أثارت تصريحات وزير الزراعة أمين أباظة باستحالة تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح ردود فعل غاضبة في كافة الأوساط المصرية, واعتبر الوزير أن تحقيق الاكتفاء بنسبة 100% أمر مستحيل, لأن ذلك تلزمه زراعة ما بين 4.5 و5 ملايين فدان بالقمح سنويا بدلا من 2.7 إلي 3.1 مليون فدان حاليا, وأن أكثر نسبة يمكن تحقيقها هي 70% سنويا بحلول عام 2017 بدلا من 60% حاليا!.
جاءت هذه التصريحات عقب الحرائق التي اشتعلت في روسيا مؤخرا وأدت إلي تراجع محصول القمح الروسي ومن ثم قفزة كبيرة في أسعاره هددت إمدادات مصر منه ولأن الأزمة خطيرة طرحت الحكومة المصرية عدة مناقصات خلال الفترة الماضية لشراء ما يقرب من 300 ألف طن من القمح بصورة عاجلة, لتلبية احتياجات الأسواق المحلية التي تشهد حالة من القلق بسبب نقص مخزون القمح.
وطني حاورت الدكتور عبد السلام جمعة نقيب الزراعيين والمشرف علي برنامج بحوث القمح بالمركز القومي للبحوث الزراعية والملقب بأبي القمح خاصة في ظل الآراء التي تعتبر أن تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح مجرد سراب بينما يوقع استيراد القمح مصر في أزمات متلاحقة فإلي هذا الحوار:
مجرد مسكنات
* أدت الحرائق التي اجتاحت روسيا مؤخرا إلي ارتفاع أسعار القمح وتهديد إمدادات مصر بما يهدد بارتفاع الأسعار فهل من بدائل أخري متاحة؟
* * مثل هذه الأزمات وارد تكرارها نظرا للتغيرات المناخية الشديدة التي تجتاح العالم, مما يؤثر علي مخزون السلع الاستراتيجية العالمية وخاصة القمح. وفي مصر نقوم باستيراد ما يزيد عن 7 ملايين طن من القمح في المتوسط سنويا, منها 2 مليون طن من روسيا والأسعار تخضع لبورصة عالمية والحكومة من جانبها استقطعت 4مليارات جنيه لشراء القمح من دول أخري وكان من الأجدي دعم الفلاح المصري بتلك الأموال لتشجيعه علي زراعة هذه المحاصيل, وتقدر الاحتياجات الكلية بـ14مليون طن سنويا نستورد منها من 6 إلي 9 ملايين طن.
أحدث ما قامت به الحكومة هو أنها تعاقدت مع فرنسا علي ربع مليون طن, وهو أمر جيد, وفي المقابل أعلنت أنها ستتحمل أي أموال زائدة نتيجة استيرادها للقمح الأمريكي مرتفع السعر, ولكن ذلك ليس هو الحل الأمثل بل هي مجرد مسكنات.
فلابد علي الحكومة أن تدعم مستلزمات الإنتاج لدي الفلاح المصري من التقاوي, والأسمدة, والمبيدات, والعمل علي تشجيعه بإعطاء أسعار مجزية له تشجعه علي زراعة محصول القمح, لأن تكلفة الزراعة الحالية مرتفعة جدا تدفع بالفلاح للهروب من زراعته, ولابد أن يكون السعر المحلي أعلي بكثير من السعر العالمي, لأننا في حاجة إلي حلول ورؤي جذرية تحمينا من التعرض لمثل تلك الأزمات مستقبلا.
الأزمة التي تمر بها مصر مطمئنة وتحت السيطرة إذا ما اتخذت الحكومة بعض الإجراءات البسيطة, فمثلا القمح محصول شتوي يظل 10 أشهر حتي يتم حصاده, وهو في ذات الوقت محصول ربيعي يتراوح وجوده في الأرض من 2 إلي 6 أشهر,ولو اتخذنا العالم بأكمله كوحدة واحدة, فسنجد أن في شهر يناير هناك دولا تزرع القمح ودولا تحصد القمح, وفي شهر فبراير دول تحصد ودول تزرع, وهكذا باقي شهور السنة, فلا خوف, لأن كل يوم سيظهر محصول جديد في مكان مختلف.
الأزمة الحقيقية تكمن في سياسات الحكومة, فيجب أن يكون اهتمامها الأكبر منصبا علي البحث عن بدائل فقط, لا أن تبحث كيف تحقق اكتفاء ذاتيا, فالأزمة الحالية ستكلف الدولة أموالا زائدة, لأن كل ما نستورده من روسيا 2 مليون طن فقط, ولكننا نستورد من روسيا, وإيطاليا وأوكرانيا, وكازاخستان, وفرنسا, والأرجنتين, وأمريكا, وأستراليا, وغيرها من الدول, فالحكومة صبت اهتمامها بأكمله في كيفية البحث عن بديل لروسيا فقط!.
الصورة ستصبح مخيفة!
* ما المساحة الكلية المزروعة حاليا في مصر والمساحة المزروعة بالقمح؟
* * المساحة المزروعة في مصر بالكامل 8.9 مليون فدان وهناك خطة تهدف إلي إضافة 8 ملايين فدان وهذه المساحة المضافة سيتم زراعتها بالمحاصيل الاستراتيجية كالقمح والذرة وبالتالي سيرتفع معدل الإنتاج من 22 مليون طن إلي 32 مليون طن وبالتالي سنسد عجزا يقترب من 10 ملايين طن حبوب وسترتفع المساحة المنزرعة بالقمح في الخطة الجديدة من 2.7 مليون فدان إلي 4 ملايين فدان كما سيرتفع إنتاج الذرة إلي 15 مليون فدان ووقتها سيتم تأمين احتياجات صناعة الدواجن والتي يتم استيرادها بالكامل من الخارج, بالإضافة إلي تخصيص 5 ملايين طن من الذرة لإنتاج رغيف خبز مصنوع من الذرة بنسبة 100%, وباقي المحصول تتم الاستفادة منه في صناعتي النشا والزيوت وغيرهما من الصناعات المحلية, أما الأرز فتهدف الخطة إلي خفض المساحة المزروعة منه حاليا, البالغة 2.2 مليون فدان إلي مليون و350 ألف فدان فقط, وستحقق هذه الخطة لنا الاكتفاء الذاتي من تلك الحبوب بمقدار 80%.
والجميع يعرف أهمية القمح والخبز في الوجبات المصرية خاصة لمحدودي الدخل علي أن ما يلزم المواطن المصري من القمح هو في حدود 150 كجم في السنة وفي هذه الحالة يلزم حاليا للاستهلاك السنوي للمصريين 10.5 مليون طن سنويا ننتج منها 6 ملايين طن فقط, وبالتالي فإن العجز هو في حدود 4.5 مليون طن سنويا ولكن يمكن الوصول بأعلي نسبة اكتفاء ذاتي عن طريق شراء وزارة التموين 4.5 مليون طن من القمح المحلي ومليون طن من الذرة الشامية البيضاء لخلطها مع دقيق القمح وهذه الكمية تكفي حاليا لإنتاج الرغيف البلدي المدعم علي مستوي الدولة, حيث إن الرغيف البلدي يحتاج حوالي 550 ألف طن شهريا وبالتالي ما نحتاجه لإنتاج الرغيف البلدي سنويا هو 6.5 مليون طن, ويتبقي في السوق المحلي 1.5 مليون طن قمح محلي من أساس الـ6 ملايين. وما أن نتجاوز إلي رقم الاستهلاك غير المنطقي وهو 180-200كجم للفرد في السنة فإننا نحتاج حوالي 14 مليون طن ومن الصعب جدا تحقيق ذلك محليا والصورة ستكون مخيفة جدا لو حسبنا علي أساس أننا سنصل إلي 100 مليون مواطن في عام 2020.
رغيف من الذرة 100%
* هناك محاصيل أخري يمكن أن تصب في إنتاج رغيف الخبز مثل الشعير والذرة فلماذا لا توضع خطة لذلك؟
* * اقترحنا خلال الاجتماع الطارئ الذي عقد بقطاع الاقتصاد بوزارة الصناعة ضرورة الدخول برغيف ذرة 100% حتي يتكامل مع القمح, وطالبنا بالتوسع في زراعة الذرة لأننا عندما نقوم بزراعة 3.5 مليون فدان ذرة, فمعناها أننا سننتج علي الأقل 15 مليون طن من الذرة, ومن الممكن أن نصل إلي 20 مليونا, لأن الذرة محصول عالي الإنتاجية ومحصول مربح جدا.
فالاستراتيجية الجديدة المقترحة قائمة علي أن يتم تخصيص 5 ملايين طن لتأمين صناعة الدواجن بالذرة الصفراء, و5ملايين طن أخري لصناعة النشا والزيت وأي صناعات أخري متعلقة بالذرة, فما سيتبقي بعدها 5 ملايين طن, والتي طالبنا أن نقوم منها بإعداد رغيف من الذرة 100%, فالعالم كله وعلي رأسه أمريكا وبلاد أخري يعتمدون في الخبز علي رغيف الذرة 100% بشكل أساسي.
وفي مصر كنا نعتمد في طعامنا قبل الثورة علي رغيف الذرة بشكل أساسي في حين لو استمررنا علي نهج رغيف الذرة بجانب رغيف القمح, لتجنبنا الوقوع في تلك الأزمة الحالية, فالآن نطالب بالرجوع إلي تلك السياسة مرة أخري, ولذلك طالبنا بالتوسع في زراعة الذرة بشرط أن يكون هناك سعرا مجزيا.
أنا صاحب الفكرة
* توجد دول مجاورة مثل المملكة العربية السعودية وهي دولة صحراوية حققت الاكتفاء الذاتي من القمح فلماذا لا نحاكي التجربة؟
* * أنا أول من نادي بزراعة الصحراء السعودية بالقمح وأنا صاحب هذه الفكرة, ومن الممكن تطبيق هذه الفكرة علي أرض مصر ولكنها تحتاج إلي استثمارات مالية ضخمة, مثل زراعة أراضي الساحل الشمالي وسيناء.
السياسة السعرية
*لماذا بدأ الفلاح يعزف عن زراعة القمح والاتجاه إلي محاصيل أقل أهمية مثل اللب؟
**الزراعة في مصر تستهلك مجهودا من الفلاح والحيوان, لذلك ينبغي أن تراعي الدولة هذا الجهد وأن تضع سياسة سعرية مجزية عند شرائها المحصول من الفلاح, وفقا للقيمة الحقيقية لتلك المحاصيل, لكي تشجع الفلاحين علي زراعة المحاصيل والاهتمام بها.
وتوجد العديد من المزايا التي يمكن أن تقدم منها تشجيع المزارعين علي التوسع في زراعة القمح, من خلال قيام الدولة بتقديم أسعار توريد مناسبة للمزارعين, طبقا للأسعار العالمية وأن تكون هناك أسعار متوازنة أيضا بين الأرز والذرة من خلال دورات ثلاثية لزراعة القمح والذرة للحصول علي إنتاجية عالية.
وتستطيع الدولة أن تقوم بتسلم إنتاج القمح والذرة بنظام الزراعة التعاقدية, من خلال قيام وزارة التضامن وبنك التنمية والائتمان الزراعي بتقديم تسهيلات بنكية للمزارعين لتشجيعهم علي التوسع في هذه الزراعات.
ومن المهم معالجة أوجه القصور في السياسة السعرية والتي لا تؤدي إلي تحقيق عائد مناسب للمزارع بما يغطي تكلفة الإنتاج وتوفير هامش من الربح ملائم خاصة بالنسبة لمستأجري الأراضي الزراعية في ضوء زيادة القيمة الإيجارية وكذلك عدم وجود جهات تمويل للمزارعين بسعر فائدة مناسبة وبما يهيئ لهم ظروفا ميسرة لإنتاج محاصيلهم وإعدادها للتسويق في الوقت المناسب, ولازال نظام التسويق الزراعي يمثل عقبة في تحقيق عائد مجز للفلاح.
مليون فدان بالساحل
*لديكم رأي يقول أن وزارة الري وقفت عائقا دون إتمام خطة زراعة مليون فدان من القمح في الساحل الشمالي فما الأسباب؟
**أطالب بزراعة الساحل الشمالي بالقمح, لأنه سيوفر لنا علي الأقل مليون فدان كزراعة دائمة طوال العام, ستروي بحوالي نصف أو مليار متر مكعب من مياه الصرف الزراعي, فمثلا إذا ما قمنا بزراعة مليون فدان في الساحل الشمالي, فنحن في حاجة إلي مليار متر مكعب من المياه, وتقدمنا باقتراح إلي وزارة الري وأكدنا أننا لن نكون في حاجة إلي الاعتماد علي مياه النيل مباشرة, نظرا لأزمة المياه التي تمر بها مصر, وطالبنا بتوفير مياه صرف زراعي من خلال تحويلها في ترعة, حتي نقوم بتنفيذ ذلك الاقتراح وتنمية الساحل الشمالي, بالإضافة إلي أننا سنتمكن وقتها من إنشاء مراع في واحة سيوة في حدود 3ملايين فدان, ستساعد علي تربية الحيوانات الصغيرة من الغنم والماعز والجمال وجاء رد وزارة الري والموارد المائية أنه لا توجد مياه إلي الآن نستطيع توفيرها.
مشاكل تعوق
*ما معوقات زراعة القمح في مصر؟
**هناك العديد من المشاكل أولها مشاكل متعلقة باستخدام الموارد الزراعية منها أن الرقعة الزراعية ضيقة لم تتسع بالشكل الكافي والمتوازن مع النمو السكاني المتزايد وحيازات صغيرة مفتتة, مما أدي إلي زيادة الفاقد من الأراضي الزراعية ونتج عنه زراعة محاصيل متعددة في مساحات صغيرة تضر بعضها البعض ولا تسمح إلا بإنتاج الكفاف وليس لكفاية السوق كذلك شغل المحاصيل العلفية مثل البرسيم لمساحة تزيد علي 30% من مساحة الأرض الزراعية. وهناك أيضا بعض المشاكل الاجتماعية والاقتصادية أبرزها غياب الرؤية الحقيقية لدور القرية في الإنتاج ولا توفر المناخ الملائم للمشاركة الإيجابية في عملية التنمية وهجرة مستمرة للقوي العاملة القادرة والمنتجة من الريف إلي المدينة أو الدول العربية بحثا عن فرص أفضل للعمل وكذلك ارتفاع تكاليف الإنتاج والذي لا يقابله زيادة مماثلة في كم الإنتاج ونوعيته.
أين أكفأ استراتيجية؟
*كان هناك العديد من الاستراتيجيات التي تبنتها الحكومة لحل أزمة القمح ماذا تحقق منها حتي الآن؟
**الحكومة المصرية تبنت العديد من الاستراتيجيات اختلفت في الثمانينيات عنها في التسعينيات ومن 1997 إلي 2017, وتغيرت الاستراتيجية بالكامل من عام2010 إلي 2030, والتي تعتبر من أكفأ الاستراتيجيات, لأنها تنادي بالتركيز علي محاصيل الحبوب حتي نحقق أمنا غذائيا بنسبة 80% محليا, بالإضافة إلي تحديث الزراعة وترشيد الطاقة, وترشيد عملية الري نفسها من الغمر إلي سطح مطور, فهي استراتيجية مهم جدا تنفيذها.
ولعلمنا بخطورة الأوضاع مسبقا وضرورة اتخاذ خطوات فعلية اجتمع مجموعة من خبراء الزراعة, ومن مختلف الجامعات المصرية, ومختلف المراكز البحثية منذ سنوات قليلة, بالإضافة إلي مركز البحوث الزراعية, والتنمية, والذي يرأسه الدكتور علي البلتاجي, وكان هو رئيس هذه المجموعة ووضعنا تلك الاستراتيجية وعملنا بها لمدة سنتين, ثم توقفت دون إبداء أي أسباب.
الدولة ليست كريمة
*هناك بعض الباحثين يتهمون الوزارة بعدم الاهتمام بأبحاثهم الخاصة بالقمح؟
**نحن كجهة بحثية نتعامل مع كل البحوث المقدمة ونأخذ بأهم توجهاتها وتوصياتها ونعمل سويا بروح الفريق الواحد والمتكامل, ولكن هناك بعض الأبحاث التي تخرج عن نطاق المعقول وهي الأبحاث التي لا يعمل بها, ولكن العيب الوحيد هو أن الدولة ليست كريمة في الإنفاق علي البحوث الزراعية.
توشكي وسيناء
*وماذا عن أراضي منطقة توشكي وسيناء, لماذا لم تستغل في زراعة القمح وباقي مجموعة الحبوب؟
**رغم المساحات الشاسعة في سيناء ووجود ترعة السلام فإن المساحة المزروعة فيها لا تزيد علي 60ألف فدان, وكذلك توشكي التي لم نزرع منها سوي 10 آلاف فدان, وأغلبها محاصيل للتصدير ومرتفعة التكلفة!
لغز الاكتفاء الذاتي
*متي يتحقق الاكتفاء الذاتي في إنتاج القمح ولا نقع فريسة للأزمات الدولية؟
**مصر لا تستطيع تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح, ولكن يمكن أن تقترب منه عبر العديد من المحاور, مثل تقليل الفاقد منه, والتوسع في زراعته, خصوصا في الأراضي الجديدة, وتحديد نسبة10% لخلط الذرة مع القمح, وتقديم تسهيلات بنكية لتشجيع المزارعين علي التوسع في زراعتة, وهو ما يحل الأزمة جزئيا وذلك:
أولا:باستنباط أصناف عالية الإنتاجية من القمح والوصول بالإنتاجية من 20إردبا إلي 22إردبا للفدان, لتحقيق زيادة في الإنتاج تصل إلي مليون طن, تضاف إلي إنتاجية المساحات التي تتم زراعتها بالقمح.
ثانيا: بالتوسع في استصلاح الأراضي الجديدة إذ تستهدف الدولة استصلاح 3.4 مليون فدان بحلول عام2017, ويمكن زيادة المساحات المزروعة بالقمح في الأراضي الجديدة بنحو مليون فدان, تضاف إلي 2.7 مليون فدان, تتم زراعتها حاليا في الأراضي القديمة بالدلتا والوادي.
ثالثا: بترشيد استهلاك مصر من القمح, حتي يقتصر علي الاستهلاك الآدمي والحد من عمليات الفاقد منه, التي تضيع في صناعة الحلويات والصناعات المرتبطة بها مع حظر استخدام الأقماح المحلية في هذه الصناعات.
أبو القمح
*وأخيرا ماذا عن لقب أبو القمح الذي تلقب به؟
**هذا اللقب أطلقه علي فلاحون في منطقة الدلتا في منتصف السبعينيات, فقد كنت ومجموعة من الزملاء نجري تجارب لاستنباط أنواع جديدة من القمح وكان متوسط إنتاجية الفدان وقتها نحو 15 إردبا, وكانت تزرع بنوع جيزة 155 الذي استنبطه أستاذنا الدكتور سعيد مصطفي دسوقي, ووقتها نجحنا في استنباط أنواع جديدة زادت من إنتاجية الفدان إلي 18 إردبا وهي جيزة 157, و158, وسخا 61, و69, ولم يكن الفلاحون في المناطق التي تمارس فيها تجاربنا يعرفون غيري فأطلقوا علي هذا اللقب الذي أعتز به, ولكن في الوقت نفسه لا أستطيع أن أنكرر دور زملاء آخرين كان لهم الفضل في استنباط أنواع القمح الجديدة.