تفتح الانتخابات النقابية الباب لإعادة الحديث عن أزمة العمل النقابي ذاته. والمناسبة هذه المرة هي انتخابات نقيب الصحفيين, التي يتنافس فيها بشكل رئيسي مرشح من جيل الشيوخ هو مكرم محمد أحمد, وآخر من جيل الوسط هو ضياء رشوان.
ونقابة الصحفيين مثل غيرها من النقابات المهنية تشهد ثلاث إشكاليات كبري, يجب الاعتراف بها, والتعامل معها.
الإشكالية الأولي هي الطابع الحزبي للعمل النقابي. المقصود هنا ليس إبعاد السياسة عن النقابات المهنية, لأن كل قضايا الشأن النقابي هي قضايا سياسية, ولكن إبعاد الحزبية عن العمل النقابي. إن دخول النقابات المهنية في مصر, ما يعرف بمنطقة الصيد في العلاقة بين الحكومة والإسلام السياسي, أضعف كثيرا من دورها المهني, الخاص بالارتقاء بشئون المهنة, وفرض عليها قيادات مهنية تتعامل بمنطق بيروقراطي بحت.
الإشكالية الثانية هي غياب الثقافة الديموقراطية, حيث تشير الخبرة إلي أن إدارة العمل الداخلي في النقابات تشهد سجالات عنيفة خشنة , وتراشق الاتهامات, وشيوع أنماط من القيم والسلوك غير الديموقراطي.
الإشكالية الثالثة هي ضعف الثقافة المهنية لجموع المهنيين, وهي حالة عامة نجدها في كافة المهن تقريبا: الطب, الصحافة, المحاماة, التعليم, إلخ. هناك شكوي مجتمعية- شبه متكررة-مفادها غياب القيم والحرفية المهنية عند قطاع غالب من الممارسين للمهن المتنوعة في المجتمع, يرافق ذلك تدهور في ##الأخلاق المهنية## التي تحكم ممارسة العمل, مما تسبب في مناخ من الشك المتبادل بين الجمهور وأصحاب المهن.
إن العمل النقابي, في المقام الأول, هو قيم وسلوك, يتصل بتجسيد مصالح أبناء مهنة معينة, والارتقاء بالمهنة, وشئونها, يحتاج إلي سياسات نقابية جادة, وممارسات نقدية لما هو سائد من سلوكيات, بحيث يتخلص العمل النقابي من آفاته الكبري, التي عطلت مسيرته, وحولته إلي كيانات حزبية موازية, وساحة للصراع بين القوي السياسية, وشيوع أنماط من السلوك الانتهازي في ظل غياب كامل لمشروع متكامل للنهوض بالمهن والممتهنين بها.
أي من المرشحين لديه جهد وصبر وإصرار علي التصدي لهذه المشكلات؟.