ماذا تعني مصلحة المريض أولا؟… وما الأمور التي ينبغي توعية المريض بها؟… هل الأخلاقيات متبادلة؟… ما الهدف من تصوير المرضي؟ وهل ينبغي استئذان المريض في الصور أو نشرها أو عرضها علي الآخرين؟… ما الأخلاقيات التي يجب مراعاتها داخل غرفة العمليات والمريض مخدر لا يدري شيئا عما يحدث له أو حوله؟ هذا هو محور حديثنا هذا الأسبوع مع د. هيام عادل جورجي استشاري العيون وجراحة الجفون حيث قالت:
يجب مراعاة مصلحة المريض أولا بغض النظر عن الاعتبارات الأخري مثل قدرته علي دفع تكاليف الجراحة أو سوء تصرف المريض مع الطبيب.
المريض غير القادر يجب توجيهه لمستشفي خيري أو مؤمن تقدم فيه الخدمة الطبية علي مستوي يرضي الضمير… الخوف في هذه الحالات من الذين يسيئون استغلال هذه الخدمات من القادرين والذين يستحلون لأنفسهم خدمات مدعمة من أهل الخير بينما غيرهم من الفقراء أولي بها… فالأخلاقيات هنا مطلوبة من المرضي أيضا.
التزام الطبيب بالمتابعة والاستشارة مهم جدا, وأحيانا تكون المتابعة نصف العلاج وفي أحيان كثيرة نجد المريض الشرقي يهمل المتابعة… ولذلك فإن المتابعة مسئولية الطرفين الطبيب والمريض معا.
الاستماع لشكوي المريض بصبر واهتمام ودقة, لأن شكوي المريض تكشف الكثير من المعلومات التي تساعد علي التشخيص, والدقة هنا مسئولية الطرفين المريض والطبيب.
مواجهة المرضي بالحقائق العلمية وتوعيتهم مهمة جدا… ففي مجال أهداف الجراحة كلنا نتطلع إلي النجاح… ولكن يجب أن نعلم أن لكل جراحة نسبة نجاح… كما يجب أن يكون لدي المرضي توقعات غير خيالية بالنسبة للجراحة… فجراحات الجفون عموما تهدف إلي العلاج وتحقيق جفون سليمة تحمي العين وتؤدي وظيفتها المثلي دون الاستهانة بتحقيق شكل جمالي لا يعرض المريض لمعاناة نفسية, ولا ينبغي التركيز علي تغيير الشكل الذي يدخل في مجال العبث بخلقة الله دون داع.
يلاحظ أن بعض العمليات الجراحية ينبغي إجراؤها علي مراحل, ولذلك يجب شرح هذه الحقيقة للمريض بوضوح قبل الجراحة.
الجراحة ليست سحرا
هناك استجابة غير متوقعة, والمقصود بهذه العبارة أن استجابة البشر لنفس العلاج ونفس الجراحة غير متساوية, فهناك جسم يستجيب بطريقة مختلفة عن غيره, وعلي المستوي العلمي هذا أمر مسلم به, بمعني أن المريض لا يجب أن يتخيل أن الجراحة سحر.
تورم مؤقت بعد الجراحة: لأن جلد الجفون هو أرق جلد في جسم الإنسان كله, فمن الطبيعي أن يتورم الجفن بقدر ما بعد الجراحة بصورة مؤقتة تتراوح ما بين أسبوع إلي أسبوعين تقريبا, ولذلك ينبغي توعية المريض بهذه الحقيقة قبل الجراحة, حتي لا يفاجأ بهذا الانتفاخ ويجب أن يعلم أن ذلك شئ طبيعي ومؤقت, ولن يظهر أثر الجراحة إلا بعد زوال التورم.
ضرورة توعية المريض أن مشاكل الجفون تؤذي العين وربما أعضاء أخري بالجسم… فالجفن المرتخي يحرم العين من دخول الضوء بصورة سليمة, مما يعرض العين لما يعرف بكسل العين, لدرجة أن خلايا المخ التي تتعامل مع العين وتتلقي منها الصورة وتترجم الرؤية يصيبها نوع من الضمور بسبب عدم وصول صورة سليمة… كما أن الجفن المنتفخ يضغط علي العين بدرجة ما قد يسبب ارتفاع ضغط العين وفي ذلك خطورة لمرضي الجلوكوما أو المياه الزرقاء… كما أن انحسار الجفون عن العين لأي سبب يعرض العين للجفاف والتقرح.
تبادل الأخلاقيات: من المهم التأكيد علي أن الأخلاقيات يجب أن تكون متبادلة ليس فقط من طبيب لمريض, بل أيضا من طبيب لطبيب ومن مريض لطبيب وأيضا من مريض لمريض.
لا يليق أن يعيب طبيب في زميل له ذهب إليه المريض قبله لمجرد الغيرة أو للظهور بصورة أفضل, فربما شاهد الطبيب الأول المريض في مرحلة مبكرة يصعب فيها التشخيص… وربما رأي الطبيب الثاني أعراضا جديدة ساعدته علي التشخيص. وفي مجال البحث العلمي يجب أن تكون الأبحاث أمينة وحقيقية وليست منقولة عن الآخرين.
كما أن المريض الذي يفتي فيما لا يفهم يؤذي نفسه أولا, كما ينبغي عدم الاستماع أو استشارة غير المتخصصين… كما أن المريض الذي يكذب بشأن معلومة أو تطور معين عن حالته يؤذي نفسه ويضلل الطبيب ويعيقه عن أداء رسالته.
بعض المرضي يتقمصون دور الطبيب ويوجهون النصائح للمرضي الآخرين التي قد تؤذيهم فما يصلح لهم قد لا يصلح لغيرهم حتي لو كان نفس المرض.
توثيق الحالة
لابد من التصوير قبل وبعد الجراحة, ويتم التصوير من أجل توثيق الحالة وعمل ملف متكامل للمريض لمتابعة حالته باستمرار, وعدم توثيق الحالة في الخارج يعتبر تقصيرا… ومن حق المريض أن يقبل أو يرفض عرض صوره علي الآخرين, لكن ليس من حقه رفض التصوير.
هناك أخلاقيات يجب الالتزام بها قبل إجراء العمليات الجراحية, وداخل غرفة العمليات… فمعظم حالات جراحات العيون والجفون تجري الآن تحت المخدر الموضعي, ويعطي المريض مهدئا عاما بحيث يكون يقظا لكن دون توتر وذلك لا يصلح طبعا مع الأطفال.
يجب تحضير المريض ليس في غرفة الجراحة, وإنما في مرحلة سابقة علي ذلك, فبعض الأمراض يجب علاجها قبل الجراحة مثل أمراض الجهاز التنفسي فلا يصح أن يعطس أو يكح المريض أثناء إجراء العملية الجراحية… وهناك بعض حالات أمراض القلب قد لا تتحمل الجراحة إلا بعد إجراءات علاجية معينة سابقة.
وداخل غرفة العمليات يجب التعقيم الدقيق والنظافة التامة ومراعاة واحترام الخط الأحمر لا يتجاوزه أي دخيل عن الفريق الطبي… مع ضرورة إجراء مراجعة دقيقة لكافة الأجهزة الطبية والإمكانات اللازمة والأجهزة الخاصة بمتابعة جسم المريض والأجهزة الخاصة بكل جراحة علي حدة, مع اتخاذ الإجراءات الاحتياطية لمواجهة أي موقف مفاجئ أو ظروف غير طبيعية.
أحمد حياتي