رحلة الإنسان تبدأ من داخل رحم أمه, وهذه المرحلة ظلت مشوبة بالغموض إلي أن تطور العلم والأجهزة الطبية خاصة أجهزة الأشعة التليفزيونية رباعية الأبعاد لتكشف أسرار الحياة داخل الرحم, ولتكشف النقاب عن العديد من الأسئلة بخصوص حياة الجنين داخل رحم الأم! فمتي تبدأ حركته؟ ومتي تشعر الأم بها؟ وما هو الوقت المثالي للتواصل معه؟.
كل هذه الأسئلة التي تثير فضول الكثير من الآباء أجابت عليها د. سحر إبراهيم طبيبة النساء والتوليد قائلة: إن حركات الجنين تبدأ في الأسبوع السابع تقريبا وبمرور الوقت والأيام تزداد حركاته تعقيدا وتتوظف أعضاؤه تدريجيا؟ هذه الحركات كان العلماء قديما يظنون أنها ردود أفعال, إلا أنه تبين أنها حركات عضوية غير مخطط لها, وتتطور بحيث يبدأ الجنين بضم وفرد جذعه ثم ضم وفرد أطرافه وتحريك جسمه ككل, أما حركات فمه فتبدأ منذ الأسبوع العاشر تقريبا فيقوم بفتح وإغلاق فكه في حركة شبيهة بالمضغ, ويتثائب أيضا في حالة نقص الأكسجين المغذي للدماغ, ولعل هذا ما يجعل ظاهرة التثاؤب ترتبط في بعض الأحيان ببعض الحالات المرضية كفقر الدم وبذلك هي صفة مشتركة بين الأجنة الأصحاء وغير الأصحاء.
بالرغم من أن هذه الحركات تبدأ في أسابيع مبكرة من الحمل إلا أن الأم لا تشعر بها إلا ما بين الأسبوع 16 – 20 تقريبا وما تشعر به الأم يشكل نسبة بسيطة جدا من حركات الجنين الذي ينام ويستيقظ ويمارس نشاطاته, ويتحرك بمعدل خمسين حركة في الساعة إلا أن هذه الحركة تقل في ساعات النهار بسب شعور الاهتزاز الذي تحدثه حركة الأم, وتزداد في المساء عندما تأوي الأم إلي الفراش.
وأوضحت د. سحر أن الوقت المثالي للتواصل مع الجنين هو عندما تشعر الأم به يتحرك وذلك عن طريق تدليك بطنها بيدها والحديث معه وتشغيل قطعة موسيقية هادئة.
مشيرة إلي أن الأغذية والمشروبات لها دور كبير في زيادة حركة الجنين مثل المشروبات الباردة جدا والسكريات والمشروعات التي تحتوي علي الكافيين كالشاي والقهوة والكولا, حيث إن لها تأثير محفز, كما أن التوتر وانفعال الأم يؤدي إلي اندفاع الأدرينالين في جسمها وهذا من شأنه أن يعبر المشيمة ويزيد من مستويات نشاط الجنين وبالتالي من حركته.
وأضافت د. سحر أن الأبحاث التي أجراها العلماء أكدت علي أن الجنين يمتلك جميع الحواس التي نمتلكها جميعا وأولها حاسة اللمس التي تبدأ في الأسبوع السابع يعقبها التذوق في الأسبوع الرابع عشر, أما حاسة السمع فتبدأ في الأسبوع السادس عشر, بالرغم من أن الأذن نفسها تأخذ شكلها النهائي في الأسبوع الرابع والعشرون وهذا ما أكده العلماء, حيث إن الجنين يهتز بقوة للأصوات الصاخبة وآخر هذه الحواس التي تتشكل عند الجنين هي حاسة البصر التي اختبرها العلماء عن طريق تسليط ضوء شديد علي بطن الأم وقد سجلوا استجابة من الجنين.
وبذلك أجمع جميع العلماء علي أن المؤثرات الخارجية فوق المتوقعة بأنواعها المختلفة سواء السمعية أو البصرية أو الحسية تؤثر علي نمط حياة الجنين من حيث النوم واليقظة, مما يؤثر علي تطور دماغه وأعصابه, لذلك يجب توفير تغذية سليمة وحياة هادئة للمرأة الحامل بعيدا عن التعرض لأية ضغوط نفسية.