ترصد المراكز الحقوقية المصرية العديد من الحركات الاحتجاجية والإضرابات والاعتصامات، حيث وصف أحد الخبراء هذا التصاعد الكبير فى وتيرة الحركات الاحتجاجية بمصر بأنه تمرد مشروع يكشف عن عجز السلطة عن حل مشاكل المواطنين، محذرة فى الوقت ذاته من تحوله من مجرد ظاهرة وقتية إلى وسيلة دائمة يستخدمها الشعب فى لي ذراع الحكومة لأخذ الحقوق منها. وقد عمت الإضرابات والاحتجاجات فى السنوات الأخيرة فئات مختلفة من الشعب المصرى تنوعت بين الصيادلة والسائقين والموظفين والعمال وغيرهم، والذين لم تقتصر مطالبهم على حقوقهم الوظيفية والمهنية فقط، وإنما امتدت لتشمل المطالبة بالحريات وتحسين الأجور والقضاء على غلاء الأسعار.
ومن هذه الإضربات إضراب عمال شركة طنطا للكتان الذين نظموا الإضراب احتجاجا على فصل رئيس اللجنة النقابية صلاح مسلم فى يوم 6 يناير الجارى، وللمطالبة برفع الحوافز والبدلات وصرف الأرباح وعودة المفصولين، ووقف مخططات تصفية الشركة وتشريد العمال. كما قامت إخصائيات التمريض بجامعة المنصورة بوقفة احتجاجية والاعتصام داخل مقر الكلية اعتراضًا على القرار الذى أصدره رئيس الجامعة بنقل كل الإخصائيات والبالغ عددهن 107 إخصائيات تمريض للعمل بالمستشفيات، على الرغم من تعيينهن كإخصائيات بالكلية منذ 15 عامًا بموجب قرار وزارى، بهدف المساعدة فى العملية التعليمية داخل كلية التمريض، وقد تم اختيارهن من أوائل الدفعات فى الكلية، ومنهن 17 إخصائية حاصلة على درجة الماجستير، وإحداهن حاصلة على الدكتوراه.
ولتحليل ظاهرة الإضرابات والاعتصامات التى يشهدها المجتمع المصرى التقت “وطنى” بالصحفية والكاتبة فريدة النقاش التى قالت إن الإضرابات والاعتصامات التى يشهدها المجتمع المصرى حاليا هى نوع من أنواع التمرد المشروع الذى تعبر فئات الشعب من خلاله عن احتجاجها على أوضاع راكدة منذ زمن طويل، كما تكشف هذه الإضرابات عجز السلطة والحكومة عن حل مشاكل المواطنين، مما أدى لتفاقمها حتى ثقل كاهل الناس بما يحملونه من مشاكل، فقرروا التعبير عن غضبهم بالإضراب والاعتصام. وأشارت الكاتبة فريدة النقاش إلى أن كثرة الإضرابات والاعتصامات نذير شؤم على المجتمع ومؤشر على أن المشكلات أصبحت أكثر عمقا وتحتاج إلى حلولا جذرية ولا تحتمل الإرجاء، وعلى الدولة أن تتنبه فورا إلى خطورة هذه الأحداث التى هى فى تصاعد مستمر، وتهدد المجتمع بكارثة كبيرة فى حال انفجار الغضب الشعبى بشكل مفاجئ.
وترى الكاتبة فريدة النقاش أن اعتصامات العمال أمر طبيعى بسبب تدهور أحوال العمال الاقتصادية،وبسبب انفراد المستثمرالأجنبى بالعاملين دون أى حماية من قبل الدولة، واتباع سياسة الخصخصة، وإجبار ملايين العاملين على الخروج من المؤسسات تحت اسم المعاش المبكر، وقيام الدولة بتأميم النقابات التى لم تعد منبرا للدفاع عن حقوق العمال، لذلك لم يجد العمال طريق أمامهم للحصول على الحقوق سوى الاعتراض والاعتصامات والوقفات الاحتجاجية، كما أكدت أن هناك بعض العمال الذين يدعو إلى التعددية النقابية، إلى جانب استرداد النقابات من أيدى الجهات الحكومية، والأمن الذى يناصر دائماً رجال الأعمال عند نشوء أى خلاف بينهم وبين العمال .
تؤيدها الرأى رضوى محمد محامية قائلة إن الاحتجاجات والإضرابات دليل على زيادة وعى المواطنين بحقوقهم،كما أنها دليل قوى على حالة الغضب الشعبى العارم الذى يستشرى بين المصريين نتيجة للمشاكل الكثيرة التى يمرون بها،خاصة المشاكل الاقتصادية وعدم توافر فرص عمل وتدنى الأجور وغلاء الأسعار. وأوضحت رضوى أن استمرار ظاهرة الإضرابات دليل على حالة عدم الاستقرار التى يمر بها المجتمع وغياب الديموقراطية، وعدم وجود مساواة بين أبناء الشعب ،وطالبت الحكومة المصرية بضرورة أن تقترب أكثر من مشاكل المواطنين، وتعمل على حلها حتى لا تتفاقم الإضرابات والاعتصامات وتتحول من مجرد ظاهرة وقتية إلى وسيلة دائمة يستخدمها الشعب فى لى ذراع الحكومة لأخذ الحقوق منها. وتتوقع رضوى أن يتسبب فرض الضرائب والرسوم المختلفة بصورة تصاعدية فى وقوع المزيد من الإضرابات فى الفترة المقبلة نتيجة تذمر الطبقات المختلفة من الشعب واحتجاجها على القرارات الحكومية التى تتصادم مع الواقع والأزمة الاقتصادية التى يعانى منها السواد الأعظم من المواطنين، وللحصول على السلام والاستقرارالاجتماعى والسياسى يجب أن تفتح الحكومة أبوابا للحوار مع الفئات المختلفة من المواطنين،وأن تتجنب اتخاذ القرارات الفجائية التى تمثل أعباءً جديدة على طوائف الشعب المختلفة.