في ضوء زيادة معدلات الطلب والاستهلاك المحلي من الطاقة, وتلبية احتياجات القطاع الصناعي الذي يستهلك القدر الأكبر منها. وأيضا تناقص المخزون المحلي منها وارتفاع أسعار الطاقة علي المستوي العالمي, بدأت وزارة الكهرباء والطاقة بالتنسيق والتعاون مع البنك الدولي في تبني استراتيجية جديدة طويلة المدي تعتمد علي تنويع مصادر الطاقة فيما يعرف بأمن الطاقة, وكذلك الاتجاه للبحث عن بدائل طبيعية غير تقليدية ولا تنضب لتوفير جزء من هذه الاحتياجات, وذلك عن طريق الإعلان عن مشروع الاستخدام السلمي للطاقة النووية, التوسع في إنشاء محطات جديدة لإنتاج وتوليد الطاقة الجديدة والمتجددة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية التي تمتلك مصر فيها مزايا عديدة من حيث توافرها بكميات كبيرة في معظم أوقات العام, ولعدد ساعات طويلة وأثناء النهار, وكذلك وجود مساحات شاسعة في الصحراء يمكن استغلالها في إنشاء تلك المحطات لإنتاج وتوليد الطاقة الكهربائية وتسخين المياه والأفران الشمسية.
ويعتبر البنك الدولي شريكا أساسيا في تمويل ثلاثة مشروعات حيوية كبري لإنتاج وتوليد الطاقة الكهربائية في مصر, تقدر تكلفتها الإجمالية بنحو 375مليون دولار, منها 125 مليون دولار منحة لا ترد, وهي خاصة بمشروعي الطاقة الحرارية الذي بدأ العمل فيه مؤخرا بتكلفة 50 مليون دولار, ومشروع آخر لتوصيل الغاز الطبيعي بنحو 300 ألف وحدة سكنية في القاهرة لكبري, بتكلفة تبلغ 7500 مليون دولار, وهي منحة لا ترد أيضا من البنك الدولي, والمشروع في مراحله الأخيرة لنيل الموافقة عليه, أما المشروع الثالث يتمثل في إنشاء محطة البنية الحرارية بإنتاج الطاقة الكهربائية بقرض ميسر تصل قيمته إلي 250مليون دولار, ومن المنتظر أن يبدأ التشغيل الفعلي لتك المحطة العام المقبل.
من جانبه أوضح د. حسن يونس وزير الكهرباء والطاقة أن هذه الخطة الطموحة لا تزال في البداية, ولم يتم التوسع فيها حتي الآن لعدة أسباب أهمها ارتفاع قيمة التكلفة الإجمالية لإنشاء هذه المحطات التي تتجاوز تكلفة إنتاج الطاقة التقليدية بنسبة تتراوح ما بين 10%, 20% بالإضافة إلي زيادة أسعار المعدات والمهمات اللازمة لإتمام عمليات إنتاج وتوليد الطاقة الكهربائية, كما أن معظم المحطات الموجودة بالفعل حاليا أصبحت قديمة وبدأت تتهالك وتحتاج إلي عمليات صيانة, وبعضها يتطلب إحلال وتجديد شامل. أضاف وزير الكهرباء والطاقة أنه بالنسبة لمشروع الاستخدام السلمي للطاقة النووية كأحد البدائل القوية المطروحة في إطار هذه السياسة الجديدة فإن عنصر التكلفة المالية لا يشكل أي عبء في هذا الأمر, حيث إن تكلفة كليووات/ساعة من المحطات النووية يعادل التكلفة ذاتها في حال إنتاجها من البترول, خاصة أننا لا يمكن أن نعتمد علي طاقة الرياح والطاقة الشمسية فقط لأنهما لا يكفيان تلبية كل الاحتياجات المستقبلية للطاقة.
وفيما يتعلق بتوليد الطاقة الكهربائية من المخلفات الطبيعية أكد د. حسن يونس أن هذا لا يزال في بدايته ولم يتم التوسع في التجارب الخاصة به, فهناك دراسات مبدئية يتم إجرائها علي المخلفات الصناعية والمنزلية وقش الأرز وبعض المخلفات العضوية الأخري من أجل تدويرها لتكون أحد البدائل الأساسية للطاقة, مشيرا إلي أن الهند تعتبر أكثر دول العالم التي أحرزت تقدما في هذا المجال, حيث تقوم بتجميع النفايات ودفنها فينتج عنها غازات بديلة للوقود تستخدم للأغراض المنزلية مثل الطهي وغيره.
جدير بالذكر أن البنك الدولي يقوم حاليا بإعداد مجموعة من الدراسات الشاملة المرتبطة بسياسة الطاقة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ستظهر نتائجها خلال الأشهر القليلة المقبلة تتعلق بنظم إدارة الطاقة وتحسين كفاءة استخدامها وعمليات ترشيد الطاقة التي يمكن أن توفرها بين 10%, 12% من معدل الاستهلاك العام لها, كذلك يقوم البنك الدولي بإعداد دراسة عن تسعير الطاقة الكهربائية في مصر التي تعتبر تكلفتها علي المواطن المصري أقل بكثير مقارنة بالتكلفة العالمية لها.