منذ تولي الدكتور أحمد زكي بدر وزير التعليم مهام منصبه, والصحف تنقل كل يوم أخبار العنف في المدارس, وكأنها تحولت إلي ممارسة ثابتة ومستقرة, وهي بالفعل كذلك ليس بسبب الوزير الجديد, مثلما يوحي البعض لتصفية حسابات مبكرة مع الرجل, ولكن بسبب السياق الاجتماعي ذاته.
منذ سنوات أصبح ##العنف## ملمحا أساسيا في العلاقات بين الفتيات في المرحلة الثانوية, والذي بات يأخذ صورا مشابهة للعنف الذكوري. ليس هذا فحسب, بل أن أسر هذه الفتيات عادة ما تدخل طرفا في المشاجرات التي تنشب بين الفتيات, الأمر الذي يحولها إلي معارك ممتدة. وهناك ظاهرة تبدو منتشرة في معظم المدارس في المناطق الحضرية, وهي شيوع المعاكسات ##المنظمة##, حيث تأتي مجموعات من الشباب, تحمل كل مجموعة اسم الشارع أو المنطقة التي وفدت منها, تنتظر الفتيات بعد انتهاء اليوم الدراسي لتتعقبهن, وهو ما يؤدي إلي حدوث مشاجرات تأخذ طابعا جماعيا ثأريا في أحيان كثيرة.
هذا ما يحدث علي صعيد الفتيات, فما بالك بالعنف الذكوري والذي امتد إلي علاقة الشباب داخل الجامعة .
الحل الأمثل في التعامل مع ظاهرة العنف هو إتاحة الفرصة أمام الطلاب والطالبات للمشاركة في الحياة المدرسية, سواء من خلال أسر طلابية, أو أنشطة فنية ورياضية, أو مشروعات في المحيط الاجتماعي للمدرسة. في هذه الحالة سوف يتعلمون أن هناك أشكالا من التضامن الإنساني تجمعهم, مثل الهدف المشترك, وخدمة المجتمع, والحاجة إلي التغيير, بدلا من أشكال التضامن التي ينشئونها بأنفسهم, وتقوم علي ##الشلة##, و##الجماعة الضيقة##, والانفصال عن العالم لصالح الذات, والشعور بالتهديد في العلاقات مع الآخرين, والرغبة الدائمة في الهيمنة.
المشكلة التي نعاني منها هي تحول المدرسة إلي مؤسسة بيروقراطية, مغلقة, جامدة, جافة, بدعوي محاربة التطرف في المدارس, وهو أمر لم يتحقق, فالتطرف زاد, والغلو تصاعد, والتزمت الديني, مضمونا وشكلا في ازدياد. نحتاج اليوم إلي تعليم هؤلاء الطلاب معني إنساني من خلال المشاركة, والتطوع في خدمة المجتمع, والدليل علي ذلك أن المدارس القليلة التي تشهد تجارب في المشاركة لا تعرف العنف, أو قد تعرفه بصورة محدودة جدا, مقارنة بالمدارس الخاوية من كل صور المشاركة.