قال الدكتور عماد أبو غازي وزير الثقافة إن نصيب المواطن المصري من الثقافة 25 قرشا سنويا. تصريح صادم, لكنه يعبر عن مأساة مجتمع لا تمثل الثقافة أهمية بالنسبة له. إذا تأملنا المشهد نجد أن ثورة 25 يناير في ذاتها ##تعبير ثقافي##, حيث خرج الشباب -الذين يؤرقهم الاستبداد وتدهور الوضع المعيشي وانتهاك الكرامة الإنسانية- للثورة من أجل مجتمع ديموقراطي تسوده الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية, وجميعها تمثل قيما ثقافية مهمة ينبغي البناء عليها.
حتي تعود الثقافة للمصريين, أو يعود المصريون للثقافة ينبغي أن تتحول الثقافة من شأن النخبة إلي الجماهير, بحيث تصبح في متناول المواطن البسيط. وهذا عمل وزارة الثقافة, والقطاع الخاص الذي يعمل في الشأن الثقافي. بمعني أن يعود كتاب الجيب الجماهيري بالسعر المعقول, وتفتح قصور الثقافة أبوابها في المدينة والريف, لتنمية الإبداع والذوق الثقافي عند الناس, ويعود المسرح الجماهيري, وفرق العرض الموسيقية الشعبية, إلخ.
والثقافة لا تنفصل عن الإعلام والتعليم. ولا يصح أن يسير كل منهما في اتجاه, ويلقي كل طرف باللوم علي غيره. الثقافة دائما تري نفسها ضحية الإعلام والتعليم, والإعلام لا يري ثقافة تصلح للعرض الجماهيري, والتعليم في حالة استغراق بالمناهج والمقررات والمدارس والامتحانات, والثقافة بالنسبة له ترف.
مجرد 25 قرشا هي نصيب الفرد من الثقافة, حسب تصريح الوزير المختص, ولكن إذا تحولت الثقافة إلي مادة في الإعلام, دون تقعير أو استعلاء علي الجمهور, وأصبحت في ثنايا مقررات التعليم, والأنشطة المدرسية, في هذه الحالة سوف يتضاعف عشرات بل مئات المرات نصيب الفرد من الثقافة.
ليست الثقافة معابد لها سدنة وكهنة, بل هي في المجتمعات المتحضرة ثقافة حياة, ويكفي أن تنظر مثلا للشعب البريطاني الذي لا تفارق الكتب يده في المواصلات العامة, وتحتل الروايات أعلي أرقام المبيعات حتي تعرف كيف تصل الحداثة إلي الناس.