سؤال لابد أن يطرح: هل نحن مستعدون لقرار انفصال السودان؟
القرار علي الأبواب, هناك من يقول إنه وشيك, حتي قبل انعقاد الاستفتاء المقرر عقده عام 2011م. هناك تحركات مصرية تشير إلي أن هناك إدراكا بقرب حدوث ذلك, وتحركات أخري تشير إلي أن الموقف المصري مراقب, متابع, في وضع انتظار لا أكثر.
أحد مشاكل النخب المثقفة المصرية في التعامل مع محيط مصر الإقليمي هو النظر شرقا, أي صوب القضية الفلسطينية, دون النظر جنوبا, أي تجاه ما يحدث في السودان. وفي تعاملنا مع القضية الفلسطينية فشلنا في توقع ما سوف يحدث بعد أن تحصد حماس أصوات الأغلبية. فهل مطلوب أن نكرر الخطأ ذاته؟.
السودان مقبل علي انقسام حقيقي إلي دولتين- مبدئيا, وربما إلي أكثر لاحقا. ما ذكره سلفا كير- النائب الأول للرئيس السوداني- في أثناء زيارة أخيرة له للقاهرة واضحا جليا أن خيار الانقسام هو الأكثر قبولا من الجنوبيين, ولو أجري الاستفتاء اليوم لاختار أكثر من تسعين بالمائة من الجنوبيين خيار الانفصال, وتكوين دولتهم المستقلة.
الكل اليوم يستعد لانقسام السودان في أعقاب استفتاء عام 2011م, هذا الاستفتاء,سوف يجري بموجب اتفاقية السلام بين النظام السوداني والحركة الشعبية لتحرير السودان. وإن كانت هناك عقبات تعترضه علي الصعيد اللوجيستي, إلا أن بالفعل بدأ الترتيب للتعامل مع نتائج الاستفتاء حيث تتعامل العديد من الدول والمنظمات الدولية مع الجنوب بوصفه إقليما مستقلا.
هذا درس مهم في المنطقة العربية. غياب التعددية, والإفراط في الاستبداد, وعدم احترام المصالح المتنوعة للمواطنين سوف يؤدي إلي الكفر بالأوطان, والسعي إلي تمزيق أواصلها, وتقسيمها مهما كانت التداعيات. اليوم الصومال ممزق, والسودان مقبل علي انقسام, والعراق مرشح لانقسام مستقبلي, والنظام اليمني ثم السعودي يقاتل ضد الحوثيين دون رغبة في تسوية, ولبنان تتعثر في إدارة العمل الحكومي, وحماس لا تتحدث مع فتح, في حين يتحدث الاثنان مباشرة إلي إسرائيل. هل نحن جاهزون لمستقبل السودان بعد الانفصال أم سنفاجأ كما حدث مع ##حماس##, وعلي حد تعبير الصادق المهدي كل ما يحدونا هو دولة صديقة علي حدود السودان الجنوبية!.