تقدم السفير محمد منيس بمشروع تأسيس هيئة رعاية المصريين في الخارج لتكون إحدي القطاعات التابعة لوزارة الخارجية لمتابعة أحوال المصريين المتواجدين في الخارج.
وأكد السفير أن فكرة إنشاء هذه الهيئة نبعت من الصعوبات التي تواجه العاملين المصريين بالخارج, فالدولة لا تخصص أية اعتمادات مادية في موازنة وزارة الخارجية لرعاية المصريين خارج الوطن.
وعن الخدمات التي تقدمها الهيئة للمصري بالخارج, وكيف تولدت فكرة إنشاء هذه الهيئة, وإلي أين وصلت من إجراءات التأسيس, كان لنا لقاء مع السفير محمد منيس المشرف العام علي تأسيس الهيئة العليا لشئون المصريين في الخارج ومساعد وزير الخارجية الأسبق للشئون القنصلية.
* نود التعرف عن فكرة تأسيس هيئة لرعاية أبنائنا في الخارج؟
** نشأت هذه الفكرة منذ فترة طويلة عندما كنت قنصل مصر بنيويورك, وكان يعمل لدينا مجموعة من السكرتيرات الفلبينات اللاتي كنا نستعين بهن لانخفاض قيمة أجورهن, وفي ذات مرة تعرضت إحداهن لمشكلة قضائية وكان من الصعوبة أن تستعين بمكتب قانوني لارتفاع قيمة رسومه, وهي كانت تتقاضي من القنصلية راتبا لا تستطيع من خلاله أن تتحمل نفقات المكتب القانوني, فلجأت إلي الهيئة المخصصة لرعاية الفلبينيين التي قامت من جانبها بتحمل كافة النفقات, وبالاتصال مع السفير الفلبيني تعرفت علي الهيئة التي تقدم كل أنواع الدعم والرعاية للمواطنين خارج الفلبين, كما أنها تغطي كل أوجه النقص للمغتربين وحل مشكلاتهم التي لا تستطيع السفارات في أغلب الأحوال القيام بحلها, كما تساعد في إتاحة دورة تدريبية للراغبين في العمل بالخارج في المهنة التي يرغب العمل بها حتي تضمن أن يستمر في عمله في البلد المغادر إليها والمقيم بها.
ومن هنا بدأت أفكر في الأمر بإنشاء هيئة مثيلة للمصريين المغتربين حيث تواجههم العديد من الصعوبات والمشاكل التي تفشل السفارات في حلها في أحيان كثيرة, ويصبح هناك كم من التراكمات من القضايا والمشاكل التي يتعرض لها المصريون في بلاد تحكمها قوانين ودساتير أخري, فيصل عدد المصريين أكثر من 6 ملايين مصري ولو نحن افترضنا أن 1% من هذا العديد يتعرض للمشاكل فسوف يصبح لدينا أكثر من 60 ألف مشكلة في العام الواحد.
كما يوجد العديد من دول العالم التي قامت بتنفيذ هذه الفكرة لذلك سعيت عندما عدت إلي مصر عام 1993 بأن أعرض هذه الفكرة علي الجهات المختصة الشئون القنصلية بوزارة الخارجية حيث رحب بالفكرة د. مصطفي عبدالعزيز مساعد الوزير في ذلك الوقت, وقمنا بتحديد الإطار القانوني وحصلنا علي موافقة الجهات المعنية ولكن تعطل المشروع, ثم تسلمت عملي كسفير مصر في قطر.
وبعد عدة سنوات وعندما توليت مسئولية مساعد الوزير للشئون القنصلية بدأت أعمل علي إحياء المشروع مرة أخري, فقمت مع عدد من الزملاء في الوزارة بإعداده مرة أخري وشاركنا فيه نخبة من الخبراء والمتخصصين حيث اختلفت آليات العمل وتزايدت أعداد المصريين بالخارج, وأيضا مراعاة التغيرات التي طرأت علي قوانين دول العالم, فيوجد أكثر من نصف مليون مصري في أمريكا, وفي السعودية مليون و200 ألف مصري تقريبا, وغيرهم في الدول الأوربية, فلابد الأخذ في الاعتبار أن كل دولة تختلف عن الأخري في سياستها ونظامها فالمسموح في دولة يكون أحيانا غير متاح في دولة أخري وهكذا.
* ما الخدمات التي تستطيع الهيئة تقديمها لرعاية أكثر من 6 ملايين ونصف المليون مصري بالخارج؟
** إن الهيئة في حالة الموافقة علي إنشائها سوف تصبح بمثابة الحل الأمثل لمشاكل المغتربين حيث تعمل علي سد العجز في الموارد المادية لدي السفارات التي تعتمد ميزانيتها علي موارد أخري غير موارد وزارة الخارجية, في المرحلة الأولي سوف تبدأ الهيئة بتقديم خدمة الرعاية القانونية والمساندة لأبنائنا في حل مشكلاتهم, التي بدأت تتفاقم في الفترة الأخيرة, التي اتضح من خلالها أوجه القصور في الدور الذي تقدمه الوزارة الذي يرجع إلي أسباب عدة منها العاملون في القنصليات حيث وجدنا عددا من العاملين ليس لديهم القدرة علي كيفية التعامل مع المواطنين, وبالفعل تم نقلهم إلي أعمال أخري تتناسب وقدراتهم, ومن جانب آخر واجهتنا مشكلة أكبر وهي نقص الاعتمادات الموجهة لهذه الفئة, فحصيلة الاعتمادات التي توفرها الدولة في موازنة وزارة الخارجية صفر, ففي حالة ظهور أي مشكلة لدي أي مواطن, تقف السفارة مكتوفة الأيدي في القيام بمساعدة المواطن علي حل مشكلته, ويصبح عدم توفر الاعتمادات اللازمة العقبة الرئيسية أمام وزارة الخارجية في استكمال المنظومة التي تعمل من أجلها وهي رعاية أبنائنا في الخارج.
وأيضا سوف تعمل الهيئة بعد أن تثبت نجاحها ويصبح لديها كم من الاعتمادات المادية الكافية أن تقوم بدعم الاتحادات والروابط التي تجمع المصريين في الخارج لتقديم خدمات ثقافية للمصريين المقيمين في المهجر, وسوف تسعي الهيئة في مراحل متقدمة إلي إنشاء مدارس مصرية في الخارج تقوم بتدريس منهج الدولة التي تقام بها مع تدريس اللغة العربية كلغة ثانية, وكذلك أساسيات ومبادئ الدين المسيحي والإسلامي, مع العمل علي تنظيم رحلات بشكل مستمر لزيارة أبنائنا من الجيلين الثاني والثالث لوطنهم الأم مصر.
* ماذا عن ميزانية الهيئة, وهل تفرض اشتراكات علي المصريين العاملين بالخارج حتي يستفيدوا من مميزات الهيئة؟
** ميزانية الهيئة ستكون بعيدة عن موازنة الدولة, فالمشروع تضمن 7 بنود كاقتراحات للبحث عن مصادر بديلة كتمويل للهيئة, كما أنها تعتمد علي التبرعات من بعض الجهات المهتمة بشئون رعاية المصريين بالخارج بالإضافة إلي المساهمات من المصريين بالخارج, التي تكون اختيارية وليس إجبارية فالخدمات التي تقدمها الهيئة لكافة المصريين سواء في دول المهجر أو في الدول العربية علي حد سواء.
* أين سيكون مقر الجهاز الإداري الخاص بشئون الهيئة؟
** عندما تم الانتهاء من إعداد مشروع تأسيس الهيئة قام الوزير أحمد أبوالغيط بعرضه علي السيدة عائشة عبدالهادي وزيرة القوي العاملة للاطلاع عليه وبالفعل رحبت الوزيرة بالمشروع وأبدت بعض الملاحظات, وقمنا بالاستجابة وتعديل عدد كبير من هذه البنود, ولكن حاليا ظهرت بعض الخلافات مع الوزيرة علي معارضتها في تبعية الهيئة لوزارة الخارجية, التي يوفر علي الهيئة ميزانية أخري من إيجار لمكان وموظفين, ويتم مناقشة المشروع حاليا من قبل لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب برئاسة د. مصطفي الفقي مع لجنة القوي العاملة واللجنة القانونية, وبعد إقراره من هذه اللجان المختصة يتم عرضه علي الاجتماع العام لمجلس الشعب, وذلك بعد موافقة مجلس الدولة علي مشروع قانون الهيئة, وفي حالة حصول المشروع علي موافقة أعضاء نواب مجلس الشعب بالأغلبية, فيعرض علي رئاسة الجمهورية لإصدور القرار الجمهوري بتأسيس الهيئة, ثم يقوم وزير الخارجية بإصدار قرار بتشكيل مجلس إدارة الهيئة, ويضم مسئولين من وزارة الخارجية خاصة في القسم القنصلي, وأيضا من الجهات المعنية والمسئولة الأخري كوزارة القوي العاملة وغيرها.