في الشهور الأخيرة تسارع معدل الجريمة, رافقها التوسع في إصدار أحكام بالإعدام, وتكاثرت الأحداث الطائفية, وزادت حوادث الطرق. باختصار, السلام الاجتماعي للمجتمع تحت التهديد. هناك أربعة أركان يحتاج المجتمع للعمل عليها تعليميا وسياسيا وإعلاميا..
أولا: الإدراة السلمية للاختلاف, أيا كان مصدره سياسيا أو ثقافيا أو دينيا , إدارة تحفظ للجماعات المتنوعة التي تعيش مع بعضها بعضا مساحة للتعبير عن تنوعها في أجواء من الاحترام المتبادل, بعيدا عن ذاكرة الكراهية, وهذه هي مسئولية الإعلام والتعليم في المجتمع الحديث.
ثانيا: الاحتكام للقانون, بما يعني المساواة بين الأفراد بصرف النظر عن الاختلاف في اللون أو الجنس أو الدين أو العرق. ويكون اللجوء إلي مؤسسات العدالة ميسورا, ومكفولا للجميع, بحيث يعامل الأفراد في أروقتها باستقامة وحرية كاملة. وتنقد أحكامها دون تلاعب أو تسويف أو تأجيل. هذه هي مسئولية مؤسسات العدالة, من محاكم ونيابة وشرطة.
ثالثا: الاعتماد علي منظومة متكاملة من الحكم الرشيد, ويعني الشفافية, والمساءلة, ومحاربة الفساد, وتحقيق معدلات مشاركة عالية للمواطنين في الشأن العام, سواء المشاركة في الحياة السياسية, أو الاقتصادية أو الاجتماعية, وهذه هي مسئولية النظام السياسي بكافة مؤسساته.
رابعا: حرية التعبير , فلا يمكن صيانة السلام الاجتماعي دون أن تتمتع كل مكونات المجتمع بمساحات متساوية في التعبير عن آرائها, وهمومها, وطموحاتها. في مناخ عقلاني يسوده الانفتاح يمكن الاستماع إلي كل الأطراف, وتفهم كل الآراء, دون استبعاد لأحد, بهدف الوصول إلي الأرضية المشتركة التي يلتقي عندها الجميع.
هذه هي الأركان الأربعة للسلام الاجتماعي: إدارة سلمية للاختلاف, الاحتكام للقانون, حكم يقوم علي المشاركة والمساءلة والشفافية, وأخيرا حرية التعبير لأصحاب الآراء المتنوعة. إذا تحقق ذلك, فإن كثيرا من مظاهر الحياة السلبية سوف تتلاشي بدءا من أعمال العنف الطائفي التي تستند إلي وجود أشكال من التعصب الثقافي والديني, والبلطجة التي تكتسب شرعية جماهيرية نتيجة بطء إجراءات التقاضي, وغياب تطبيق القانون بالتساوي علي المواطنين, مرورا بشيوع أنماط مختلفة من الفساد, التي تحتاج إلي منظومة متكاملة لمكافحتها, وأخيرا الافتقار إلي حرية التعبير الكاملة والمسئولة, مما يجعل الاحتقان, والعنف, والكراهية سيد الموقف.
السلام الاجتماعي ليس هو الأمن, ومن الظلم أن يتحمل الأمن وحده مسئولية إخفاق المؤسسات الأخري.