ثلاثون يوما فى كندا بين شهرى يوليو وأغسطس كان الطقس فيها ربيعيا أو مثل شتاء القاهرة، درجة الحرارة بين 13 و25 درجة، المطر يهطل باستمرار، لكن الشمس سرعان ما تشرق علينا، وتخرج إلى الشارع وكأن شيئا لم يحدث، نظافة ما بعدها نظافة، والناس يلعبون دورا مهما فى نظافة بلادهم، ومع هذا الطقس الربيعى أو الشتوى المنعش إلا أن الشمس أحيانا ترينا العين الحمرا لتصبح درجة الحرارة 40 درجة لكنها أياما قليلة.
شعرت بخوف شديد وأنا أتمتع بطقس كندا اللطيف، إلا قليلا، على أسرتى وشعبى فى مصر من الموجة الحارة الحارقة التى انتشرت فى شهر أغسطس وبلغت درجة الحرارة 52 درجة، وكان لها شهداؤها وامتلأت المستشفيات بالمرضى ضحايا الحر، كنت أشفق على بلدى مصر من هذه الهجمة الشرسة من الحر، وقلت لنفسى: ألا يكفى الإرهاب والغلاء، ودعوت الله أن يزيح غمة الحر ويعود الطقس إلى طبيعته الحارة المحتملة. كنت أشعر بالغيظ من المطر والرعد فى كندا بينما بلدى تعانى الحر، الغريب أن الرعد هنا رعداً فعلا، فقد أيقظنى فى الفجر من شدة فرقعاته وصوته المرعب وظننت ان الحرب العالمية الثالثة قد قامت فعلا!.
بينما أجلس مع ابنتى نورا فى حديقة منزلها على حافة أو شاطئ البسين الجميل قالت لى:
اننى لا استطيع أن اجلس هنا إلا فى شهر الصيف القليلة والممطرة، وأنت لاتستطيع، ياوالدى أن تقدر حياتنا هنا فى الشتاء، الثلج يبدأ فى الهطول مع شهر أكتوبر وهو يحدد اقامتنا داخل البيت، وبين جدران المنزل.
يهطل الثلج خفيفا ثم يتجمد حول الشبابيك وفى الشرفات والأبواب ويغلقها تماما، ونحن نترك النوافذ ونغلق البلكونات، ونترك الأبواب الغير مستعملة حتى يأتى الربيع ويسيح الثلج، وينتهى البيات الشتوى، لكننا نزيل الثلج المتجمد من على أبواب المنزل فى الشتاء حتى نخرج إلى العمل، وتصور- يا بابا- يوميا نزيل حوالى نصف متر و أكثر متجمد ثلج حتى تخرج الى الشارع، وقبل الخروج أرتدى كل ملابسى الشتاء الصوف وقفاز اليد وأحذية الثلج، وبعد هذا أخرج فأشعر أن البرد والصقيع قد انتشر فى كل جسمى، وأذهب الى محطة الاتوبيس فى درجة حرارة 40 تحت الصفر أحيانا، إنها كندا حلم المهاجرين، وثلاجة المواطنين، وأمل المحبطين.
إسم كندا معناه بلغة الهنود الحمر، وهم السكان القدامى لها معناه قرية، ويقال أن البرتغاليين الذين اكتشفوا المكان، قالوا فى أول زيارة لهم بلغتهم:( كا نا دا) أى لا يوجد أحد هنا،بسبب قلة وجود الناس فى كندا.
هناك لقايا للهنود الحمر مازالوا يعيشون فى كندا فى الأطراف، والحكومة تحترم وجودهم وتمنحهم مرتبات شهرية للعيش، كما تعفيهم من كل الضرائب، وبعضهم يتاجر بالخمور والسجاير وغيرها، وأسعارهم مخفضة عن السوق.
يعتبر الناس كندا هى أمريكا الشمالية، تبلغ مساحتها 10 مليون كيلو متر مربع تقريبا، أما عدد السكان فيبلغ، حسب آخر إحصاء أجرى عام 2012، 34 مليون نسمة يتحدث أغلبهم اللغة الانجليزية، و26% يتحدثون الفرنسية.
تملك كندا ثروة طائلة كبيرة، فهى تصنع الحديد والصلب والطائرات والآلات والورق، وعدد سكانها بالنسبة إلى مساحتها وامكانياتها قليل، ومن هنا فهى تفتح ذراعيها دائما للمهاجرين، لكن شروط الهجرة الآن أصعب مما كانت عليه فى الماضى، فلا يستطيع كل من هب ودب الهجرة اليها الآن.
عاصمة كندا هى مدينة أوتاوا OTTAWA، وتنقسم كندا الى 13 اقليما أهمها مدينة تورونتو Toronto عاصمة أونتاربو وتتحدث الإنجليزية ، وأقليم كيبيك Quebec الذى يتحدث سكانه اللغة الفرنسية، هناك 98 جامعة فى كل كندا، وفى كيبيك وحدها 18 جامعة ثلاث منها فقط تدرس باللغة الانجليزية، أما وجود اللغتين الانجليزية والفرنسية فهو يعكس الصراع والمنافسة القديمة بين الانجليز والفرنسيين على إحتلال كندا، الفرنسيون هم الذين بدءوا الاهتمام بكندا واحتلالها منذ أوائل القرن السابع عشر، ثم احتلت بريطانيا كندا عام 1763، لكنها لم تستطع احتلال إقليم كيبيك الذى يتحدث الفرنسية، فقد تمسك باللغة وكل شئ فرنسى، بينما تتحدث الاقاليم الاخرى بالإنجليزية.
وحتى الآن نجد صورة ملكة بريطانيا على الدولار الكندى.
هناك محاولات كثيرة من اقليم كيبيك للانفصال وعمل دولة خاصة تتحدث الفرنسية، لكن فشلت كل المحاولات حتى الآن، و لاأحد يعرف ماذا يحدث غدا؟
الطريف ان المهاجرين المصريين فى كندا لايريدون إنفصال إقليم كيبيك الذى يعيشون فيه لأنهم عندما هاجروا، كان هدفهم وأملهم هو الهجرة الى كندا وليس هذا الاقليم وحسب. مما يذكر أن عدد المهاجرين المصريين فى كل كندا يبلغ 73 الف مصرى، منهم 550ر16 نسمة فى مدينة مونتريال Montreal.
اقليم كيبك الذى يتحدث اللغة الفرنسية تبلغ مساحته مليونا و 680 الفا و540 كيلومتر، ومدينة مونتريال هى اكبر مدنه، وهم ينطقونها بالفرنسية(موريال) وقد اخذت إسمها من جبل موريال المرتفع، الذى يتوسطها وفى أعلاه يوجد صليب تستطيع ان تراه وانت داخل المدينة نهارا وليلا لانه يضاء مساءً، ويهرع اهل مونتريال إلى هذا الجبل صيفا للتمتع بالهواء النقى والشمس المشرقة، ويجلسون على النهر الصناعى الصغير وحوله، على ارائك خشبية جميلة مثبتة فى المكان لراحة الزوار، ومن اعلى جبل مونتريال تستطيع ان ترى بانوراما، منظر كلى للمدينة واهم معالمها: الميناء القديم، موريال القديمة والحديثة، كنيسة القديس يوسف، مبنى البلدية، البنوك والهيئات المقامة على احدث طرز العمارة.
أهم جامعة فى مونتريال هى جامعة( ماجيل) نسبة إلى الرحالة الايطالى ماجلان، وسمعت ان الذى يرسب فى مادة واحدة يترك الجامعة لانها لا تقبل الا الممتازين، وكنت سعيدا لأن صديق عمرى، الذى عمل فى عدة دول، ونال درجة الدكتوراه فى الزراعة من ايطاليا، درس فى هذه الجامعة وقدم عدة ابحاث زراعية عن نباتات الزينة ونشرت عام 1980 فى الكتب الرسمية، قال لى صديق عمرى تادرس ميكائيل: التعليم فى كندا مهم جدا وعلى أرقى مستوى، وفى المدارس منذ الطفولة وحتى مرحلة الجامعة لايتم النجاح الا بنسبة 60% اى ان الطالب الذى يحصل على درجة 50% يعتبر راسبا، وهذا احد اسباب تقدم كندا.