أقرت وزارة الاستثمار في قطاع التأمين حزمة من السياسات التأمينية مؤخرا لتحديث ملكية شركات التأمين المملوكة للدولة, وذلك بمشاركة خبرات دولية ومحلية, حيث جاء قرار دمج شركات التأمين كنتاج لمشروع إعادة الهيكلة الذي تم اتخاذه في ضوء الدراسات العلمية, فيما اعتبر بعض الخبراء القرار خطوة لبيع وخصخصة شركات التأمين العامة في مصر انسجاما مع مطالب منظمة التجارة العالمية بضرورة تحرير قطاع التأمين في مصر.
أوضح د. محمود عبد الله رئيس الشركة القابضة للتأمين أن قطاع التأمين المصري رغم حيويته وأهميته إلا أن مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي, ضعيفة حيث بلغ المتوسط خلال الخمس سنوات الماضية 0.8% تمثل نسبة إجمالي الأقساط إلي الناتج المحلي الإجمالي, أما في حالة إضافة أقساط صناديق التأمين الخاصة نجد أن النسبة ترتفع لتصل إلي 1.1% وبذلك يصبح نصيب مصر من سوق التأمين العالمية لايتجاوز 0.02% طبقا للإحصائيات الدولية لعام 2005 كما أن الحصة السوقية لشركات التأمين العامة كانت تتناقص بشكل متزايدا في كل عام, وهذا التناقض في الحصة السوقية للشركات العامة يذهب إلي الشركات المنافسة بما يمنح مزيد من القوة للمتنافسين ومزيدا من الضعف لنا,وبناء عليه أصبح استمرار شركات التأمين العامة بأوضاعها الحالية أمرا مستحيلا لذا جاء قرار الدمج لتكوين كيان تأميني عملاق وليس خطوة علي طريق خصخصة القطاع وإنما جزء من برنامج إعادة الهيكلة الذي يهدف إلي النمو وزيادة العمالة ولن يتحقق هذا سوي بجذب رؤوس أموال جديدة للمساهمة في قطاع التأمين من خلال خطة لزيادة رأس المال وتوسيع قاعدة الملكية عن طريق الطرح للاكتتاب العام .
وحول مستقبل أوضاع العمالة نفي عبد الله إمكانية الاستغناء عن العمالة الحالية, موضحا أنه سيتم تجميع الكوادر والخبرات الفنية في القطاعات المتخصصة مما سيوفر الخبرات وإتاحة فرص التدريب لصغار الموظفين للاستفادة من الخبرات وخلق صف ثان يمتلك مهارات فنية متميزة.
ومن جانبه رحب د. محمد يوسف نائب رئيس جامعة القاهرة ورئيس هيئة الرقابة علي التأمين سابقا بقرار دمج شركتي الشرق للتأمين والمصرية لإعادة التأمين في شركة مصر للتأمين موضحا أن حجم شركة المصرية لإعادة التأمين يبلغ 320 مليون جنيه منها أقساط بقيمة 150 مليون جنيه من السوق المحلية وباقي الأقساط محصلة من شركات قطاع خاص وشركات عربية, كما أن تصنيفها الإئتماني هو B++وهو مايعني عدم قدرتها علي المشاركة في عمليات إعادة تأمين دولية وفي المقابل فإن شركة مصر للتأمين يتجاوز رأسمالها مليار جنيه أي مايعادل ثلاثة أمثال المصرية لإعادة التأمين وتصنيفها الإئتماني A-وهو تصنيف جيد يتيح لها فرصة المشاركة في عمليات إعادة التأمين الدولية في جميع دول العالم فضلا عن وجود قسم متخصص في إعادة التأمين بداخل شركة مصر للتأمين وهو مايؤهلها لاستيعاب الشركة المصرية لإعادة التأمين وذلك في سبيل رفع القدرة المالية والتأمينية نظرا لصعوبة تحديات السوق العالمية التي تفرض التعامل مع الكيانات الاقتصادية والمالية الضخمة.
وعن الإبقاء علي شركة التأمين الأهلية دون دمجها في كيان تأميني آخر أشار د. محمد يوسف إلي صعوبة دمج شركة التأمين الأهلية نظرا لامتلاكها عدد كبير من العقود والتعاملات يقدر بالمليارات كما أن لها دور استيراتيجي في التأمين الإجباري والعقود طويلة الأجل بالإضافة إلي اختلاف خصائص أنشطة الشركات التأمينية الأخري.
وأكد د. عادل منير رئيس الهيئة المصرية للرقابة علي التأمين أن قرار الدمج يعد بمثابة الخيار الأمثل لتحقيق أهداف الدولة من شركات التأمين العامة, موضحا أنه سيساهم في تحقيق التكامل بين الأنشطة وتدعيم المركز المالي للكيان الجديد.
وأضافمنيرأن الدمج سيجعل السوق المصرية أكثر جاذبية لاستثمارات شركات التأمين العربية والعالمية في ظل تحسين المناخ وتمتع إحدي الشركات العامة وهي مصر للتأمين بتصنيف عالمي جيد مؤكدا أن قرار الدمج جاء بعد تطوير تشريعات التأمين وإنشاء الشركة القابضة للتأمين التي تعاقدت مع تحالف محلي ودولي لدراسة أنسب السبل لتحسين أداء الشركات العامة وانتهت الدراسة التي استغرقت نحو عامين إلي خيار الدمج.
وعلي الجانب الآخر رفض د. شريف قاسم أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات قرار دمج شركات التأمين مؤكدا أن تلك السياسة تقع ضمن قائمة تقليص دور شركات الأموال العامة, سواء كانت في القطاع المصرفيالبنوكأو في قطاع شركات التأمين العامة بحيث يتم تنفيذها مرحليا من خلال تجميعها تمهيدا لبيعهها تحت إدعاءات الدمج وإعادة الهيكلة لتكوين كيانات مصرفية واقتصادية ومالية ضخمة لمواجهة تحديات السوق العالمية ولكن هي في الحقيقة استمرار لسياسة بيع كل ثروات المجتمع المصري.
ومن جانبه أوضح أنور ذكري رئيس مجلس إدارة المجموعة العربية المصرية للتأمين أن قطاع التأمين بوجه عام يعتمد علي الكيانات والأرقام الضخمة, فكلما تم دمج عدد كبير من الشركات إنصب ذلك في مصلحة العملية التأمينية برمتها لأن, ذلك من شأنه زيادة الملاءة المالية وانخفاض الأموال التي يتم تحويلها للخارج في شركات إعادة التأمين, وذلك لخدمة المستثمرين والمؤمن عليهم.
وردا علي سؤال حول الإضرار بمصلحة العاملين جراء عمليات الدمج أوضح ذكري أن القانون يحمي حقوق العاملين بموجب المادة8من قرار رئيس الجمهورية بإنشاء الشركة القابضة للتأمين حيث تنص علي عدم المساس بحقوق العمال أو الإضرار بها.مؤكدا أن الإدارة الحكيمة هي التي توظف العمالة الزائدة في مواقع وظيفية جديدة نظرا لاحتياج الكيانات الجديدة لأعداد هائلة من العمالة في مختلف التخصصات.