يجب أن تنجح الجهود الدولية الراهنة لتحقيق استقرار أفغانستان وإعادة بنائها. ويجب ألا يكون هناك أي شك في أن أفغانستان اختبار حاسم لحلف شمال الأطلسي (ناتو). فقد تم تخطيط هجمات 11 سبتمبر في أفغانستان، وما زالت القاعدة تمارس نشاطها هناك، وما زال مصير البلد أمراً استراتيجياً ورمزيا.
لقد شهدت أفغانستان تقلصاً في معدل وفيات الأطفال بلغ 22 بالمئة مقارنة بما كان عليه إبان حكم طالبان. ولم يكن بمقدور سوى 8 بالمئة من المواطنين الأفغان الحصول على الخدمات الصحية بسهولة في عام 2001. أما اليوم، فقد أصبح حوالى ثلثي سكان أفغانستان متمتعين بهذه الخدمات. وقد تم، منذ سقوط نظام طالبان، إصلاح حوالى ألف ميل (1609 كلم) من الطرق الرئيسية والفرعية. وساهم هذا في اقتصاد نام حقق زيادة بلغت 13 بالمئة في الناتج المحلي الإجمالي في عام 2007. كما ازداد عدد التلاميذ في المدارس حتى أصبح خمسة أضعاف ما كان عليه في عام 2002، وأصبح هناك اليوم 5 ملايين تلميذ أفغاني في المدارس وتم تسليم 60 مليون كتاب مدرسي. وقد استثمرت الولايات المتحدة حتى الآن حوالى 5 مليارات دولار في جهود إعادة الإعمار. واستثمرت بقية الأطراف الأخرى في المجتمع الدولي حتى أكثر من ذلك.
ومع ذلك، ورغم أن هذه الاستثمارات أنتجت مكاسب يمكن إثباتها إلا أن الوضع الإجمالي في أفغانستان لا يزال مقلقا. فالمؤسسات الديمقراطية هشة، والحكومة لا تملك السيطرة على مناطق لا يستهان بها من البلد. وتمول تجارة مخدرات ضخمة تنظيم طالبان الذي يبدو، رغم النكسات، قادراً على تجديد صفوفه. وتتطلب هذه الظروف التزاماً موطد العزم من دول حلف شمال الأطلسي، وغيرها من الشركاء في التحالف، بالمساعدة في إحلال الأمن ودفع عجلة قضايا إعادة الإعمار والديمقراطية وسيادة القانون في أفغانستان.
ويتعين على أفغانستان، من جانبها، أن تكون ملتزمة ببناء جيش كاف وتوفير ميزانية ملائمة والسيطرة على أراضيها. فحلف شمال الأطلسي لا يمكنه أن يكون سوى قوة انتقالية.
لقد اندلع، لدى انتهاء الحرب الباردة، نقاش حول استمرارية وأهداف حلف شمال الأطلسي، وبعد الكثير من الجدل والنقاش، تعزز استقرار أوروبا كثيراً من خلال إضافة أعضاء جدد إلى حلف شمال الأطلسي. وقد ثار هذا النقاش مجدداً في ظل النزاعات في منطقة البلقان. ويبدو أن كل حالة من هذه الحالات عززت قيمة حلف شمال الأطلسي.
ورغم ذلك، يستمر النقاش حول فعالية الحلف أثناء اصطدام قوة المساعدة الأمنية الدولية (ايساف) التي يقودها ناتو بالحدود المفروضة على العمليات المنسقة بين أعضائه. وهناك نقص مثير للقلق في الالتزام السياسي يعيق العمليات الجارية حالياً في أفغانستان.
لقد ولت الحقبة التي كان يمكن فيها لحلف شمال الأطلسي حصر مهماته في الدفاع عن القارة الأوروبية منذ زمن طويل. وبانتهاء الحرب الباردة، أصبحت أخطر التهديدات لأوروبا وأميركا الشمالية تهديدات تنبع من مناطق أخرى في العالم. ويتطلب هذا من الأوروبيين والأميركيين أن يكونوا أكثر جرأة في إعادة صياغة تحالفاتنا وتشكيل هيكليات جديدة وتغيير طريقة تفكيرنا.
ويتعين على حلف شمال الأطلسي، كي يكون ذا صلة تامة بأمن ورفاه شعوب الدول الأعضاء فيه، أن يفكر عالمياً ويتصرف عالميا. ويسرني أن أسمع أن حكومة بوش تراجع حالياً الأسلوب الذي تنتهجه في أفغانستان. وأتطلع إلى سماع المزيد عن ذلك اليوم.
ويجب أن يقود قرار إرسال 3 آلاف عنصر إضافي من مشاة البحرية الأميركية إلى أفغانستان الشركاء إلى الشعور بأن (الولايات المتحدة) ملتزمة بتكريس القوات الضرورية لمحاربة التمرد، ومستعدة للقيام بذلك. كما أننا نقف صفاً واحداً مع القوات الكندية والبريطانية والهولندية، التي تدعو الشركاء إلى تقديم مزيد من الدعم.
وأنا أومن بشدة بأن حلف شمال الأطلسي قادر على التغلب على التحدي في أفغانستان. وقد أثبت قادة قوات ناتو إدراكهم لمدى تعقيد المهمة. وهم يدركون أن النجاح في أفغانستان يتوقف على مواقف السكان ومدى التقدم في إعادة الإعمار وتنمية الاقتصاد بنفس قدر توقفه على النجاحات في ساحة المعركة. إلا أنه يتعين أن تكون لدى قادة قوات حلف شمال الأطلسي الموارد لتوفير الأمن ويتعين أن تتوفر لهم المرونة في استخدام القوات لتلبية أكثر احتياجات أفغانستان الأمنية إلحاحية.
• ريتشارد لوجار هو كبير الأعضاء الجمهوريين في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي