بين الآباء والأبناء دائما نوع من الخلافات التي تصل في بعض الأحيان إلي تصادم وهو أمر طبيعي يحدث بين جيل وجيل, ورؤية وفكر وفكر, ورغبات ورغبات, وأهداف وأهداف. وأسباب هذه الخلافات ترجع إلي أخطاء الآباء والأمهات وتمرد الأبناء. وعندما نتحدث ونوجه الحديث إلي الوالدين يحدث هذا باعتبارهم المسئولين عن التنشئة والتربية والتوجيه والتعليم. فالأولاد الصغار عجينة لينة تحتاج إلي التشكيل بحكمة وروية وصبر مثل صبر أيوب. وكثيرا ما تحدث أخطاء الوالدين أثناء التربية والتوجيه دون أن يراها أحدهما أو كليهما علي أنها أخطاء. وأول هذه الأخطاء أن يستهينوا بذكاء الأطفال وقوة ملاحظتهم وقدرتهم علي اختزان الإساءة. طبيعة الطفل الحركة والشقاوة والرغب في اللعب والضحك والصوت المرتفع. وأثناء ذلك سوف يخطئ ويعرض نفسه للخطر. ودور الوالدين التوجيه والتعليم ورفض الخطأ والعقاب, والعقاب ضروري بشرط أن يكون علي قدر الخطأ ويهدف للتقويم وليس إعلام الطفل وجرح مشاعره أو تسفيه ما يفعل.
خطأ آخر هو الاستهانة بما يقوله الأبناء وتسفيه رؤيتهم وآرائهم لأنهم صغار خاصة عندما يتحدث الأبناء ويبدون رأيهم. ويتبع ذلك إهمال التحاور معهم والإصغاء لما يقولون وإخفاء الحوارات البناءة والهادئة بين الآباء والأبناء مع أن كل حوار هادئ يزيد الفهم بين الاثنين ويؤدي إلي تضارب الأفكار والآراء ووجهات النظر ومهما كان انشغال الوالدين بأعمالهم وهمومهم وحياتهم فلابد من تخصيص وقت ليجلس الآباء والأبناء معا لإقامة هذا الحوار النادر الحدوث في كثير من البيوت. خطأ آخر يحدث كثيرا في بيوتنا وهو التفرقة في المعاملة بين الأبناء لسبب أو لآخر مثل التفرقة بين الذكور والإناث, وبين الكبير والصغير, وبين الهادئ والشقي, وبين الذكي والأقل ذكاء, وبين المتفوق والأقل قدرة. وإيثار أحد الأبناء عن الآخرين.
مهما كانت الاختلافات فلا يجب أن تكون مبررا للتفرقة, لأن هذه التفرقة تزرع في قلوب الأبناء وعقولهم مشاعر الغيرة والإحساس بالظلم والكراهية والحقد, والتساؤل لماذا يفعل الآباء ذلك؟ وتكبر هذه المشاعر وويختزنها الأبناء إلي أن تنتج سلوكا غير سوي أو انحرافا يصعب تقويمه.
وكثيرا ما يستغرب الآباء هذا المسلك ولا يدركون أنه نتاج مسلك خاطئ منهم فعلوه بوعي أو بدون وعي.
خطأ آخر عندما يقف الأب أو الأم دون رغبة ابن أو ابنة في التعليم الذي يرغب في الالتحاق به, فالأب يريد لابنه أن يكون مثله وأن يسير علي دربه فالطبيب يريد لابنه أن يلتحق بكلية الطب, والمهندس كذلك والمحامي, والضابط والصحفي.. وهكذا فإذا رفض الابن أو الابنة هذا القرار من الآباء وتمسك كل واحد برأيه يشعر الأب بخروج الابن عن طاعته وأنه لم يقدر ما صنعه الأب من أجله وتسوء العلاقة بينها وتصل أحيانا إلي حد القطيعة, أما الابن فهو يري أن له شخصية مستقلة وحياة يريد أن يشكلها كما يريد, وأن الأب لا يمتلكه ولا يحق له أن يحرمه طريق اختاره وأراده لنفسه, وبالطبع يحدث ذلك مع الابنة وإن كان بشكل أقل حدة وغضب.
آخر الأخطاء يتمثل في التدخل غير المبرر وبشكل مبالغ فيه عندما يكبر الصغار ويريدون الاستقلال بحياتهم واختيار شريك الحياة, إن دور الآباء والأمهات النصح والتبصير بالعواقب.. النصح فقط دون إملاء رأيهم وإرادتهم.
إنها أخطاء تحدث بقصد وبغير قصد ويمكن بالوعي والتفكير أن يتفاداها الوالدان من أجل مصلحة الأبناء وسعادتهم ونجاحهم في الحياة.