أصبح من المهم الاعتماد علي أسس علمية ومعايير موضوعية في إدارة الأزمات, والسيطرة عليها كما في وضع مناهج وإجراءت علمية منضبطة تكفل التنبؤ بالأزمات بتتبع جذورها ومواجهتها بالأساليب والأدوات المناسبة التي تؤدي إلي الاستفادة منها أو الحد من خسائرها فضلا عن اعتماد سياسات وبرامج وقائية لاحتواء وتصريف آثارها حتي لاتتحول إلي وقود لأزمات مستقبلية؟!!
خطوات الإصلاح
أشار الدكتور عمرو هاشم ربيع باحث بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام إلي أن وراء الأزمة الحالية مخططا لتحويل مصر لأبعد مما هو عليه بدليل ماحدث مؤخرا من فتن طائفية وفشل هذا المخطط بعد توحد المصريين جميعا خاصة وإنه منذ 25 يناير الماضي لايوجد عسكري واحد علي الكنائس المصرية وهي آمنة.
وعن خطوات الإصلاح أكد عمرو هاشم أن أولي خطوات الإصلاح هي تغيير الدستور وليس تعديله فلا شيء يتغير إلا بتغيير الدستور فهو المحك الرئيسي الآن,ولابد أن يتم ذلك عن طريق أو من خلال جمعية تأسيسية منتخبة مكونة من قضاة وأعضاء النقابات المهنية,وأساتذة القانون الدستوري وأساتذة الإعلام وبعض ممثلي القوي السياسية من خلال برلمان جديد وليس البرلمان الحالي ثم بعد ذلك نتحدث عن إصلاح القوانين كقوانين مجلسي الشعب والشوري, وقانون النقابات المهنية,وقانون الأحزاب السياسية وقانون المحليات وقانون اتحاد الإذاعة والتليفزيون وقانون الصحافة,وكالفة القوانين المرتبطة بحرية الرأي والتعبير لأن القوانين الحالية مسيسة لصالح النظام.
اعتبر الدكتور عمرو هاشم أن الدمار الذي أصاب المنشآت الحيوية,هو نتاج تزاوج السياسة مع الاقتصاد فأصبحت المنشآت كبش فداء لذلك نتيجة الفساد الذي استشري من بين أراض واحتكارات اقتصادية .
مكبرات صوتية لفتح الحوار
ومن جانبه قال اللواء فؤاد علام- نائب رئيس جهاز أمن الدولة السابق إنه لابد من وجود حوار مع هؤلاء الشباب الموجودين بميدان التحرير لتخطي الأزمة من الدرجة الأولي وللأسف لاتوجد قيادة معينة تمثل هؤلاء الشباب لكي يتم التفاهم معهم,وهنا يأتي دور الإعلام في مخاطبة هؤلاء الشباب عبر وسائل مختلفة منها وضع مكبرات صوتية بأعداد كبيرة توضع بميدان التحرير موجهة لهؤلاء الشباب ويدار حوار مفتوح معهم علي مستوي عال وراق ومسئول من قبل شخصيات مرحب بها لدي هولاء الشباب.
أشار اللواء علام إلي حديث رئيس الوزراء أحمد شفيق بأنه يتم علي قدر عال من الوعي وإدراك لخطورة الموقف ووجود تصور كامل لعبور البلد وتجاوز هذه الأزمة.
أكد اللواء علام أن الاستقرار الأمني أول المطالب المرجوة,ومصر كلها تتعاون بأغنيائها وفقرائها برجالها ونسائها في العمل علي إعادة تأهيل المنشآت مرة أخري وذلك تحت شعارمصر غالية علينافكلنا مستعدون للتضافر لوضع خطة عمل لتغيير مصر للأفضل وإصلاح ماتم إفساده علي أيدي المخربين والخارجين علي القانون.
أبدي اللواء علام مخاوفه من ترقب إسرائيل لما يحدث في مصر من أحداث جارية وانتهاز أي خطأ عسكري,خاصة بعد تردد الحديث حول إلغاء معاهدة السلام,مما يثير إسرائيل وعزمها علي القيام بالاعتداء علي مصر فور التأكد من ذلك والقيام بأعمال تدميرية,لذا يجب أن نتضافر جميعا من أجل الحفاظ علي أمن وسلم الوطن,وعمل خطة سريعة لتغيير الأوضاع للأفضل.
الدولة المدنية
ومن جانبه قال صلاح عيسي الكاتب الصحفي ورئيس تحرير جريدة القاهرة إن خطوات الإصلاح نطالب بها منذ 15 عاما, نطالب بجمهورية برلمانية يكون لها رئيس يمارس سلطاته بواسطة وزرائه, فالدولة المدنية سواء كالنت قديمة أو حديثه هي دولة لاعسكرية يقودها ويحكمها العسكر,ولا هي دولة دينية ينعدم فيها الفصل بين الدين والدولة ولاتكون فيها المؤسسة الدينية ذات سلطة تنفيذية أو تشريعية تسيطر علي حياة وفكر المجتمع ,ومن باب أولي لاتتدخل في شئون القضاء والإعلام والثقافة والتعليم… فالدولة المدنية هي الدولة التي يحكمها دستور يتم إقراره في جمعية وطنية تأسيسية تبني علي إقرار قاعدة حقوق المواطنة والتي يتمتع فيها المواطنون بحياة نيابية حقيقية نظيفة ونزيهة وتتوافر فيها حرية الفكر والعقيدة والتعددية الحزبية والانتخاب الحر المباشر.
أشار عيسي إلي أن التخريب الذي أصاب المنشآت هو أمر طبيعي نتيجة الانتفاضة الشعبية غير المنظمة والتلقائية ونتمني ألا ينفلت زمام الأمور ونتعدي مرحلة التخريب,خاصة أن هؤلاء الشباب لاتوجد علي رأسهم قوي سياسية محددة يمكن مخاطبتها حيث خرجوا لميدان التحرير بأفكار بسيطة وعفوية.
مخاوف سيناريوهات المستقبل
وعلي صعيد آخر أشار الدكتور صفوت العالم- أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة إلي أن الإعلام المصري هو إحدي المشكلات التي نطالب بتغييرها, حيث قام الإعلام بإثارة الذعر بين الناس,عن طريق إنكار الأزمة ذاتها عن طريق ممارسة تعتيم إعلامي علي الأزمة لتدمير الأزمة والسيطرة عليها وتستخدم هذه الطريقة غالبا في ظل الأنظمة الدكتاتورية والتي ترفض الاعتراف بوجود أي خلل في كيانها الإداري وأفضل مثال لها إنكار التعرض للأزمة فكيف للإعلام المصري أن يتجاهل مرحلة انتقال السلطة ويبدأ بالحديث عن ارتداء بعض الأشخاص لزي الشرطة متخفين فيه,فهذا ينم علي عدم إدراك الأزمة وحجمها خاصة ما يعانيه الإعلام المصري من عدم وجود معلومات حقيقية.
أبدي الدكتور العالم مخاوفه من سيناريوهات المستقبل الغامضة وغير واضحة المعالم وكل الأحاديث الحالية هي مجرد افتراضات والحديث عن تدابير وآليات هي غير دقيقة نتيجة عدم وجود رؤية حقيقية للأمور .
حكومة إنقاذ وطني
أشار الكاتب الصحفي سعد هجرس إلي أن عنوان المرحلة الحالية هو الإصلاح السياسي, فالمرحلة الحالية تجاوزت المطالب الاجتماعية والاقتصادية وهذا يعني إعادة النظر الشامله لهيكل النظام من حل للمجالس النيابية وتشكيل حكومة إنقاذ تضم كافة أشكال الطيف التي تتوافق علي حد أدني لتغيير الدستور, وتمهيد الأجواء التشريعية لإجراء انتخابات نزيهة وحرة… وهذا أيضا يستدعي تعديل قانون ممارسة الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية واستبدال نظام الانتخاب الفردي بنظام الانتخاب بالقائمة النسبية ,وإلغاء لجنة شئون الانتخابات وإلغاء لجنة شئون الأحزاب بحيث يكون التشكيل بالاختيار وليس بالتعيين ,هذا المناخ يتحقق في ظل حكومة إنقاذ وطني لها فترة محددة المدة بعدها تعود الحياة لطبيعتها ولايكون هناك فراغ دستوري.
أكد هجرس أن بعد زلزال 25 يناير المنصرم أن يكون رئيس الجمهورية ليس عضوا في أي حزب سياسي,وفك الارتباط بين الحزب الوطني والسلطة وعزل كل من تورطوا من قيادات الحزب الوطني في تزوير الانتخابات التشريعية السابقة لأن الجميع يأمل في تغيير المنظومة وأهمية إطلاق مبادرة للمجتمع المدني دون وصاية من أحد خاصة بعد أن كان يحكم المجتمع المدني القانون رقم100الذي حكم موخرا بعدم دستوريته.