شهدت مصر في تاريخها الانتخابي عبر سنوات العديد من الانتهاكات حتي وصلت ذروتها في عهد الرئيس السابق حسني مبارك فبلغت أبشع صور التزوير والفساد الانتخابي ما بين تسويد أوراق واستبدال صناديق وغيرها من الانتهاكات التي مارسها القائمون علي العملية الانتخابية ذلك بخلاف يمارسه المرشح نفسه لشراء أصوات الفقراء والجهلاء وها هو بدأ العد التنازلي لموسم السنة مثلما أطلق عليه الغلابة الذين يقعون ضحايا لمرشحوين يسعون بشتي الطرق للتأثير علي إرادتهم سواء بالمادة أو باستغلال الدين للفوز بمقعد تحت قبة البرلمان.
والسؤال: هل ستختلف الصورة بعد إسقاط نظام أفسد الحياة السياسية عبر عقود أم سيتكرر سيناريو البلطجة والعطايا والهدايا من المرشحين؟ هذا ما نحاول استقراءه في السطور التالية:
توقعات بالاشتعال من جديد
يقول أحمد حسن -أمين عام الحزب الناصري:نأمل في التخلص من غش المنظمين, ولكن يبدو أن التخلص من تدليس وتزوير إرادة الناخبين من جانب المرشحين لم ولن يحن أوان التخلص منه بعد حيث ظهر في الرشاوي الانتخابية هذه المرة ربما أكثر من أي وقت مضها سواء كان لضخامة منافسات رأس المال علي الانتخابات من قبل كافة الجماعات السياسة الموجودة علي الساحة والمستعدة لإنفاق ملايين الجنيهات من الأموال علي حملتها الانتخابية دون وضع إصلاح واستقرار البلد أو تقديم مشروعات ندمية لأهالي الدائرة في الاعتبار, الكل يتهافت من أجل مصالحة الشخصية فقط لاغير.
الإخوان والسلفيين…عروض قوي
يضيف حسن قائلاالرشاوي الانتخابية لم تنحصر في المسألة المادية لشراء الأصوات وإنما هناك الإفراط عن إظهار التدين أمام الغير ومغالاة غير مسبوقة في العمل الخيري الديني كالتبرع للمؤسسات الدينية أو التبرع لمستشفي ما ناهيك عن استغلال بعض المرشحين المناسبات والأعياد في الدعاية للحملات الانتخابية كتوزيع شنط العيد إلي جانب استخدام الإخوان المسلمين الدعاية الانتخابية بالميكروفونات ليلة عيد الأضحي قائلين:جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة يهنئون المسلمين بعيد الأضحي المبارك وهذا خلط واضح للعمل السياسي بالعمل الدعوي والديني عن استخدام الدين وسيلة لكسب تأييد الناخبين.
أيضا السلفيين بأحزابهم يصدرون كل يوم فتوي جديدة بتحريم التصويت للعلمانيين والليبراليين مستخدمين الدين في الترهيب تارة والترغيب تارة لنيل رضا الناخبين.
يكمل حسن موضحا:هناك شكل آخر يمارسه بعض المرشحين وهو التضليل ممثلا في أعطاء الناخب معلومات مغلوطة حول المرشحين المنافسين معتمدين علي الفقر والجهل من ناحية والانعزال من الحياة السياسية من ناحية أخري في استغلال فج لما خلفه الزمن من تهميش الناس لإبقائهم عمدا خارج العملية الانتخابية بل خارج اللعبة السياسية كلها ليخلق مواطنا قابلا للانقياد تبعا لقدرة كل طرف منافس علي ضخ أموال أكثر لشراء الأصوات أو استخدام خطاب أكثر ملاءمة للتدليس فكان التوجه للتجمعات الفقيرة الأكثر تهميش اقتصاديا وثقافيا.
ذلك بخلاف تضخم الإنفاق علي الحملات الدعائية للمرشحين والتي تتجاوز حجم الإنفاق المحدد من اللجنة العليا للانتخابات, فمن غير المنطقي أن ينفق مرشح ما10ملايين جنيه علي حملته إلا وهدفه كسب أضعافها الذي يأتي بالتأكيد بطرق غير شرعية ناهيك عن الحصانة ومميزاتها.
مصلحة الناخب
أما أمين إسكندر-وكيل مؤسسي حزب الكرامة -فيشير إلي خطورة الرشاوي علي الحياة السياسية والنيابية قائلا:هذا الأمر له مخاطر علي مصلحة التشريع في مصر ولاسيما أن دخول مثل هؤلاء النواب للبرلمان سيؤثر بالسلب علي المنظومة التشريعية ومن ثم يجب في غير صالح الوطن كله.
القانون أولا
يؤكد محمد حامد-ممثل حزب المصريين الأحرار شارحا الأمر:طالما هناك مجموعات من فلول الحزب الوطني تخوض المعركة الانتخابية سواء كانوا علي قائمة حزب أو فردي إلي جانب العصبيات والقبليات بالقري بالتأكيد سيتكرر السيناريو بنفس النهج القديم في ظل النظام السابق, ولهذا علي منظمات المجتمع المدني دور فعال في مراقبتها للانتخابات برصدها أي تجاوزات من أي مرشح لايقوم بمنح رشاوي لشراء الأصوات والإبلاغ للجنة العليا للانتخابات لاتخاذ الإجراءات اللازمة ضده كصدور قرار بحرمانه واستبعاده من الانتخابات.
يضيف حامد موضحا:النائب الذي يلجأ للرشوة لإدارة المعركة الانتخابية لايملك أدوات أخري في تعامله سوي إغرائهم بشراء أصواتهم بطرق غير شرعية, وبالتالي لم يقدم خدمات جماهيرية ولن يجدوا الناس إلي جوارهم لتلبية احتياجاتهم ومتطلباتهم فيما بعد إذا ما احتاجوه لذلك علي المجلس العسكري المعني بإدارة شئون البلاد مسئولية الكبري في تفعيل القانون لمحاربة هذه التجاوزات فما أكثر القوانين المشرعة ولكنها غير مفعلة فمصر لا تعاني من أزمة تشريع وإنما تعاني من أزمة تنفيذ.