ضمان وصول الدعم لمستحقيه..الهدف الأصيل من رفع أسعار الطاقة
المؤيدون:
قرار تأخر كثيرا ويتيح فرصة حقيقية للصناعة المصرية لإثبات قدرتها التنافسية
المعترضون:
الحديد سيتأثر سلبا….والمشروعات الصغيرة لن تقوي علي الصمود!!
لابد وأن يذهب الدعم لمستحقيه…مقولة أكد عليها الرئيس مبارك مرارا وتكرارا في ظل تزايد ملحوظ في نسبة الفقر والبطالة. الحكومة أخيرا وبعد تأجيلات بسبب الأزمة المالية العالمية من جهة وضغوط أصحاب المصالح من جهة أخري قررت رفع الدعم عن الطاقة وتوجيهه لمناحي أخري أشد احتياجا واستحقاقا. حيث سجل دعم المواد البترولية خلال موازنة العام المالي2009-532010 مليار جنيه ويرتفع في موازنة العام المالي الجديد 2010-2011 إلي 67.7 مليار جنيه.
رأت الحكومة أن ترفع الدعم من خلال زيادة أسعار الطاقة لكافة المشروعات سواء كثيفة الطاقة أو الصغيرة التي لاتعتمد عليها كثيرا مما آثار جدلا بين رجال الصناعة نظرا لتأثيراته سواء علي المدي القريب أو البعيد بالنسبة لاستراتيجيات عمل المصانع والمشروعات المعتمدة علي الطاقة.
مبررات الحكومة قوية لرفع الدعم عن الطاقة بزيادة سعر الطاقة زيادة محسوبة بكل دقة بعيدة تماما كل البعد عن العشوائية. إن هدف الدولة الأساسي هو تأكدها من وصول الدعم لمستحقيه, هكذا صرح د. عثمان محمد عثمان وزير التنمية الاقتصادية لجريدة وطني.حيث أكد أن هناك حاجة ملحة لإعادة هيكلة نظام الدعم المطبق حاليا نظرا لضعف فاعليته في تقليل نسبة الفقر, وذلك لوجود عائلات كثيرة لايشملها نظام الدعم,كما أن الجانب الأكبر من الدعم يتسرب لغير مستحقيه. إذ تكسف الإحصائيات الحديثة أن الفقراء يحصلون علي 16% فقط من مخصصات نظام الدعم والمساعدات بينما تحصل الشريحة الأكثر ثراء في مصر علي 28% من هذه المخصصات علاوة علي عدم التكافؤ في بنود إنفاق الدعم, وأضاف الوزير أن هذه الأسباب دفعت الحكومة علي مساندة الفئات الأقل دخلا. حيث رصدت موازنة 2010 -2011 نحو 117 مليار جنيه لبند الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية بزيادة قدرها 43 مليار جنيه علي موازنة عام 2009-2010 وتشكل قيمة الدعم والمنح نحو 29% من إجمالي المصروفات العامة المقررة في عام الخطة الحالية 2010 2011 مقارنة بنحو 22% في عام 2009-2010 .
ويري د. عثمان محمد عثمان وزير التنمية الاقتصادية أنه طبقا للإحصائيات التي ذكرها التقرير الحديث الصادر عن الوزارة فإن الدعم يمثل هدرا للموارد في جانب منه نتيجة الفاقد في المستخدم من السلع المدعمة, ومثال ذلك الخبز المدعم الذي يستخدم كعلف للحيوانات, بالإضافة إلي ما يسفر عنه الدعم خاصة دعم الطاقة من تشوهات تؤدي إلي عدم الكفاءة في استخدام الموارد وظهور اختناقات وأزمات متكررة في الأسواق.
أكد م. عمرو عسل رئيس هيئة التنمية الصناعية ورئيس لجنة تسعير الطاقة أنه كان ضروريا تعديل أسعار الطاقة للصناعة تدريجيا وصولا إلي أسعار تكلفة إنتاج الطاقة, وإلغاء دعم الدولة للطاقة المستخدمة في الصناعة لتتمكن من وضع ذاتها في مكانة تنافسية حقيقية, ولذلك فقد تم الاتفاق علي تعديل الأسعار علي ثلاث مراحل,ولكن الظروف الاقتصادية العالمية تسببت في تأجيل العمل بهذا البرنامج, وأضاف عسل أن ما تم الاتفاق عليه حاليا يأتي في صالح الصناعة المصرية لتشجيعها ومساندتها لتنفيذ الاستراتيجية القومية لمضاعفة الصادرات جنبا إلي جنب مع برنامج دعم التصدير, ومما يتفق مع سياسات الحوكمة في زيادة كفاءة وترشيد دعم الطاقة تدريجيا .
وأوضح م. عمرو عسل أن الأسعار الخاصة بالطاقة والتي يتم تطبيقها حاليا علي المصانع كان من المفترض تطبقها منذ يوليو عام 2008, وأن جميع دول العالم تطبق هذه الأسعار خاصة في ساعات الذروة بناء علي شرائح مزدوجة , وأن السبب الأساسي وراء هذه التسعيرة الجديدة يعود في المقام الأول إلي أن الدولة تحتاج لتوفير ما يقرب من 16 مليار جنيه لزيادة قدرات الطاقة المستخدمة في المصانع خلال الفترة الحالية, مشيرا إلي أن مصر تعد بالفعل من أرخص الدول في مجال تسعير الطاقة.
من جهته يري محمد أبو العينين رئيس لجنة الصناعة والطاقة بمجلس الشعب أن ترشيد الطاقة من الطبيعي أن تكون له تكلفة علي البعض لصالح آخرين, ولايجب علينا أن ننظر إلي مقدار التكلفة ولا إلي من سيستفيد منها,ذلك أن هذه الزيادة التي قدرتها الدولة لأسعار الطاقة مدروسة بعناية شديدة وتطبيقها سيكون بالتدريج, إلي جانب أنها ستراعي الكثير من التوجهات الاقتصادية للصناعات كثيفة الطاقة, خاصة أن هناك جزءا كبيرا منها يوجه للتصدير!!.
ويشير أبو العينين إلي أن الزيادة في أسعار الطاقة تتمثل ما بين 20% إلي25% من إجمالي حجم الطاقة للصناعات كثيفة الطاقة, وأن الزيادة في تكلفة الإنتاج لاتتعدي 1% وبالتالي فإن هذه الزيادة لن تؤثر في ارتفاع أسعار المواد المنتجة.
أكد جلال الزوربا رئيس اتحاد الصناعات أن القرار الجديد بزيادة أسعار الطاقة للمصانع والمشروعات سواء كثيفة الصناعة أو غير كثيفة الصناعة لن يستخدم إلا في ساعات الذروة, موضحا أن الصادرات للأسواق الخارجية لن تتأثر من هذه الزيادة لأن الأسعار العالمية مرتفعة في الأساس, وأن الدراسة التي أجراها اتحاد الصناعات عن هذه الزيادة أكدت بما لايدعوا للشك أن التأثير لن يتعدي 5% و6% للصناعات كثيفة الطاقة.
أشاد د. محمد يوسف رئيس جامعة بني سويف وأحد أبرز الخبراء الاقتصاديين بقرار الحكومة بأن تكون زيادة أسعار الطاقة تدريجيا, وهذه خطوة تؤكد أن الحكومة جادة في توصيل الدعم لمستحقيه وهي قضية شائكة بكل المقاييس أما الطاقة المتمثلة في البنزين والسولار والغاز والكهرباء تعتبر خدمة يستفيد منها كل المصريين بما فيهم الشرائح الفقيرة التي تمثل الغالبية, ولذلك يجب أن تتأني الحكومة تماما فيما يتعلق برفع أسعار هذه العناصر التي يستفيد منها جمهور المواطنين.
د. رشاد عبده أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة يري أن قصة دعم الدولة للطاقة ليست ظاهرة مصرية فقط وإنما موجودة في معظم بلدان العالم علي تنوع سياساتها سواء رأسمالية أو اشتراكية لكن في الخارج وتحديدا في الدول المتقدمة يشعر المواطن بقيمته وكرامته لتأكده أنه محاط برعاية الدولة وقت الأزمات. الدعم إذن مسألة واجبة أما الدول النامية والفقيرة فلابد من وجود ضوابط في قضية الدعم للتأكد من أن هذا الدعم يذهب بالفعل لمستحقيه فتوجه الدولة فيما يتعلق برفع أسعار الطاقة للمصانع خطوة صحيحة تماما وإن كانت متأخرة.
يقسم د. سمير رضوان الخبير الاقتصادي الدعم إلي نوعين أولهما خاص بالأنشطة الصناعية والتجارية أما النوع الثاني فهو دعم الطاقة بالنسبة للبوتاجاز, علي سبيل المثال سوف يتبين لنا أن الأسطوانة الواحدة تكلف الدولة نحو 32 جنيها وتوزع للموزع بـ 4 جنيهات الذي يبيعها في الظروف العادية بقيمة تتراوح بين 8 إلي 12 جنيها وهو ما يعني أن الدعم لايصل إلي مستحقيه أو يصل بتكلفة باهظة علي المواطن البسيط, وأضاف أنه ضد الدعم الذي يستفيد منه المواطن البسيط ومن ثم فأنه مع دعم الأسرة وليس دعم السلعة.
يختلف م. فؤاد ثابت رئيس الاتحاد العام للجمعيات الاقتصادية في الرأي القائل إن زيادة أسعار الطاقة ستؤدي إلي زيادة القدرة التنافسية للمشروعات, وقال إنه أمر غير صحيح بل علي العكس من ذلك فإن زيادة أسعار الطاقة ستؤدي إلي زيادة تكلفة المنتج خاصة للمشروعات الصغيرة. حيث يجب أن تكون أسعار الطاقة لهذه المشروعات كما هي ومدعومة من الدولة خاصة أنها لاتوفر أي دعم لهذه المشروعات بدليل أن التسهيلات المعلنة من قبل الدولة عن سياسات الإقراض للمستثمرين الصغار لايتم تنفيذها علي أرض الواقع في ظل صعوبات وتعقيدات وآليات الائتمان الصعبة .
وأضاف ثابت أنه كان يجب علي الحكومة بالسماح بكيلو وات محددة شهريا للاستهلاك وإذا مازادت المصانع علي ذلك تقوم الحكومة برفع الدعم عن هذه المصانع, علما بأن معظم المشروعات الصغيرة تستهلك أقل من 500 كيلو وات شهريا أما زيادة أسعار الطاقة للمشروعات كثيفة الطاقة فهي زيادة منطقية. ويري سمير نعمان المدير المسئول بإحدي كبريات شركات إنتاج الحديد أن توقيت رفع أسعار الطاقة للمصانع غير مناسب تماما ,كما أن هذه الزيادة في الأسعار لن تزيد من القدرة التنافسية لمصانعنا مع الأسواق الخارجية, مبينا أن ارتفاع سعر الطاقة هو أحد أهم العناصر التي تؤدي إلي زيادة تكلفة المنتج فكيف يكون لدينا منتج, ينافس في الأسواق الخارجية وتكلفته مرتفعة.