لغة قلب فكيف يمكن أن يستفيد القلب من الدمار، ولهذا تم تحريض الغوغاء وخداعهم وتزييف القول لهم بأن الدين فى خطر، يتحول هؤلاء إلى حيوانات كاسرة تتقاتل بشراسة حتى الموت …. الحرب دائما وراءها مؤسسات سياسية وملوك وسلاطين، أما عامة المؤمنين فلا مصلحة لهم فى الحرب … وفى يقينى أن شعارهم صراع الحضارات هو تحريض واستعلاء ومحاولة لخلق استعمار جديد وتبرير لانفراد الولايات المتحدة بالهيمنة على العالم بعد انتهاء الحرب الباردة، ولا يعنى ذلك أن نلقى اللوم كاملا على الآخرين لأن من بيننا من يوقدون النار وهناك من يميل للتقسيم فيقول بأن العقلية الغربية مادية غير روحية، وأن العقلية الشرقية تميل للدين والعاطفة، هذه المقولات أساطير وخرافات، هل الذى يذهب للحديقة والمسرح ويستمع إلى حفلات الموسيقى يقال عنه إنسان مادى؟ فلابد إذن من البحث عن لغة تضامن وتعارف مشتركة، لأن الحضارات تتلاقح وتتعلم من بعضها البعض ولا يجب أن تتصادم. وفى أطار دعاوى الاستعلاء الحضارى المتبادلة ألوم أكثر ” صموئيل هانيتجتون” وغيره فى الغرب لأنهم يملكون ويستعلون، أما فى مجتمعاتنا فإن الناس يدافعون عن أنفسهم بالباطل لأنهم لا يملكون لذلك فإن المطلوب حقيقة هو حوار الثقافات وحوار الحضارات .
*حفل القرن العشرون برواد للتنوير مثل قاسم أمين وهدى شعراوى وطه حسين وسلامة موسى ومراد وهبه ولويس عوض وأحمد عبد المعطى حجازى وراغب عياد وغيرهم. هل توقف تيار التنوير عند هؤلاء؟ وأين نحن؟
**مشروع النهضة والتحديث يحتاج إلى طبقة قادرة قائدة تتقدم المسيرة الاجتماعية. للأسف أصبح المجتمع المصرى الآن جسداً بلا رأس لأن الطبقة والآليات التى تنتج المبدعين ورواد التنوير السابق ذكرهم لم تعد موجودة، فالديموقراطية تحتاج إلى طبقة اجتماعية ومؤسسات فليس كل مصرى الأن يستطيع أن يكون ممثلا لمصالح الشعب فى البرلمان. هل لدينا نواب مثل عباس محمود العقاد الذى تحدى الملك فؤاد عندما أراد الإساءة للدستور؟ وهل يعمل فى الجامعات المصرية حالياً أساتذة أمثال: طه حسين وعبد الرحمن بدوى وأمين الخولى وغيرهم؟ هناك الآن للآسف نواب فى مجلس الشعب يجرون وراء مصالحهم الخاصة، وأساتذة فى الجامعات يحرضون الدولة على الاساتذة المتحررين مثل: الدكتور نصر حامد أبو زيد إن صناعة المبدع لا تتم مصادفة أو بقرار بل تحتاج إلى بيئة قادرة على تجسيد الرمز والقيم الإنسانية.
*ماذا عن مساحة نقد الذات فى العقل العربى؟
**نقد الذات خطوة أولى فى مسيرة التقدم، لابد أن يدرك المرء تقصيره ويسعى إلى تحقيق التقدم، أما إذا كان الخطاب السائد: “ليس فى الإمكان أبدع مما كان” فإن ذلك يعنى الجمود والاستسلام للتخلف. وفى الواقع فإن العقل النقدى هو أبرز ما يميز فكر النهضة فى أوربا، ونحتاج نحن فى مجتمعاتنا إلى مراجعة نقدية جذرية للذات، فعلى سبيل المثال: نتحدث الآن عن تجديد الخطاب الدينى ويعنى ذلك مراجعة ونقد الذات.
30 يونيو 2010