دقت الساعة التاسعة صباح اليوم وإذ بزحام يتكدث على بوابة الكاتدرائية ووسط حراسات وإجراءات أمنية مشددة اكتظ الآف البشر مدفوعين بقصدهم الي مدخل كنيسة البطرسية في مشهد يضعف موسم الأعياد السيدية الكبرى ، ولا سيما عرس ملوكي عظيم اوترقية شخصية مرموقة خدمت الشعب لعقود مديدة ، وبمجرد انعطافهم نحو قدس الأقداس وجدوا أمامهم أيقونة مزينة بالورد الأبيض تحتضن ملامح سيدة العرس ملكة مرهبة كجيش بألوية المدعوة بأسم “الشهيدة ماجي مؤمن” محفورة ملامحها البرئية المهيبة وهي في قلب ملكها ” الرب يسوع ” رافعاً علامة النصرة بصولجان العدل ، فاليوم هو ذكري دفع ثمن شهادة إيمان قدمتها صغيرته “ماجي” منذ أربعين يوم ماضية معلنه نصرتهاامام عدو غادر قبيح الوجه ظن في خياله ومستنقع أفكاره الدنس انه بقتل الأبرياء يربح رب الملكوت ولا يدرك غشم فعله بأنه قدمهم هم ملوك ابرياء اطهار في ملكوت رب الرحمة والعفة ، وماربحه هو الا شظايا قشطت اعماق الجدران الجرانيت والأخشاب لتحفر إثمه علامة وشهادة لخثته ادانة له ولأتباعه على مر العصور .
وبقلب واحد وقف الشعب ناظرين اختيار الحمل المقدس الذي دفع فداء عنهم لأجل خلاصهم ، ثم أخذوا يستمعوا إلى الرسائل الواردة لهم من المندوب السماوي عبر قراءات البولس والكاثوليكون والابركسيس كبرقية عذاء عن غياب الملكة “ماجي” بالجسد وباقي اقريبتها من الشهداء الذين استشهدوا وسبقوها بعشرة ايام ارضية يهيئوا لها الموكب الثمين حيث الأصغر في هذه المملكة يصير الأعظم .
ومباشراً رفع “بيير” راية الصليب معلنا مرد الإنجيل الذي ختمت به دماء شريكته في البطولات المسرحية وبوعد منه ومن كل الذين أشتركوا في الصلاة ان يحفظوا هذه الوديعة ويتمسكون بها للمنتهى .
وعلى إثر هذه الكلمات اعتلى المنبر الشيخ الوقور والمسؤل عن مهرجان الكرازة الذي كان تتدرب فيه الأميرة “ماجي مؤمن ” لمدة اربع سنوات متتالية ، وهو نيافة الانبا موسى ، اسقف الشباب ليشير بكلمات البشارة نحو تاج شهداء كنيسة البطرسية ، بادئاً قوله بتحقيق وعد الله لأبنته الصغيرة” ماجي ” ، وهو “لا تخف أيها القطيع الصغير لان أباكم قد سر ان يعطيكم ملكوت السموات ” ، وهو بالفعل ماورد بقرأت إنجيل هذا اليوم تذكار أربعين يوم على انطلاقها الي السماء .
وقال :” ماجي مؤمن “المؤمنة الصغيرة ، هي الآن قد صارت أيقونة في الكنيسة القبطية ، وَمِمَّا لاشك فيه أيضاً ان نجد بيت مسيحي يخلو من صورتها ذات النظارات البريئة النقية التي تفيض من عيناها وتشع منهما الحب والنقاوة التي استمتدهما من عين وقلب باريها حبيبها الرب يسوع حتى صارت أيقونة مواهب وأيقونة محبة وأيقونة خدمة تتشفع عن أمة الكنيسة كلها امام العرش الالهي .
كان احتمالية الانهيار أمر متوقع لأبوين الشهيدة فمن يمتلك هذه الدرة ولا يخور اذ قد ظن انه فقدها ، بل وقعت كلمات الشيخ الوقور كنغمات رنانة علي قلبهما وهو يقول “ماجي صارت الآن لنا جميعاً شفيعة قوية في السماء” كما لو تكن نغمات أجراس الكنيسة عادت بهم لسنوات وهي تستقبلهم في يوم زفافهم مرة آخرى ، وكما تعهدا امام المذبح ان يصيرا جسداً وان يبذل كل منهما لأجل الاخر كما للمسيح من اجل الكنيسة ، هكذا صار نفس اليوم الذي قدما فيه ابنتهما الغالية “ماجي ” الجوهرة الثمينة بعد ان تمموا أمانتهم في تربيتها على أكمل وجه واقفين بجانب بعضهم يستقبلون تهاني وعزاء الكنيسة من اول بطريركها قداسة البابا تواضروس الثاني حتى ابسط رجل في الشعب .