الأسبوع الماضي كان حديث الساعة في بريطانيا,هو استقالة قائد شرطة لندن سكوتلاند يارد أيان بلير ,تحت ضغوط عمدة لندن, والذي لا يملك قرار تعيينه أو بقائه أو إقالته. ما الحكاية إذن؟
الأسباب التي دفعت الرجل إلي الاستقالة عديدة, آخرها ما أشيع عن استخدامه المال العام لدفع راتب صديق يعمل مستشارا لديه, وموجة التذمر في أوساط القيادات العليا لأسباب عرقية,حيث اتهمه بعض الضباط من أصول عرقية مختلفة,بأن عملية التقييم للتصعيد أو البقاء في مناصب بعينها تخضع لاعتبارات عرقية, فضلا عن حادثة قتل شاب برازيلي عن طريق الخطأ, بعد أن اشتبه بأنه إرهابي. ورغم مساندة وزير الداخلية للرجل, ومناشدة رئيس الوزراء جولدن براون له بألا لا يقدم استقالته,إلا أنه فعلها في نهاية المطاف.
القضية حزبية في المقام الأول. عمدة لندن المحافظ ؟بوريس جونسون لا يريد أن يتعامل مع قائد شرطة عمالي, لم يعطه فرصة, أو لم يعط العلاقة بين الجانبين فرصة للعمل المشترك, بل من اليوم الأول لوجوده في السلطة أعلن عمدة لندن,صراحة,رغبته في الإطاحة بقائد الشرطة. وقد فعلها في النهاية, عندما حاصر الرجل, وضيق عليه الخناق, مستفيدا من الحملة الصحفية عليه, فما كان منه إلا أن قدم استقالته من أجل سكان لندن, والشرطة بها,علي حد تعبيره. وأضاف أيان بلير قائلا أعلمني عمدة لندن الجديد بوضوح وبطريقة سلسلة,ولكن حاسمة بأنه يريد تغييرا علي رأس سكوتلاند يارد, ومن دون دعمه لن أتمكن من مواصلة عملي.
بالطبع بوريس جونسون لن ينسي لشرطة سكوتلاند يارد ما فعلته في حقه في يونية الماضي, عندما صادرت علبة السيجار الخاصة بنائب الرئيس العراقي السابق طارق عزيز,منه. وكان جونسون قد حصل علي العلبة الجلدية من بيت طارق عزيز,الذي تعرض لغارة أثناء زيارة لجونسون إلي بغداد عام 2003 عندما كان صحفيا. ووفقا لمرسوم الأمم المتحدة لعام 2003 فإن علي كل من يحوز أية ملكية عراقية ذات طابع ثقافي أن يسلمها للشرطة.
وقال جونسون في مقال كتبه في صحيفة الديلي تلجراف,إنه حصل علي علبة السيجار بعد أيام من احتلال الأمريكيين لبغداد. ووصف لحظة عثوره عليها, قائلا: حين رأيتها أيقنت أهميتها وقلت في نفسي: إن كانت هذه تخص طارق عزيز فما هي يا تري الأحداث التي شهدتها.
وأضاف جونسون,إنه تلقي رسالة من طارق عزيز,عرض عليه فيها علبة السيجار كهدية, ونحي باللائمة علي حزب العمال واتهمه بالوقوف وراء إثارة القضية, وقال:في وقت تحاول فيه الشرطة التركيز علي مواجهة جرائم السكاكين وإعادة الأمن إلي الشوارع,فإنهم يبددون الوقت والمال في قضية لن تخدم أمن البلد.
هكذا تلعب السياسات الحزبية دورها في وقت يبدو فيه أن بريطانيا مقدمة علي تغيير سياسي. حزب المحافظين يري أن القضية بالنسبة له مسألة وقت, وأنه باتقاب قوسين أو أدني, من السلطة,وأداء حزب العمال في تراجع, وأن بريطانيا العمالية لأكثر من عقد من الزمن آن الأوان لتعود محافظة مرة أخري… ولكن من يدري؟