** في لقاء قد يكون الأول من نوعه علي مستوي الجمهورية نظمت جمعية الصراط المستقيم والتي أسسها فضيلة الشيخ أحمد يوسف الداعية الإسلامي وأحد أقطاب جماعة الجهاد, واللجنة الثقافية بمطرانية السيدة العذراء ببني سويف برئاسة القمص يوسف أنور, لقاء معا من أجل مصر بالقاعة المكشوفة بقصر ثقافة بني سويف وبحضور المفكر الإسلامي كمال حبيب, والدكتور محمد منير مجاهد منسق جمعية مصريون ضد التمييز, وأكثر من 1000 من المسلمين أغلبهم من جماعة الجهاد وعدد من الأقباط وبعض رجال الدين الإسلامي والمسيحي.. وأدار اللقاء المهندس إسماعيل شافعي.
** فضيلة الشيخ أحمد يوسف قال في كلمته: إذا أردنا حل المشاكل الطائفية لابد أن نصل إلي الأصل, وعندما دخل الإسلام إلي أرض مصر, الإسلام دخل دون إكراه, وبقي من بقي, ووضعت حدود وشرائع لمن بقوا علي دينهم فلهم حقوق لابد أن نعترف بها لأنها نزلت من عند الله, ولابد أن تعطي هذه الحقوق لأصحابها, أما الكلام بأن هذه البلاد للمسلمين من يعجبه أن يبقي ومن لا يعجبه عليه أن يتركها ويهاجر هذا كلام غير مقبول, وما يقال أن هذا البلد لطائفة معينة لأنهم أصل البلاد هذا أيضا كلام غير مقبول, فلابد أن نتعايش, لأن التعايش أصبح ضرورة حتمية وواقعية وشرعية ومنزلة من عند الله, وإذا أردنا أن نصلح مجتمعنا وندخل حياة جديدة ومجتمعا جديدا علينا مراجعة الماضي.. فليس من العيب أن نخطيء ولكن العيب كل العيب هو التمادي في الخطأ لأن لأهل الكتاب حقوقا أنزلها الله في كتابه, ويؤسفنا أن نري كنيسة تحرق رغم ما عرف عن أهل مصر من طيبة في القلوب وتسامح في العقيدة, أو أن يهان قس أو تسلب أموال بسبب الدين أو العقيدة, فلا يجوز لرجل أن يتعرض لآخر من أجل دينه فهذا ممنوع شرعيا ودور العبادة محفوظة ومصونة حتي في أشد الأوقات صدامات وحروبا ولا يصح أن تنتهك حرمة الأديرة والكنائس أو التعرض لمن يتعبد فيها.
** وفي كلمته قال القمص يوسف أنور: ما أحوجنا هذه الأيام إلي السلام.. ونحن نبغي ونطلب السلام من الله سواء السلام مع الله أو مع بعضنا البعض, والمعني الروحي لكلمة السلام هو راحة الإنسان داخليا وخارجيا وأن الأديان تحض علي السلام فالكتاب المقدس يقول طوبي لصانعي السلام وهناك ركائز وأركان وقواعد للسلام الاجتماعي وأول هذه الأركان الإدارة السلمية للتعددية.. فنحن نعيش في مجتمع من خلفيات مختلفة متنوعة الثقافات والمستويات ولابد أن يعطي للكل حرية التعبير, والاحتكام للقانون من أهم عوامل تحقيق السلام الاجتماعي والحكم الرشيد والشفافية والتمكين والمشاركة.. كما أن حرية التعبير ضرورة لضمان السلام في بناء الوطن والعدالة الاجتماعية.. وأشار إلي أن أعمدة السلام التي يبني عليها سقف المجتمع هي الرحمة والمحبة والعدل والانتماء وقبول الآخر وقد نواجه مشكلات تقف حائلا أو عائقا ضد تحقيق السلام وأول مشكلة هي التباعد والانعزال.. فلابد أن نقتل التباعد والسلبية.. والإقصاء والانعزال يؤديان إلي أن يعادي الآخر أو أن يحاربه, وهذه اللقاءات المشتركة تساعد في تخطي عذه المشكلات لنقف معا جسما واحدا كما لابد أن نركز علي القواسم المشتركة, فنحن جميعا نؤمن بالله واحد وأن المجتمع المدني والدولة المدنية تعطي الأمل في تجاوز مشكلات المجتمع وتقديم نموذجا جديدا للسلام الاجتماعي.
** وأشار المفكر الإسلامي كمال حبيب إلي أن مشهد اليوم يسر القلب والخاطر ويشعرنا أننا أمام مصر جديدة.. ففي ميدان التحرير خلال 18 يوما أسقط النظام السابق وظهرت هوية جامعة جديدة لكل المصريين فكان الجميع برفعون علم مصر دون الإشارة لأي أديان أو انتماءات, ولكن بعد سقوط النظام السابق ظهرت الشعارات الخاصة مما يعد انتقاصا لما أسسته الثورة.. فالنظام سقط لكن لم تتغير العقول والنفوس, والصعوبة الحقيقية هي انتقال الناس لثقافة العدل والمساواة واحترام كرامة الأنسان واحترام العقائد وهذا يحتاج إلي نضال حقيقي ليس في الصالونات المكيفة وإنما نضال حقيقي, ومثل هذه اللقاءات تطمئن الناس أن الثورة تأخذ مسارها الطبيعي ومصر محتاجة لعمل أهلي أكثر من الأحزاب, وإقامة نظام سياسي قوي لا يحدث إلا بمجتمع متماسك, يستند إلي قوة الجماعة الوطنية فمصر ليست ملكا لأحد وإنما ملك لنا جميعا, ومتطرفو العلمانية يتلاعبون بالورقة القبطية ليس حبا في الأقباط وإنما لتحقيق مأربهم ويستخدمون تلك الورقة كمخلب قط في صراعهم السياسي مع الإسلاميين, والتوتر الطائفي مظهر يحمل بداخله مشاكل اقتصادية واجتماعية, والنظام السابق هو من صنع هذه الأزمة فلا يوجد فروق حقيقية في المظهر بين المسلم والمسيحي وأن عافية مصر في الجماعة الوطنية, لو حصل الاختلال لهذه الجماعة لن تقوم مصر علي رجليها وعلينا واجب أن نطمئن إخواننا المسيحيين وأن يكون الخطاب الإسلامي خطابا تطمينيا.
** وأشار الدكتور محمد منير مجاهد منسق جمعية مصريون ضد التمييز إلي أن لولا تضحيات الذين سقطوا في 25 يناير لما كان مثل هذا اللقاء وأن المواطنة هي تعبير حديث يعني الانتماء والعضوية الكاملة والمتساوية في المجتمع دون النظر إلي الدين أو الجنس أو اللون.
ومصر مرت بتطورت عديدة ليست خارج سياق التطور البشري وعندما تمييز في مجالات متعددة مثل رفض قبول عبد الحميد شتا الطالب النابغة في السلك الدبلوماسي بحجة أنه غير لائق اجتماعيا مما أدي إلي انتحاره كما هناك تمييز ضد المرأة والأقباط.. والتمييز يدفع إلي الكراهية ويخسر الوطن كفاءات كانت من الممكن أن تعمل له نقلة مثل الدكتور مجدي يعقوب الذي تعرض للتمييز الديني ورغم ذلك عاد لمصر وافتتح مستشفي لعلاج غير القادرين بالمجان بأسوان فلابد أن يكون المعيار الوحيد لاختيار هو الكفاءة وأن التمييز الديني أخطر أنواع التميز لأن المصريين مسلمين ومسيحيين منتشرون بين جميع الطبقات والمهن وفي كل القري والمدن, فلو نجح المخطط لزرع الفتنة بين المسلمين والأقباط ستنفجر مصر كلها لأنه لا يمكن تقسيم مصر مثل السودان.
** في نهاية اللقاء تم فتح باب النقاش الذي شهد تفاوتا كبيرا في الآراء حول أيهما أصلح لمصر الدولة المدنية أم الدولة الدينية, بعدها أعلن الشيخ أحمد يوسف توصيات المؤتمر والتي تلخصت في:
** العمل علي إزالة أي مشكلات قد تظهر في الأفق تعكر صفو العلاقة بين أبناء المجتمع الواحد.
** النظر في النزاعات والمشكلات التي تظهر وحل هذه المشكلات حل جذري في إطار الدولة القانونية.
** تنظم جمعية الصراط المستقيم وجمعية التنوير واللجنة الثقافية بمطرانية بني سويف دورات تدربية لتأهيل الشباب لسوق العمل.