هناك حالة من الاستغراب-المشروع-تجاه قرار النائب العام المفاجئ بالإفراج الصحي عن المعارض البارز أيمن نور.سوق التكهنات لم يغلق أبوابها بعد.البعض يرجع ذلك إلي رغبة النظام في بداية علاقات جديدة مع إدارة الرئيس باراك أوباما,ولا سيما أنه لم يشأ أن يفعل ذلك من قبل حتي لا يقدم##ورقة##إلي إدارة الرئيس بوش-المنتقدة محليا وعالميا-في آخر عهدها.علي الجانب الآخر هناك حالة من الهجوم,الصريح والمستتر من بعض الأقلام ضد أيمن نور,وغمزا ولمزا في قرار النائب العام,ويشير البعض إلي أن أيمن نور خرج من السجن أكثر صحة وشبابا,وبالتالي يتساءلون عن مغزي##العفو الصحي##.
الكل يتساءل..ولا يمكن بالطبع أن نمنع هؤلاء وأولئك عن إثارة مثل هذه الهواجس,والانتقادات,فالرجل دخل السجن في قضية جنائية,رأي كثيرون أنها قضية سياسية,وظل في السجن سنوات,يكتب في الصحف من محبسه,وينتقد النظام علنا,ويقدم بلاغات للنيابة,ويثير الزوابع,وتأتي الوفود الدولية إلي القاهرة مطالبة بالإفراج عنه,وقدمت الطلبات الواحد تلو الآخر للإفراج الصحي عن الرجل,ولكن كانت تواجه برفض شديد وفجأة قبل الطلب,دون أن يكون له داع مباشر,علي النحو الذي أدهش المحللين,وجعلهم يتطلعون بأبصارهم بعيدا إلي ما وراء الأطلنطي.ومن ناحية أخري,فإذا كانت المسألة برمتها تقديرية للنائب العام,فلماذا تثار كل هذه الانتقادات,ويجري مراجعة الحالة الصحية لأيمن نور,وكان قرار النائب العام ذاته فيه خطأ أو تسرع؟.
كل ذلك يحملنا إلي نتيجة واحدة هي أن هناك أزمة حقيقية في إدارة القضايا التي يكون السياسيون طرفا فيها.حيث التصعيد السياسي والإعلامي إلي الذروة,ثم يتلاشي كل شئ في لحظة,وتبقي فقط التساؤلات التي تبحث عن إجابة.ولا يمكن أن نمنع أحد من التكهن طالما أن الموضوع يدار بمثل هذه الطريقة.يختلف ذلك عن إدارة قضية إبراهيم عيسي رئيس تحرير الدستور,حيث كان العفو الرئاسي المباشر والسريع مدخلا مهما لتصفية القضية.لم يقل حد شيئا وقتئذ سوي أن القرار نابع من رغبة حقيقية في أن يكون رئيس الجمهورية,شخصا ومنصبا,في منأي عن أي خصومة مع أي مواطن,وهو ما ورد في البيان الذي رافق القرار الرئاسي بالعفو.